عبد الناصر البنا يكتب : مخالفات المبانى .. حاورينى ياكيكا !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
ما بين عشية وضحاها فجعنا بمشكلة ” مخالفات البناء ” فى مصر بوصفها واحدة من أعتى المشاكل الممهورة ببصمة مصرية خالصة ، بالقدر الذى جعل من مواجهتها والتصدى لها أمرا حتميا . خاصة بعد أن إقتحمت الدولة ملف العشوائيات وأحرزت فيه تقدما ملموسا لايخفى على أحد ، جاءت بداية مشكلة مخالفات البناء فى مصر خلال تنفيذ كوبرى ” ترعة الزمر ” عندما فوجىء القائمين على التنفيذ بأن مساحة الشارع تضيق فى منطقة نصر الدين بالهرم بالقدر الذى جعل الكوبرى أصبح يلامس حافة البلكونات ، وإتضح أن ملاك العقارات تجاوزوا خط التنظيم وإستولوا على 13 مترا من عرض الشارع !!
ودعونا نتفق من البداية على أن أصل المشكلة يرجع إلى ” فساد المحليات ” فالمحليات هى أصل الفساد ويكفى أن أدلل على ذلك بمالك العقار الذى أقيم فيه عندما أقسم لى أنه دفع مبلغ 300 ألف جنيه ” على الترابيزة ” لكى يبنى دورا مخالفا . ولاعجب فى أن المحليات تحتاج إلى ثورة حقيقية لـ تصحيح تلك الأوضاع الخاطئة ، ثورة تقضى على الرشوة والمحسوبية وفساد الذمم وكل مايقرب إليها من قول أو عمل ، ولتصحيح تلك الأوضاع لابد من إصدار قانون صارم ” محترم ” يحدد بكل دقة ماهى واجبات وإلتزامات كل مسئول فى الإدارة المحلية وزيرا كان أو محافظا وهلم جر “من رؤساء للأحياء والقرى وعمال النظافه فى الشوارع .. إلخ ” .
مع وضع معايير وقواعد صارمة فى عملية إختيار المسئولين ، وكفانا من ” أهل الثقة” خاصة بعد أن فشلوا بإمتياز فى إدارة شئون المحليات . كما يرجع أصل مشكلة مخالفات البناء أيضا إلى قصور فى اللوائح والقوانين التى تنظم عملية البناء ، وحسنا فعلت الدولة مؤخرا بعد أن فصلت تراخيص البناء وأكواد المبانى عن نطاق عمل المحليات ونطمع فى المزيد ، ولكن دائما مايقال ” أن أول الغيث قطرة ” ، وأن تأتى متأخرا خيرا من أن لاتأتى مطلقا ، ويتبقى ” الردع “بمفهومه ” العام ـ والخاص ” أى أن لايهنأ مسئول أو مخالف من تلك الثروة التى تضخمت من حرام ولنا فى الحديث الشريف} لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَتْ النَّارُ أَوْلَى بِهِ { القدوه والمثل .
فى ديسمبر عام 2014 وافق مجلس الوزراء على مشروع قانون بشأن التجاوز عن بعض مخالفات البناء ، ونص مشروع القانون على عدد من الضوابط مثل”عدم جواز التجاوز عن مخالفات البناء التى تخالف السلامة الإنشائية وتشكل خطراً على الأرواح أو الممتلكات ، أو التى تتضمن خروجاً على خطوط التنظيم المعتمدة ، أو تعد من المخالفات البنائية والتخطيطية الواقعة بالمناطق ذات الاشتراطات الخاصة والتقسيم المعتمدة ، أو تجاوز قيود الارتفاعات المقررة ، أو المتعلقة بالبناء على الأراضى أملاك الدولة أو الأراضى الزراعية، أو الأراضى الخاضعة لقانون حماية الآثار ، أو التى تقع خارج الأحوزة العمرانية المعتمدة ، أو المخالفات الخاصة بأماكن إيواء السيارات .
وفيما عدا ذلك نص على جواز النظر فى التجاوز عن مخالفات البناء ، كما حدد اللجان الفنية فى الوحدات المحلية والجهات الادارية المختصة ، والأسس والقواعد التى تحكم قيمة الأعمال المخالفة ، وبين بعض الشروط لـ تقديم طلبات التصالح .. إلخ ، والمهم أنه أرجأ عملية تنفيذ الأحكام وقرارات الإزالة أو تصحيح الأعمال المخالفة لحين البت فى الطلبات ، والحقيقة أن القانون جاء على عجل ، كما سيأتى لاحقا .
على أرض الواقع ظهرت مشاكل فى التطبيق وكان هناك ” تخبط ” شديد على مستوى الإدارات المحلية والمسئولين
ننتيجة عدم فهم لنصوص القانون ، وبسبب الإستعجال فى إصداره بدون دراسات كافية ، وعلى أية حال تم تعديل
القانون لـ أكثر من مرة . وحتى لا أطيل كانت هناك “مهازل ” فى عملية التطبيق لا أول ولا آخر لها جاءت البداية
بتحويل كل محاضر مخالفات البناء فى الأحياء من بعد 2011 إلى” النيابة العسكرية ” وتم إلقاء القبض على عدد
لابأس به من مقاولى البناء المخالفين ، وتم تحصيل مبالغ محترمة من بعضهم ، على رأى المثل ” إضرب المربوط
يخاف السايب” ، وفر من فر من المقاولين ، وهنا ظهرت مشكلة ” الكحول ” كمصطلح بدأ يتردد فى الشارع المصرى ،
وأعتقد أنه لاداعى للشرح . ومازاد الطين بلة تصريحات المتحدث الاعلامى لوزير التنمية المحلية التى أكد فيها على
أنه من لم يتقدم بطلب التصالح مالكا للعقار كان أو لوحدة سكنية سوف يتم إزالة الوحدة السكنية المقيم فيها بعد
إنتهاء المهلة المحددة .
وأفاد أنه فى حال عدم تقدم ” مالك العقار ” بطلب التصالح على المشترى ” مالك الوحدة” السكنية أن يتقدم بطلب
التصالح عن الوحدة حسب نوع المخالفة ” دور مخالف ـ مخالفة بروز وإرتداد ” والأخيره كانت من بنات أكار فتاوى
الشارع المصرى ، على أن يعود مالك الوحدة على المالك بدعوى تعويض مدنية ، وموت ياحمار ، وهنا ظهرت الدولة
وكأنما تطبق المثل العامى ” ماقدرش على الحمار إتشطر على البردعة ” . وهاجت الناس وماجت ، وظهر رؤساء
الأحياء على وسائل الاعلام يتفاخرون بالمبالغ التى جمعوها بالقدر الذى جعل المواطن ينظر إلى مايحدث أنه “جباية
” ، ونشطت المكاتب الهندسية التى غالت فى تقدير أتعابها نظير وضع أختامها على المستندات المطلوبة ،
والسماسره والمتربحين .. إلخ بالقدر الذى جعل من إعداد الملف أمر مرهق ماديا للغايه
أما الوضع فى القرى فهو قمة التراجيديا السوداء ، وأستطيع أن أقول لك من واقع تجربة شخصية “حدث ولاحرج ” وبعد
أن إنفض “مولد ” التقدم بطلبات التصالح فى الأحياء ومراكز الشباب والمدارس والوحدات المحليه ، وغنمت الدولة
بحصيلة معتبرة تقدر ببضع مليارات ، أصبح الهدوء هو سيد الموقف .
بقى أن أشير إلى أن القانون نص على توزيع حصيلة مقابل فحص الطلبات” 50% لصالح صندوق تمويل الإسكان
الاجتماعى بوزارة الإسكان ــ 20% لصالح صندوق تطوير العشوائيات ــ و15% لصالح الخزانة العامة للدولة ــ 10%
للوحدات المحلية تخصص لإنشاء جراجات متعددة الطوابق ــ 5% لصالح الوحدة المحلية أو الجهة الإدارية المختصة ،
على أن يئول كامل حصيلة مقابل التجاوز عن مخالفات شروط البناء لوزارة المالية.
وكما ذكرت آنفا إنفض المولد وحصل كل مخالف على مستند يفيد أنه تقدم بطلبه للتصالح ودفع المبلغ المطلوب منه
على سبيل جدية الطلب وفقا لـ قيمة متوسط الأعمال المخالفة وتكاليف إنشاء المتر المسطح وفقا لقانون البناء
الصادر بالقانون رقم 119 لسنه 2008 . بقى العجل فى طينه ” مثل صعيدى ” مازلنا فى إنتظار اللجان التى حدد
القانون تشكيلها وطريقة عملها .. إلخ ، من أجل غلق هذا الملف نهائيا . أما الشىء المؤكد أنه حتى الآن لا أحدج
يعلم ” أين ــ ومتى ــ وكيف ” يتم غلق هذا الملف .. الله وحده أعلى وأعلم . وفى رأيى المتواضع الدولة مش عاوزه
تنغص على الناس عيشتها أكثر مما هى فيه من أوضاع إقتصادية فى غاية الصعوبة .
حفظ الله مصر قيادة وشعبا ووفق قائدها إلى مافيه خير ورفعة البلاد والعباد ودائما وأبدا “تحيا مصر “
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.