هاني سالم يكتب : بكل المقاييس دولة المؤسسات … وتد الدولة المطمئنة

بات واضحاً ومؤكداً أن يوم السادس من يناير سيظل يوماً فارقاً في تاريخ أمريكا، فهو اليوم الذي إهتزت فيه صورة الولايات المتحدة الأمريكية، البلد الذي يفاخر بنظامه ويحاضر علي الأمم الأخرى بأخلاقياته، ولن ولم تعود أمريكا كما كانت من قبل،
ولكن ما يقال عن إنهيار الولايات المتحدة وحرب اهليه وفشل النظام السياسي، ليس صحيح ولا يمت للواقع هناك بشيء، أمريكا بلد مؤسسات ولديها نظام راسخ، وما فعله الرئيس دونالد ترامب وشكك ملايين الناس في النظام كان إمتحاناً لمؤسسات الدولة التي ستتفوق بل تفوقت عليه في الأخير.. هناك فارق كبير بين التنافس على الحكومه وبين الصراع مع النظام السياسي،
فالدوله أكبر من الحكومه ومن الأحزاب، وهي تمثل المؤسسات المختلفه ( الرئاسه والتشريعيه والقضائيه والحكومه البيروقراطية والحكومات الفيدرالية وكذلك المؤسسات والمنشآت المدنيه والعسكريه وكذلك المؤسسات العميقه ) مؤكد أن المتهم الرئيسى فى نظرية الرئيس دونالد ترامب المؤامراتيه هي الأجهزة القويه للحكم، سواء كانت عسكريه أو أمنيه أو إقتصاديه أو حتي سياسيه،
ومن الطبيعي بغض النظر عن هراء نظريات المؤامرة أن هذه المؤسسات سوف تقوم بحماية الدوله، لا الحكومه ولا الرئيس، ولن ولم تسمح لترامب أو لغيره بتدمير بتدمير هيكل الدوله أو هز وزعزعة أركانه، فترامب فاز بالرئاسه من قبل بفضل هذا النظام الذي يهاجمه الآن، سمح له بالترشح والفوز وحكم البلاد، برغم انه لم يعمل طوال حياته في مجال السياسه،
نفس النظام الذي أدخل دونالد ترامب البيت الأبيض هو نفس النظام الذي سوف يخرجه منه اليوم، وذلك من خلال منظومة القوانين، وإحقاقاً للحق حديثه عن التزوير وسرقة الحكم كلام بلا أسانيد موثقه وبلا أدله دامغه.. لا أقول أن النظام في الولايات المتحدة الأمريكية برئ، بل أن النظام الأمريكي ليس بريئاً تماماً، فهو الذي يصنع قادته، ودائماً وأبدا في داخل الولايات المتحدة فئات كثيره ترفض هذا النظام، بل وتتمرد عليه،
ولا ننسي أن تلك الفئات قد ثارت علي هذا النظام في فترة الستينيات وكانت ثورتها في حركة الحقوق المدنيه أعظم ما شاهدناه في اليومين الماضيين، وانتشرت في جميع المدن الأمريكية، لكن وبكل تأكيد يظل النظام الأمريكي أكبر منهم جميعاً بل ولديه القدرة والإستطاعه على إستيعاب الغاضبين وتحجيم المعتدين. فالدوله الأمريكية وسلامتها والحفاظ على أركانها، أهم من إعتراضات دونالد ترامب ومؤيديه، وتلجأ السلطات إلي القوه لحماية نفسها، وأيضاً إلي عزل الرئيس إن شكل خطر على نظامها،
وقد رأينا أغلبية الجمهوريين وقفوا في الكونجرس ضد رئيسهم لأنهم يعتقدون أصبح يشق صف الشعب الأمريكي ويحرض علي العنف ( من وجهة نظرهم ) رغم أنهم في البدايه ساندوه بكل قوه في شكواه، وتشكيكه في سلامة إجراء ونتائج الإنتخابات، وقاموا بمساعدته وتمكينه من إستخدام جميع السبل القانونيه والكفيله لرفع أكثر من 50 دعوه قضائيه في المحاكم الفيدرالية، وجميعهم خسرها إلا واحده، وقام بالذهاب إلى المحكمه الدستوريه العليا، والتي معظم قضاتها من معسكره الجمهوري، وهي الاخري رفضتها، بل إن معظم رفاقه ومعظم قادة حزبه الجمهوري أيضا رفضوا إعتراضاته، وقالوا إن إدعاءاته غير صحيحه،
فليس من العقلانيه وليس من الواقعيه أن كل هؤلاء متآمرون ضد الرئيس دونالد ترامب، فالفارق أن هؤلاء أبناء المؤسسه الحاكمه، وهو دخيل عليها، لكنه يظل متفوق عليهم بشعبيته الجارفه، وهذا لا ينفي أن خصومه ثعالب بمعني الكلمة، ويعرفون جيدا كيفية إدارة المعارك والإنتخابات بصورة وبشكل أفضل منه، بدليل أنهم قاموا بتسهيل عملية التصويت بالبريد الإلكتروني والتي كانت في صالحهم ورفعت من أسهم جوزيف بايدن، وكانت قول الفصل..
الخلاصه: يظل النظام الأمريكي قوة متفوقه، طالما أنه يملك آله صناعيه هائله وجامعات ومراكز أبحاث فريده ومميزه وأسواق اقتصادية غنيه، ومؤسسات قويه مدنيه وعسكريه إلخ إلخ، وسوف يتجاوز ما حدث مؤخراً.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.