الدكتور علاء رزق يكتب : تأملات فى ديناميكيات البريكس العالمية

الدكتور علاء رزق
تناولنا في المقال السابق كيف أن دخول مصر تجمع البريكس يخدمها على جميع المستويات ، وإستعرضنا حرص مصر الدائم على توسيع وتدعيم علاقات التوازن مع جميع القوى العالمية، وبالتالي فإن إعلان قمة بريكس عن إنضمام مصر للتجمع وحصولها على العضوية الكاملة،جاء ليؤكد أن الرئيس “السيسي” لا يتكلم من فراغ،
وأن هناك الكثير من التحركات والإجراءات التي لا يتم الإعلان عنها إلا بعد إتمامها بالشكل الذي يخدم الدولة المصرية وشعبها. وتفيد الأرقام الرسمية أن الأعضاء المؤسسين في بريكس يمثلون 30 % من الناتج الإجمالي العالمي، وبإضافة الأعضاء الجدد سيصبح التجمع قوة إقتصادية هائلة ، وهذا يتزامن مع توقع بنك الإستثمار الأميركي “جولدمان ساكس”، أن تصبح الصين أكبر إقتصاد عالمي قبل حلول عام 2075،
حيث قدر الناتج المحلي الإجمالي لها بـ 57 تريليون دولار، فيما ستتفوق الهند على الولايات المتحدة لتصبح القطب الثاني في الإقتصاد العالمي مع ناتج محلي إجمالي 52.5 تريليون دولار متجاوزة الولايات المتحدة والذي ستأتي في المرتبة الثالثة بناتج إجمالي 51.5 تريليون دولار. وسيصعد الإقتصاد المصري متقدماً على كل كثير من الاقتصادات الأوروبية ،مع ناتج محلي إجمالي يتجاوز 10 تريليونات دولار، وحالياً يقدر حجم التبادل التجاري بين مصر والأعضاء الخمسة المؤسسين لـ”بريكس” بنحو 28 مليار دولار،
وبإنضمام الدول الست الأخرى يرتفع هذا الرقم إلى ما يقارب الـ50 مليار دولار.وفي ظل حرص دول التجمع على إلغاء التعامل بالدولار في المبادلات التجارية بينها، تكون مصر تخلصت من عبء سداد فاتورة وارداتها من الدول المؤسسة لـ”بريكس” بالدولار، والمقدرة بـ26.4 مليار دولار سنوياً، يضاف إليها الواردات من الأعضاء الجدد، والتي تقدر بنحو 12 مليار دولار . وبحسبة تقريبية يمكن القول إن مصر ستوفر نحو 30 مليار دولار سنوياً لسداد فاتورة الاستيراد من دول التجمع. والأهم فإن مصر يمكنها سداد ديونها لدول التجمع بالعملة المحلية( الجنية)، وبذلك نتخلص نهائياً من أزمة الدولار، لتصبح في حكم التاريخ كما قال الرئيس “السيسي”.
وفى هذا الاتجاة فإن مصر التى تطمح للوصول بصادراتها السلعية إلى 100 مليار دولار خلال العامين المقبلين، عبر إستغلال الإتفاقيات التجارية التي تربطها بالدول والتجمعات الإقتصادية المختلفة حول العالم.سوف يساعدها ذلك في دعم التعاون الاقتصادي وتعميق التبادل التجاري مع الدول الأعضاء، كما أن تنوع الهيكل الإنتاجي والسلعي للصادرات يحقق التكامل لسلاسل الإمداد والتوريد بين أعضاء “بريكس”،
أيضاً فإن إنضمام مصر للتجمع يفتح أمامها آفاقاً واعدة لتوطين التكنولوجيا المتقدمة في شتى القطاعات الاقتصادية وزيادة معدلات الإنتاج المحلي .كما أصبح بمقدور مصر تنويع مصادر التمويل الخارجية، بإجراءات وشروط ميسرة، بإعتبار أن بنك “التنمية الجديد” أصبح بديلاً اقتصادياً في مواجهة الشروط المشددة لمؤسسات الإقراض الأخرى كالبنك وصندوق النقد الدوليين، عبر دعم البنك للأعضاء من خلال ترتيب احتياطي الطوارئ،
وهو إطار لتوفير سيولة إضافية، ومزايا أخرى لمواجهة الأزمات الإقتصادية. أيضاً فإن انضمام مصر إلى سيؤدي إلى تعزيز دورها المهم والمؤثر في أفريقيا، من خلال الإتفاقيات التجارية فيما بينها، وستتمكن من الإستفادة من الإتفاقيات التجارية مثل السوق المشتركة للجنوب “ميركوسور”، لتصبح مركزا يربط أفريقيا وآسيا وأمريكا الجنوبية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل يمكن أن يواصل هذا التجمع تحقيق أهدافه،؟وهل ستسمح الولايات المتحدة الأمريكية ومن خلفها أوروبا أن يهتز عرش الدولار ؟وماذا سيكون موقف دول البريكس فى حال قيام أمريكا بإجراءات مضادة؟
هذا ما سوف نتناوله فى المقال القادم إن شاء الله.
كاتب المقال رئيس المنتدى
الإستراتيجى للتنمية والسلام
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.