عبد الناصر البنا يكتب : السكان .. قضايا وهموم توجع القلب !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
منذ أقل من شهر تقريبا أتيحت لى الظروف لـ مرافقة قافلة طبية نظمتها مؤسسات المجتمع المدنى كانت متجهة إلى إحدى قرى مركز ” العياط ” فى حضن محافظة الجيزة ، أى على مرمى حجر منها ، الإنطباع الأول فى هذة القافلة وكما نعلم ” الإنطباعات الأولى تدوم ” أن القرية تغط فى فقر مدقع وجهل ومستوى معيشة متدن للغاية ، وخلى بالك القرية فين ؟ فى حضن محافظة الجيزة يعنى فى القلب من دوائر صنع القرار ، وليست فى أدغال الصعيد أو أحراش الدلتا ،. إلخ ، ويبدو أن صاحب المعالى الوزير المحافظ لايعلم شىء عنها . أو أنها خارج حدود محافظتة ، وأكاد أجزم أنه لم يزورها ، والله أعلم ، والدليل أن خطيب القرية كان يدعو الأهالى فى صلاة الجمعة للتبرع لـ عمل كوبرى مشاة للحد من الحوادث !!
حاصل القول .. أن القرية تفتقد تماما للخدمات الطبية أو قل أنها موجودة ولكن على إستحياء ، أو من قبيل ” زر الرماد فى العين ” وفقا لـ تقارير وإنجازات وزارة الصحة ، ومكمن الخطورة هنا أن مثل هذه القرى وغيرها هى تربة خصبة للجمعيات الأهلية ذات الأجندات الممولة من جماعات بعينها ، ويجيد ” تيار الإسلام السياسى ” اللعب عليها ، ولك أن تتخيل أنها نفس الأرض التى إنطلقت منها جماعة الإخوان سابقا ، والجماعة السلفية التى تسير حاليا على خطاها ، هى حالبا التى تقدم الخدمات وتمد يد العون والمساعدة لـ هؤلاء .
وحتى لا أطيل لك أن تتخيل أن مريضا فى قرية لايجد قوت يومه ، فيجد من يمد له يد العون والمساعدة ويقدم له الأكل والعلاج .. إلخ . لمن يدين هذا المواطن بالولاء ؟ ، بكل تأكيد لمن وقف إلى جانبه وقت شدته حتى لو كان من يهود بنو النضير . وهذا هو ماجعل لـ ” جماعة الإخوان ” تواجد على الساحة فى مصر خاصه فى المجتمعات المهمشة ، وهذا هو جرس الإنذار الأول الذى يجب أن يكون أمام أعيننا ” كل مربع تتركه الدولة فارغا تشغلة الجماعه الإرهابية أومن على شاكلتها بتقديم الخدمات للفقراء والمحتاجين لضمان الولاء لها ” !!
طبعا لا أحد يمكن أن ينكر الدور الذى تبذله الدولة فى حماية الطبقات الـ أكثر إحتياجا مثل ” حياة كريمة ــ وتكافل وكرامة ـ وقوافل الخير .. إلخ ” والتوسع فى تقديم الدعم والخدمات .. إلخ . وهذا مفرغ منه بالطبع .
المشكلة الأبدية السرمدية فى مصر منذ قيام ثوره يوليو 1952 المجيده وحتى اليوم هى الزيادة السكانية ، إللى كلنا شايفينها ” نقمة ” ، وأنها حجر عثرة فى طريق التنمية ، وأنها وأنها وأنها ، وقد يبدو الموضوع شائك ، بل ومعقد . نظرة الدولة فى كل العصور حتى اليوم أن الزيادة السكانية عقبة فى طريق التنمية ، ومن يفكر غير ذلك فهو يغرد خارج السرب ، ولكن هل فكرنا بطريقة مغايرة ونظرنا إلى تجارب الدول التى أعتبرت الزيادة السكانية نعمة مثل ” الهند والصين ” وكيف إستفادت هذه الدول من العدد المهول للسكان وحاولنا تطبيقها ؟
هل فكرنا فى بعض دول الإتحاد الاوربى ” ألمانيا ” على سبيل المثال التى تسمح باللجوء لبعض الفئات العمرية لكى تستفيد منها فى الصناعة ؟ هل فكرنا أن نخوض تجربة جديدة أو مايسمى التفكير خارج الصندوق طالما كل المحاولات التى بذلت منذ الخمسينات حتى اليوم فى تقليل أو الحد من الزيادة السكانية لم تأتى ثمارها وفشلت .. من أيام “حسنين ومحمدين ــ مرورا بالقفة أم ودنين ـ وأقراص أمان موجودة فى الصيدلبات .. إلخ ” .
وللأسف مفيش فايدة قول منسوب للزعيم ” سعد زغلول ” دا إحنا لو النور طفى تعدادنا بيزيد ، وكل إللى الدولة بتعمله فى سنة ، خطيب على المنبر فى زاوية فى كفر البدماص بيهده فى ثانية لـ مجرد أنه يقول أن الرسول (ص) قال : تكاثروا فإني مباه بكم الأمم يوم القيامة !!
الموضوع أشبه مايكون بالبيضة والفرخة وأيهما أسبق ، ولكن هنا من الذى يؤثر فى التانى : هل الزيادة هى عقبة فى طريق التنمية ، أم أن التنمية تبدأ من الزيادة السكانية ؟ ، وأى زيادة فى السكان ، بالقطع المسألة ليست مسألة عدد فالعدد فى الليمون ، كما يقول المثل . وإنما هى أى سكان نجتاج من حيث الوعى التدريب مستوى المعيشة .. إلخ ، وهذا يتطلب تغيير ثقافة المجتمع ورفع درجه الوعى لدى الناس ، هناك حتى اليوم أهالى لنا فى الدلتا والصعيد يعتبروا الأولاد عزوة حتى فى الطبقات الـ أكثر فقرا يعتبروا زيادة النسل مصدر إضافى للدخل ، وهذا الشىء معروف ومعلوم ولا داعى للإطالة فبه .
واحدة من نعم الله علينا أننا مجتمع شباب ، وفي ضوء الإحصاءات التي يصدرها الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء يمكن استعراض أهــــم مؤشـــرات الشـــباب (18-29 سنة) في مصر طبـــقاً لبيانات الســكان عــام 2022 حيث بلغ عدد الشباب في الفئة العمرية (18 ـ 29سنة) 21.6 مليون نسمة بنسبة 21% من إجمالي السكان ، وقدرت البيانات أن 40.2٪ نسـبة مساهمة الشباب (18-29سنة) في قوة العمل . فما بالك للفئة فوق الـ 29 : 60 سنه !!
فى النهاية .. إذا كانت الدولة تريد عمل تنمية حقيقية فى مصر ، وتريد أن تقلل من نسبة البطالة وبالتالى تقليل نسب التضخم والعجز فى ميزان المدفوعات ، والإتجاه للتصدير . لماذا لاتفكر بطريقة مختلفة ؟
من خلال تبنى إسترتيجية تحاول من خلالها الـ إستفادة من الطاقات البشرية الهائلة . ولنبدأ بغزو الصحراء بأن تمهد الدولة الطرق وتوفير مصادر المياه والطاقه والبنيه التحتية ، وتتوسع فى إستصلاح الأراضى وتملكها ” مجانا ” للخريجين ، ويمكن أن تخصص نوع معين من الحاصلات فى كل منطقة . وهنا ح نضرب عشرة عصافير بحجر واحد ” شغلنا الشباب ـ وفرنا منتجات للإستهلاك المحلى والفائض للتصدير وبالتالى إنعاش الدخل القومى وهذه واحدة .
الثانية : هناك مصانع للسكر فى محافظات الصعيد والمعروف أنها من المحافظات الطاردة للسكان ، لماذا لاتتبنى الدولة ولو من خلال المستثمرين ورجال الأعمال ، إتاحة الفرصة لـ إقامة عدد من المصانع التى تقوم على مخلفات هذه المصانع ” مصاصه القصب والمولاس وغيرها ” فى صناعه الورق والأخشاب ، وأيضا الصناعات التكاملية الأخرى مثل ” الكولونيا والعطور والزيوت والخميرة والجلسرين والعشرات من المتجات الأخرى ” وبذلك نكون ضربنا مائة عصفور بحجر .
المشكلة فى مصر ” الكلام ” الكثير وقلة الفعل ، أعلم أن هناك الكثير من العلماء فقدوا الأمل وإعتزلوا الشأن العام لأنه لا أحد يستمع إليهم أو لـ أبحاثهم . أرجوكم ونحن نخطو بثبات نحو الجمهورية الجديدة إبحثوا عنهم وأفسحوا لهم المجال ، أرجوكم أطلقوا يد الشباب لغزو الصحراء وإنتظروا النتيجة ، أرجوكم أبتعدوا ولو قليلا عن أهل الثقة ، والمدعين ، وأتركوا الفرصة للعلماء وللعلم والمفكرين ،
بالأمس القريب دعيت لـ ورشة عمل فى الهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء كم كانت سعادتى بالغة وأنا أرى كوكبة من علماء مصر يقفوا على قدم وساق من أجل خدمة اهداف التنمية وخطة مصر 2030 هؤلاء من يجب إفساح الطريق أمامهم ، وأختتم .. بالعلم تنهض الأمم ، وهكذا فعلت ” الهند والصين ” وهكذا فعل مهاتير محمد فى ” ماليزيا ” دمتم فى أمان الله
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.