جيهان عبد الرحمن تكتب : الجامعات كائن حي

أربعة أشهر فقط كانت الفارق بين أخر زيارة له لمصر, من نوفمبر الماضي حتي عودته مجددا مارس الحالي لمتابعة مهامه, رئيسا لمجلس أمناء الجامعة الألمانية الدولية الـGIU
أنه الدبلوماسي الألماني يوليوس جيورج لوي سفير ألمانيا السابق لدي مصر من 2015 حتي بلوغه سن التقاعد 2019 والمرتبط عاطفيا وعمليا بمصر فرغم أنه كان سفيرا لألمانيا لدي الممثلية الدائمة في مجلس أوروبا من 2011 حتي 2015 وسفيرا لبلاده لدي هاييتي لكنه كما يقول يعشق مصر من الصعيد إلي الدلتا وقام بالعديد من الزيارات لكل بقاع مصر, ويحمل الكثير من الطموحات والمشاريع والرؤي المستقبلية سواء بالتعاون مع الحكومة المصرية أو القطاع الخاص, فهو يتابع النمو العمراني الكبير وتطور البناء سواء في العاصمة الإدارية الجديدة حيث مقر الجامعة المميز أو في مصر بشكل عام.
ولأنهم يفكرون دائما بصورة عمليه, ولان الجامعة كائن حي مؤثر يطور المجتمع الذي تتواجد فيه, وتتطور هي بوجود المجتمعات والتفاعل مع قضاياها, قال خلال اللقاء الذي شرفت بحضوره الأسبوع الماضي, انه فور وصوله مطار القاهرة والتجول في الشوارع والميادين شاهد كم البناء وتطور الحركة العمرانية في مصر بشكل كبير, مما كان له الأثر في التفكير مع مجلس الأمناء الذي يضم ممثلين رفيعي المستوي من دولة ألمانيا الاتحادية من وزارة الخارجية والتعليم العالي وهيئة التبادل العلمي بضرورة إضافة تخصصات جديده للجامعة تضم برامج في مجال العمارة والتصميم الداخلي وإدارة العقارات, وتخصصات أخري تعني بالتنمية في المستقبل القريب بعد التغلب علي الوباء العالمي كورونا واستقرار اللقاحات لمكافحته وعودة الحياة الطبيعية ألا وهو مجال السياحة وإدارة الفنادق وهذا المجال يعد من أهم مصادر الدخل القومي لمصر بما تملكه من مقومات سياحية كبيرة, وفي الوقت ذاته يوفر الإدارة المؤهلة ممن خريجي الجامعة.
اللقاء فيه حرص شديد علي التواصل مع وسائل الأعلام المتخصصة في مجال التعليم العالي لنعرف كيف تفكر الجامعة التي ولدت علي أرض مصر بقرار سيادي بين الحكومات بل أن القيادة السياسية في مصر هي من طالبت بالتخصصات التكنولوجية التطبيقية المتميزة والتي تتفوق فيها ألمانيا بشكل كبير, كما أنه يعكس كيف تقرأ هذه الجامعات الدولية المجتمع الذي وافقت ان يكون لها فرع معتمد علي أرضها, حيث ان السفير لوي ليس رجل سياسة وحسب بل كانت دراسته الأولية في فروع الفلسفة اللاتينية والإغريقية وهو قارئ جيد لنصوص أفلاطون وسقراط ثم أتجه إلي العلوم الطبيعية ومنها تأكد أن قوة العالم تتشكل بالتكنولوجيا وقوة أي بلد تقاس بامتلاك المعرفة, ومن خبرته أدرك أن أولياء الأمور في مصر يقدمون تضحيات كبيرة حتي يتعلم أبنائهم أفضل تعليم.
اللقاء أثار في النفس مقارنة في غير موضعها بين حال جامعاتنا الحكومية القبلة الحقيقية لغالبية أبناء الشعب المصري الراغب في تعليم عالي حقيقي يؤهله لسوق العمل, وهل تتعامل بذات المنطق السلس الذي تعامل معه السفير لوي حيث وجد أن المجتمع يسير في اتجاه البناء العمراني ففكر علي الفور في برامج علميه مواكبه, بلا تعقيد أو بيروقراطية عقيمة, جامعاتنا ترفع شعار استقلال الجامعات لكنها في الحقيقة مكبلة بقواعد وقوانين تتعارض مع هذا المبدأ
استقلال الجامعات توجه عالمي لكنه مازال في بلدنا يعاني من عدم وضوح المفهوم وعدم وجود أليات للتطبيق بل ويمكن القول عدم وجود حرية أكاديمية متعلقة بالفكر والإبداع والابتكار العلمي, صحيح أنه وعلي مدي عقود مضت يعاني من نقص التمويل وزيادة أعداد الطلاب ومازالت منظومة إصلاحه متعثرة رغم بعض التحسينات المؤثرة, لكنهم ما زالوا يفكرون هل ننعي الدكتورة نوال السعداوي ام نعاقبها علي أفكارها, رغم أن أكبر جامعات العالم قامت بنعيها, والحجة أنها لم تمارس الطب منذ ثلاثين عاما أعلم أن نقابة الأطباء ليست مؤسسة جامعيه ولا علمية ولا بحثيه لكنها تضم أعضاء اكاديميين بالجامعات تأثروا حتما بالجو العام.
تجربة الجامعة الألمانية التطبيقية الدولية ومن قبلها الجامعة الألمانية بالقاهرة الجديدة الـGUC وغيرها من فروع الجامعات الأجنبية في مصر تجعلنا نقترب من فكر استقلال الجامعات باعتبارها كائن حي مؤثر ويتأثر فهل سيأتي اليوم الذي يتحقق فيه هذا الحلم ووضع المصطلحات في موضع التنفيذ الحقيقي.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.