محمد نبيل محمد يكتب : الأمن الثقافى (١٣) مهرجان العلمين… تأملات الثقافة لجغرافيا الوطن

محمد نبيل محمد

كان وقع نطق (العلمين) وسمعها بل ومشاهدتها عند المصريين وغيرهم مختلفًا ومغايرًا عما كان بالأمس القريب، فأصبحت (العلمين) عند المناطقة لها من الدلالات والماصدق ما يجعلها خطوة حقيقية على طريق (مصر الجديدة). ومن هذه الدلالات والماصدق؛ أن مصر أثبتت لنفسها أولًا -وللعالم ثانيًا- قدرتها على القيام بفعل التغيير الحضارى بسواعد أبنائها وفكرهم الخلاق وإرادتهم فى تغير حال الصحراء إلى جنة واعدة بمزيد من الفرص.
إن مصر لا تقف عند حد المرثيات والتباكى -كما الآخرين- نحو قضية القضايا (فلسطين)؛ فكما كانت مساعدات مصر تتخطى نسبة السبعين بالمئة من إجمالى مساعدات العالم إلى فلسطين؛ فكذلك وجهت مصر نسبة الستين بالمئة من عوائد فعل التغيير فى (العلمين) لصالح أهالينا فى غزة.
إن مصر أثبتت للعالم أنها ما زالت ثرية بالفنون والآداب، بل وهى المقصد والقبلة كما كانت فى زمن الفن الجميل، لا يشتهر صيت مطرب أو شاعر أو موسيقى أو رسام أو قاص، إلا إذا جاء إلى مصر وتحدث بلهجة أهلها وتغنى وسرد ونظم بها، وهذا ما استعادته مصر فى (العلمين) عندما قدم إليها عموم الفنانين والأدباء من كل فج عميق لتزداد شهرتهم ويذيع صيتهم هنا فى (العلمين).
إن مصر بأهلها قادرة على حشد طاقاتها وإمكاناتها لإحداث الفعل التاريخى فى مرحلة ظن الحاقدون -بل وتمنوا- أن تسكن حركة الوطن وتتوقف صيرورته وتتجمد الصورة ويتخلف الركب…، وعلى العكس انتفض المصريون -بنائون وحكائون- ينحتون فى جغرافيا الحاضر مستقبلًا واعدًا بفرص الاستثمار وعوائد المصالح المشتركة جماعية وفردية هنا فى (العلمين).
إن مصر التى تملك الأذرع المخلصة تستطيع البناء فى ربوع الوطن؛ فما من موقع بالبعيد عن قلب الوطن، فلسان حال المصريين يقول بأن قوة النواة من قوة الأطراف، فحدود مصر جميعها شرقًا آمنة بسواعد العسكريين، وغربها مستثمرة بأذرع البنائين والفنانين والأدباء والاقتصاديين، وجنوبها مصان ونيلها جارٍ، وشمالها معطاء، فلا توقف للحياة كما تمنى الحاقدون. إن مصر بقوتها الناعمة (الثقافة) ما زالت تملك فعل التغير من أجل التحضر والبناء، وتعطى من (العلمين) نموذجًا يصلح أن يحتذى به فى الغردقة والأقصر والوادى الجديد وسيناء؛ فعموم خارطة الوطن تنبت بالخير والنماء أينما توجه المصريون ومتى أرادوا.
إن مصر تعطى نموذجًا فى الإدارة اللامركزية، فتنتقل إدارة الدولة فى يسر وسهولة يتوازيان مع الجدة والحكمة من عاصمة الحكم (القاهرة) إلى العاصمة الجديدة (الإدارية)، وإلى أقصى الشمال الغربى (العلمين)، وبذات القدرة الفاعلة؛ ففى علمَى السياسة والإدارة يصعب بل يستحيل ذلك الفعل إلا عند الدول ذات القدرة على الفعل، ولربما أشار هذا لقدرة الدولة على إدارة شؤونها من أى موقع، وإن كان جنوبًا عند خط ٢٢ أو شرقًا فى عمق سيناء المقدسة.
ان مصر مفعمة بالبهجة وتعيش اجواء السعادة وليس أدل على ذلك إلا بحضور العشرات من الالاف من الأسر المصرية والعربية ايضا للحفلات الفنية والمسابقات الرياضية واللقاءات الثقافية بمدينة (العلمين) وهنا يجب ان تراعى منظمة السعادة المسؤلة عن قياسات السعادة لدى الشعوب وترتيب الدول كما صنف تقرير السعادة العالمي لسنة 2019، والصادر عن شبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة، 156 دولة وفقا لدرجات حققتها بين 2016 و2018، تتعلق بنصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، والرعاية الاجتماعية، ومتوسط الأعمار، والحريات الاجتماعية، وغياب الفساد، وجودة الصحة والتعليم، وسوق العمل وكانت فنلندا الاولى وبوروندى الاخيرة، واتوقع بعد مهرجان (العلمين) فى دورته الثانية ان يتقدم بترتيب مصر عالميا لمقدمته فى قياسات السعادة.
إن مصر تملك صورة هى أصل وطبيعة المصريين تتفرد بها عمن سواها، وهى أننا المصريون جميعنا نملك هذه الأرض كما نملك حرية الانتقال فى ربوعها، فكان فى المشهد (العلمين) التنوع الديموجرافى من فئات عمرية متنوعة، ومثلها من مستويات اقتصادية مختلفة، وأيضًا من تناغم فى تواجد القيادات السياسية والتنفيذية والنيابية وغيرهم جنبًا إلى جنب فى المشهد مع عموم المصريين، فكانت صورة الحاضر دلالة على مستقبل واعد لهذا الشعب ولهذه الأرض (مصر)… ما أعظمك من وطن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.