الكاتب الصحفي مصطفي ياسين يكتب : زلزال المغرب.. ودروس إنسانية

مصطفي ياسين
شهدت مملكة المغرب الشقيقة- ليل الجمعة الماضية- زلزالا مُدَمِّرا- ذَكَّرَنا بما عانَتْهُ مصر فى عام 92- وقد ارتفعت حصيلة الشهداء إلى 820 شهيدا على الأقلّ، و672 إصابة، من بينها 205 إصابات خطيرة- حتّى كتابة هذا المقال- وفقاً لوزارة الداخلية المغربية، وسُجِّل وقوع الضحايا في أقاليم وعمالات: الحوز، مراكش، أكادير، ورزازات، أزيلال، شيشاوة، تارودان. وأشار مسئول محلِّي إلى أن معظم الوفيّات كانت في مناطق الجبال التي يصعب الوصول إليها.
من جانبه أفاد المعهد الوطني للجيوفيزياء، في المغرب، أنه تمّ تسجيل زلزال بقوّة 7 درجات على مقياس ريختر، ومركزه على بعد 71 كم جنوب غربي مراكش، وعلى عمق 18.5 كيلومتراً، وأن الهزّات الارتدادية، عقب الزلزال، يمكن أن تتواصل بضعة أيام أو بضعة أسابيع قبل أن تختفي.
ووقعت جرَّاء هذا الزلزال انهيارات بعض المباني في الجزء القديم من مدينة مراكش، وهي المُصنَّفة في قائمة اليونسكو للتراث العالمي، وأظهرت لقطات لسور المدينة الذي يعود تاريخه إلى العصور الوسطى شقوقا كبيرة في أحد أقسامه وسقوط أجزاء منه وتناثر الأنقاض في الشارع.
وفى لقطات إنسانية حميمة، تسابق المغاربة لمواساة بعضهم البعض والتعاضد والتراحم فيما بينهم ومَدَّ يد العون والمساعدة،
يتقدّمهم جلالة الملك محمد السادس ، الذى كان أولّ شخص يتوسّط أهله وناسه من المغاربة المُضَارين، وكانت توجيهاته للحكومة بتيسير كل سُبُل الحياة الكريمة والوقوف بجانب المكلومين والمُصابين.
وكانت صور التكاتف الإنسانى فى أسمى معانيها من جموع الشعب المغربى الذى التحم وتضامن معًا فى مواجهة الكارثة الطبيعية، ما كان له عظيم الأثر فى التخفيف عن المُضارين من هول الكارثة.
وكما تسابقت الدول والهيئات والمؤسّسات متضامنة مع المملكة، مُبدية كامل استعدادها للوقوف بجانب المغاربة، فى مشهد يعيد
الإنسانية إلى الفطرة السليمة من التعاون والتراحم، ندعوا الله أن يديم هذه الصور الإنسانية على البشرية لمجابهة التحديات والمخاطر البيئية والطبيعية، فضلا عن المدمرات التى تصنعها البشرية بأيديها لإفناء نفسها، بالحروب والصراعات!
فبِقَدْر صعوبة وألم مثل هذه الكوارث إلا أنها تزيل بعض “الرَان” الذى يصيب القلوب بالتبلُّد والقسوة، وتقرِّبُنا إلى ربِّنا- ولو للحظات قليلة-
وعلينا نحن أن نستحضرها ونتعايشها باستمرار حتى لا نفقد آدميتنا، وننسى أننا مهما أُتينا من قوّة وتحضُّر فهو عند الله لا شئ، “وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلا” (سورة الإسراء: 85).
وللتذكرة فقط، نشير إلى أنه في 29 فبراير 1960 دمَّر زلزال مدينة أغادير الواقعة على الساحل الغربي للبلاد، مُخلِّفا أكثر من 12 ألف قتيل، أي ثلث سكان المدينة.
وفي 24 فبراير 2004 ضرب زلزال بلغت قوَّته 6,3 على مقياس ريختر محافظة الحسيمة على بعد 400 كم شمال شرق الرباط وأسفر عن 628 قتيلا وعن أضرار مادية جسيمة.
فعلينا دائما وأبدا أن نتذكَّر قدرة الله ومشيئته التى هى أعظم من كل وأى شئ، فنحن تحت غطاء رحمته دنيا وآخرة.
فاللهم احفظنا وأهلَنا، وجميع خَلْقِك، واغفر لنا وارحمنا، ونعوذ بك من سَخَطِك وغَضَبِك ومَقْتِك.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.