عبد الناصر البنا يكتب : البالون الصينى .. عيله تايهه ياولاد الحلال !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
أزمة ليست بالهينة تفجرت خلال الأيام القليلة الماضية بين كل من ” واشنطن ــ وبكين ” بسبب إنتهاك الأخيرة للمجال الجوى للولايات المتحدة الأمريكية ببالون يصل حجمه لـ ثلاث شاحنات ، تم تفجيره مؤخرا بواسطة مقاتلة أمريكية من طراز ” f 22 ” تنتمى إلى الجيل الخامس من طائرات الشبح المقاتلة ، فوق سواحل ولاية ” South Carolina ” على المحيط الأطلسى ، بعد أن صال وجال لمدة ” سبعة ” أيام على حد قول ” نيويورك تايمز ” فى الأجواء الأمريكية ، ولمسافة تتراوح مابين 5 : 6 الآف كم فى الداخل الأمريكى من شمال غربها إلى منتصف الشرق على الساحل الشرقى ، مسببا صفعة مدوية لـ إدارة الرئيس ” جو بايدن ” الذى تعرض لهجوم قاسى من جانب الحزب الجمهورى ” المتربص ” والذى أعتقد أن الفرصة قد جاءته على طبق من ذهب ليدلل على ضعف إدارة الرئيس بايدن فى إتخاذ قرارات عاجلة بشأن أزمه المنطاد ، وفى إدارة شئون البلاد .
الحزب الجمهورى إتهم إدارة الرئيس بايدن بعدم القدرة على حماية حدود الولايات المتحدة الأمريكية ، وإنتقدوا إدارتة بشدة بسبب التراخى فى إسقاط البالون فورا ، كما صرح الرئيس السابق ” دونالد ترامب ” الذى رأى ضرورة إسقاط البالون فورا ، وكان قد سبق لـ ” ترامب ” أن أغلق القنصلية الصينية فى تكساس لشبهه تصنت ، وأيضا بسبب إخفاء ” البنتاجون ” المعلومات التى توفرت لديه بشأن المنطاد الذى تم رصده منذ عدة أيام عن مجلس النواب والشعب الأمريكى ، وكانت هناك نية لـ إخفاء الموضوع لـ حين إيجاد الحل المناسب لها ، قبل أن يتم إكتشافه عن طريق مدنيين ، وقيل من بعض ركاب إحدى الطائرات . الجمهوريون طالبوا بالتحقيق مع إدارة بايدن حول أزمة المنطاد الصينى ، وحول مالحق بالأمن القومى الأمريكى من أضرار ، وأنه كان يتحتم على أمريكا أن تظهر قوتها لـ ردع الصين !!
الصين من جانبها إنتقدت بشدة رد فعل الإدارة الأمريكية فى إستخدام القوة العسكرية المبالغ فيها لـ مهاجمة منطادها ” المدنى ” على حد قولها ، ورأت أنه رد فعل مبالغ فيه بشكل واضح ، وأن ماحدث يشكل إنتهاكا للمارسات الدولية بشكل خطير ، وأفادت خارجيتها أن الصين تحتفظ بحق إتخاذ مزيد من الردود الضرورية . ويبدو أن هناك توترا جديدا فى العلاقات بلوح فى الأفق بين البلدين بسبب أزمة المنطاد ، وأن هناك مايشبه ” كرة الثلج ” على الأقل فى العلاقات الدبلوماسية ، بدأت بإلغاء وزير الخارجيه ” أنتوني بلينكن ” زيارته إلى الصين غير أن مراقبين يستبعدوا أن تكون هناك هناك مواجهات عسكرية بين الجانبين .
لو نظرنا إلى العلاقة التى تربط الصين وأمريكا نجد أنها علاقة متشابكة ، بل أنها معقدة إلى حد كبير ، هناك مشاحنات مستمرة بين الصين وأمريكا دبلوماسيا وتجاريا ، على المستوى الإقتصادى الصين لديها ديون لدى أمريكا تتجاوز الـ ” ترليون و 300 مليار دولار ” ، أما على الصعيد العسكرى فهناك”صفعات”متبادلة من التجسس بين البلدين ، ووفقا لتقديرات المركز الدولى للدراسات أنه خلال الـ 20 سنة الأخيرة كانت هناك 160 عملية تجسس بين الدولتين ، منها 42 % عمليات تجسس لـ أغراض عسكرية ، وفى الفترة الأخيرة كانت هناك 4 عمليات تجسس من جانب الصين تم إكتشافها ، بخلاف عملية المنطاد الأخيرة التى تم أيضا إكتشافها ، العمليات السابقة كانت فى ولايتى ” Hawaii ــ Guam ” فى بحر الصين ، ولكنها بأية حال لم تصل إلى قاعدة Montana التى تم رصد المنطاد فوقها .
أمريكا بدورها كانت تتجسس على الصين وتحاول أن تستخدم ” تايوان ” كورقة ضغط على الصين ، ويذكر أن أمريكا كشفت عن صواريخ صينية فى العام قبل الماضى ، وعن إستراتيجية الصين النووية ، وهاهى الصين ترد لـ أمريكا الصاع صاعين ، وتبرهن بالدليل العملى على أنها تستطيع أن تحلق فوق قواعدها العسكرية الحساسة فوق قاعدة ” بلنجز ” العسكرية ، وقاعدة ” وايتمان ” الجوية في ميسوري ولعدة أيام وتنقل معلومات حول صواريخ أمريكا الاستراتيجية ، بل وعلى مناطق تخزين الرؤوس النووية وقواعد القاذفات الإستراتيجية !! .
يأتى هذا فى الوقت الذى تؤكد فيه الصين على أن المنطاد ذو طابع مدنى وأنه مخصص للأبحاث العلمية وللأرصاد الجوية ، وأن دخوله الأجواء الأمريكية جاء نتيجه إنحرافه عن مساره دون قصد بسبب الرياح وفى بادرة منها على حسن النوايا أقالت رئيس هيئة الأرصاد الجويه وحملته المسئولية !! .
وأعتقد أنها كلها مبررات غير مقبولة لدى الإدارة الأمريكية ، وعلى مايبدو أن الصين قد وجدت نفسها فى وضع لاتحسد عليه وكما يقول المثل العامى ” الحرامى وشيلته “. وكانت أمام الصين على فرض صدق النوايا أكثر من طريقة لحفظ ماء الوجه يمكن أن تتعامل بها ، على الأقل كان يجب عليها أن تخبر أمريكا بمجرد فقد السيطرة على المنطاد وإنحرافه عن مساره الطبيعى ودخوله للأجواء الأمريكية ، بل وبقاءه طوال هذه الفترة فوق قواعدها العسكرية ، كما كان بإمكانها إسقاطه ، لكن يبدو أن النية كانت مبيتة لكشف ثغرات الدفاع الجوى الأمريكى ، وأيضا لـ إختبار رد الفعل الأمريكى حال إكتشافه .
بقى أن أشير إلى أن للمناطيد إستخدامات متعددة سواء فى الأغراض السلمية أو العسكرية ، ففى الأولى يستخدم فى مجال الأبحاث العلمية ، ومراقبة حاله الطقس والمناخ ، وللإتصالات وتقوية شبكات الأنترنت ، كما يستخدم فى مراقبة تحركات العدو ، وفى جمع المعلومات ، وفى توزيع المنشورات ، وفى أغراض التجسس ، ولقد إستخدمت المناطيد منذ أكثر من مائتى عام ، وفى الحرب العالمية الثانية تم تزويدها بقنابل حارقة ، وهى تحلق على إرتفاعات عالية تصل إلى 24/ 37 كم ، وأحيانا على إرتفاعات أعلى ، أما تكلفتها فهى تقل كثيرا عن تلكفة طائرات الإستطلاع والأقمار الصناعية .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.