محمد يوسف العزيزي يكتب : عن أي ديمقراطية وحقوق إنسان تتحدث أمريكا والكيان ؟

في كل مرة تتحدث الولايات المتحدة والكيان الصهيوني عن الديمقراطية وحقوق الإنسان يبرز التناقض الفاضح بين الشعارات والممارسات على أرض الواقع.. فبينما تتخذ واشنطن من هذه المبادئ وسيلة ضغط وابتزاز رخيص ضد خصومها فإنها تغض الطرف عمدا حين يتعلق الأمر بحلفائها أو بمصلحتها المباشرة.. وبينما تتدخل بتبجح وبشكل سافر في شؤون الدول الأخرى بدعوى نشر الديمقراطية.. تتجاهل الانتهاكات الصارخة التي يرتكبها حلفاؤها وعلى رأسهم الكيان الصهيوني الغاصب الذي يمارس سياسات الفصل العنصري وجرائم الإبادة بحق المدنيين في فلسطين
الأكثر إثارة للدهشة هي تلك المعايير المزدوجة التي تعتمدها الولايات المتحدة حتى مع أقرب حلفائها الأوروبيين.. فهي لا تتردد في فرض عقوبات عليهم إذا ما خالفوا توجهاتها – ولو من باب الحياء أمام المجتمع الدولي – لكنها لا تتخذ موقفًا حاسمًا تجاه الانتهاكات الإسرائيلية التي تخالف الأعراف والقوانين الدولية، بل وتقف بالمرصاد لكل محاولة في مجلس الأمن تدين الكيان الصهيوني رغم أن بعض الدول الأوروبية تعلن معارضتها لهذه السياسات!
أما الأكثر فجاجة هو إن الولايات المتحدة تُمارس ضغوطًا هائلة على الحكومات الأوروبية لمنعها من اتخاذ أي إجراءات عقابية ضد تل أبيب – ولو من باب التصريحات الكلامية فقط -رغم الجرائم الواضحة التي يرتكبها الكيان الصهيوني بدعم أمريكي واضح وصريح في غزة والضفة الغربية!
أما داخل الولايات المتحدة فقد بات واضحًا أن الديمقراطية التي تروج لها ليست سوى أداة انتخابية يُوظفها السياسيون وفق مصالحهم.. ولعل الممارسات التي شهدها القضاء الأمريكي في السنوات الأخيرة، من تهديد القضاة والتأثير على الأحكام القضائية أظهرت كيف يمكن لرئيس أمريكي أن يحوّل النظام الديمقراطي إلى ما يشبه حكم الفرد المطلق.. حتى حرية التعبير التي طالما تشدق بها الغرب وتفاخر بها.. باتت مقيدة عندما يتعلق الأمر بانتقاد إسرائيل أو دعم القضية الفلسطينية حيث يواجه الصحفيون والناشطون تهمًا تصل إلى حد الاعتقال لمجرد التعبير عن مواقفهم.
على جانب الكيان الصهيوني لا تتوقف حكومة اليمين المتطرف عن التفاخر بأنها “الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط” في الوقت الذي تقمع فيه المظاهرات المعارضة للحرب بكل وسائل القمع ، وتشن حملات اعتقال ضد النشطاء بينما ترفض الانصياع لأي قرار دولي يلزمها بوقف جريمة الحرب التي ترتكبها في غزة والضفة .. وفي الوقت ذاته تتصرف تل أبيب ككيان فوق القانون الدولي والقانون الإنساني حيث ترفض تنفيذ الاتفاقات التي تبرمها، كما فعلت في تراجعها عن استكمال المراحل الثلاث لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة كل ذلك في ظل دعم أمريكي فاضح ومفضوح وغير مشروط
الديمقراطية وحقوق الإنسان بالنسبة لواشنطن وتل أبيب ليست سوي أدوات سياسية يتم استخدامهم عند الحاجة والضرورة إذا كانت تحقق المصلحة لهما ، لذلك فإن انتهاج سياسة المعايير المزدوجة هي السبيل الوحيد لإرباك المنطقة وخلق حالة فوضي مدروسة بعناية .. المستفيد الأول منها الكيان الصهيوني ليستمر في ارتكاب جرائمه دون مساءلة مدعوما بحليف يمنحه الغطاء الكامل حتى ولو كان ذلك على حساب القوانين الدولية وحقوق الشعوب