فرقة الجميزة تصدر أغنيتين جديدتين من أغانى التراث (يابوى أنا ) .. و (لو طلعونى الجبل )

كتب ناصر النوبي :
أصدرت فرقة الجميزة اغنيتين جديدتين من أغانى التراث ..  أغنية (يابوى انا ) وأغنية ( لو طلعونى الجبل )
غناء ورؤية موسقية الفنان ناصر النوبى، مؤسس فرقة الجميزة ، والفنانة يم سويلم
تقول الأغنية الأولي :
يابوى انا يابوى انا
حبيت حبيب
بس النصيب مرضاش يجيب ليا الهنا
حبيبى راح وبسرى باح
وقع الأساس اللى اتبنى
يابوى انا،
ويارب لو برحل يغيب
النجم يفتن فى السما
حبيت ما لمت وبكيت وقمت
ياريت مكنتى، ولا كنت أنا
الحب جبار
نار الحطب تنطفئ
ونار الحب اه منو
اصل الربابة خشب متغرقشى
فاكرة الزمن
حافظة اغانى الوطن
وفى حضنى متخافش…يابوى انا يابوى انا

قام بتوزيع وهندسة الصوت وائل كاميليو  ، وقام بالعزف على الربابة الريس محسن الشيمي، والمزمار البلدى الريس سيد الحسينى ،والعزف على الجيتار شريف سعد ، وسوف تواصل الفرقة إنتاج اغانيها والوصول إلى ألبوم جديد بنهاية عام ٢٠٢٢
ويارب لو برحل يغيب
النجم يفتن فى السما
ظل الشاعر والفنان ناصر النوبى مدة طويلة حتى استطاع إضافة بيت غنائي إلى الأغنية الأصلية، فالتعامل مع التراث يقتضى خبرة كبيرة فى التعامل مع الأغنية التراثية من خلال ثلاث او اربع محاور
المحور الأول
النص الغنائى فهو نص عابر للزمن والسنين ، فقد ظل طويلا
فى وجدان المتلقي يصل إلى الف سنة ربما او اكثر فى اقل تقدير ، حتى ينساه الجميع ، الا مستمع واحد ، لا ينساه
كأننا بصدد اكتشاف مقبرة توت عنخ امون ، فالكنز موجود فى مكان لا يعرفه احد ، وبمجرد اكتشافه يعود للحياة من جديد ، لذا فإنك اذا وجدت اغنية من اغانى التراث نادرة يصل إلى حد اكتشاف كنز ، يجرى بعروق الشعب، لكنه لا يعرفه ،ومجرد الاستماع من جديد فإن الجينات الوراثية تلعب دورها فى الانتباه والاحساس من جديد ،
ان هذه الكلمات قديمة ،جدا ، سافرت مع القبائل الرحل التى لا تستقر بمكان ، لكن هناك منهم من يستقر ، وينقل الرسالة الشعرية والكلمات واللحن ،حتى تجد من يبحث عنها ، هكذا وجدت اغنية يابوى انا ،بمحض الصدفة وانا ابحث عنها
فالاغانى رزق،يستوجب البحث عنها حتى تجدها ،فالباحث،فى التراث يجب أن يكون صقرا، يحلق مرتفعا حتى يمكنه الرؤية الجغرافية ،لأن للموسيقى والشعر الغنائي جغرافيا
يجب أن يعرفها الباحث فى هذا المجال ، لأن روح البلد فى تنوعها،فى اقاليمها، والعاصمة يجب أن تكون البوصلة التى تنصهر فيها هذه الروح لتصل للعالمية !
فى البدء كانت الكلمة ،
حبيت حبيب بس النصيب
مرضاش يجيب ليا الهنا
حبيبى راح وبسرى باح
وقع الأساس اللى اتبنى
حبيت ما لمت وبكيت
وقمت ياريت ما كنتى ولا كنت انا
كلمات بسيطة وعميقة فى وقت واحد وهذا هو السر الأول
كى تعيش الأغنية مئات السنين ،بل آلاف السنين ، هى قديمة ،والقدم لا يعنى الشيخوخة ،بل حياة أبدية للنص
العابر للأزمان ،
ويقول الشاعر والفنان ناصر النوبى ،انه تولد لديه إضافة بيت شعرى ،يحاكي فيه الشاعر المجهول ، وظللت،طويلا
افكر، وافكر ،وهذه هى البداية ،يجب أن تفكر قبل أن تكتب وتنتظر الوحى ،حنى ترتبط الفكرة بالشعور والوجدان ،
انه موضوع صعب جدا ،وليس سهلا بالمرة
بدأت اكتب وقلت
ويارب لو يرحل يغيب…
النجم يفتن فى السما
وظللت وقتا طويلا ،حتى صدقت نفسى أن هذا البيت ربما  يكون مناسبا لكلمات الأغنية، متناصا،معها وليس دخيلا عليها ،وهذا حدث بشهادة الجمهور الذى اعجبه هذا البيت،
كانت مجازفة ونجحت…
المحور الثانى من عناصر الأغنية وهو اللحن ، فالكلمات تصنع الألحان فى ثقافتنا المصرية والعربية فلا تخلق الموسيقى الجديدة الا من كلمات قوية ، فاستهلال الأغنية …بالجملة اللحنية  يابوى انا ..يابوى انا ….
يابوى انا …يابوى انا من مقام البياتي لهى مفتتح قوى يجذب الأذن للاستماع ،لأن مقام البياتي مقام شجى جدا
يأثر الشعور لاننى اعتقد ان مقام البياتي المصرى لهو من مكونات الاحساس المصرى ، لأنه يتناص،مع قوة المصريين مع حزنهم ،
هذا التنوع فى هذه الشخصية العظيمة التى مهما حدث لها ، فلها القدرة على التحمل بشموخ ، وليس هناك أشد حزنا من ألم المشاعر والهجر ،فمن يهجره من يحب ،تظل جذوة الحب مشتعله، واللظى،فى حشاشة القلب مستعرا ، ويعد بمثابة خطرا كبيرا يمكن ان تتعرض فيه حياة المحب إلى جحيم، لولا الإيمان بالقدر فالشارع يقول بس النصيب يرفض أن يعود عليه بالهنا
هذه المشاعر المتناقضة لا ينفع معها إلا مقام البياتي
المقام الشجى والذى لا يقترب منه إلا من كان صادق الاحساس والمشاعر ، ويمكن أن يقترب،من مقام الصبا
الأكثر حزنا وشجا ،او مقام الحجاز ، فكل هذه المقامات تبدأ بنوطة (الرى) المشترك الأول بين هذه المقامات
لكن البياتي يتميز بالربع تون ،ذات المشاعر المنمنمة،والشجية، وجنوب مصر يعشق المقامات الشرقية
لكنها لها نكهة مختلفة تعتمد على الصدق وقوة الاحساس  ولا تعتمد على التطريب ، لأن المطرب الصعيدى ،يخفى آلام  الهجر فى قوة الاحساس والأداء رغم الألم الشديد ، فلا تظهر السيكا بشكلها المعتاد بل ربما يقترب من الفا،ديز او رى ديز ، مستبدلا المى نصف بيمول، وهذا هو السر .. لماذا تبدو آلة الربابة وكانها تخس نصف نوطة او كأن الربع تون
هى ثمن تون ، لأن الاحساس هو البطل وليس التطريب  فإن الجغرافيا والتاريخ لهم تأثير ملحوظ على التعبير الغنائى !
والاغنية الآخرى او الثانية هى اغنية لوطلعونى الجبل
فهذه الأغنية كان لها الأثر الكبير فى شهرة فرقة الجميزة
والتى خاضت مجال الغناء منذ ٢٠٠٣ عندما اسسها الشاعر والملحن،ناصر النوبى وهذه الأغنية قد اخدها عن امه الحاجة فاطمة حسين والتى الهبت،وجدان ابنها، مبكرا
بأنها كان تغنى له هذه الأغنية منذ أن كان طفلا ، لأن
من يسمع هذه الأغنية مرة لا يمكن ان ينساها ،وكأن
امه كانت تقصد أن تورث ابنها هذه الأغنية التى تزرع
بذرة العزيمة والإرادة لدى الشاعر الذى تحدى الصعاب
بمجال الحياة والفن ، فكلما نجحت الفرقة انفصل اعضاؤها
وفضلوا الاستقلال ،وبهذا ظهرت الفرق المستقلة الذين يفضلون الاستقلال على الاستمرار فى كيان واحد ،
وهكذا كان ينهجون نهجا مختلفلا، عن ايدولوجية مؤسس الفرقة الذى اختار لها اسم الجميزة رمز اللمة والانصهار
فى عصر يدعو إلى الفرقة والاختلاف والانفصال ،فمن الغريب حقا أن كلمة (فرقة) تعنى اللمة وفى نفس الوقت إذا ضميت حرف الفاء أصبحت فرقة وانفصال، وكره وحسد للعمل الجماعى حيث تظهر الأمراض الموروثة
وهى فشل الأعمال الجماعية ربما يكون ثقافة شعب،
لكن ميراث الحضارة المصرية ينفى هذا التصور ،فكيف
استطاع المصريون القدماء من بناء الهرم دون اشتراك
اكثر من ٤٠ الف عامل ومعمارى فى هذا البناء الذى استمر
اكثر من عشرين عاما ،ويظل إلى اليوم من عجائب الدنيا
السبع ، أبدا لم يكن استثناء،يؤكد القاعدة وهى فشل الأعمال الجماعية ، لانهم قد بنوا اكثر من ١٠٠ هرم ،ربما قد تشوهت الشخصية المصرية بسبب ميراث الاستبداد وغياب الثقة والعدالة ، لأن العدالة هى التى حكمت المصريين إبان عصور الازدهار والحضارة ،
اغنية لو طلعوني الجبل تطرح سؤال ميتافيزيقى
وهو يرتبط بلحظة الخلق كن فيكون
تقول نظرية الخلق عند المصريون القدماء
عندما كان الكون فى اضطراب وفوضى وظلام دامس
يعتلى الرب التل الازلى، الذى خرج من المحيط الأزلى،
ويبدأ فى الخلق كن فيكون ، والقرآن الكريم يؤكد
هذه النظرية ويقول (وكان عرشه على الماء*)
فالشاعر هنا بعد أن هزته مرارة الهجر والغدر من الحبايب
يقول : لوطلعونى الجبل لأطلع على راسى
لو قرشونى الحصى لأقرش على اضراسى او (ضروسى)
كما تغنى فى الصعيد، فإنه اذا طلب من حبيبه أن يصعد
الجبل حبا واجلالا، لمن يحب فلن يتأخر ،رغم صعوبة الفعل،او حتى إذا طلب منه أن يأكل الزلط والحصى،فلن
يتأخر فى تنفيذ ذلك ، هو يحب ان يؤكد على انه يضحى،
بنفسه ،اذا دعت الحاجة إلى ذلك ، فكيف يبيعه رخيصا
من يحب،انها الخديعة الكبرى والخيانة، التى جعلت الشاعر
يرثى حاله ،ويقول :ليه ياحبايب تبيعونى،رخيص وانا الغالى، ياعبث الاقدار ،ويامرارة الهجران ،ان تضيع عمرك
فداء لمن تحب وانت تعتبره من الحبايب ،وهو على عكس
ذلك ، ويضيف الشاعر
بالتبر ما بعتكم، بالتبن،بعتونى
لم يفرط فيهم بالذهب او تراب الذهب، وهم على النقيب
قد باعوه برخص التراب ، انها فجيعة الاحساس والمشاعر
التى لا نبخل بها على من نحب ،وهم على العكس تماما،
هكذا حال الدنيا ،يحدث بها كل شيئ ، وهذا هو الامتحان
الحقيقى لعزيمة وارادة أصحاب الأخلاق والأصل ،فالصراع
يقع بين الأصلاء،وقلة الأصل ، الخير والشر فى كوكب واحد، مما يدعو الإنسان إلى التبصر،والحكمة ، والحكمة
كما يقولون ارتبطت بالألم
لذا فإنه يقول
الرمل لا يتفتل والشوك ما ينداس
ربما نظن انهم من الأحبة، لكنه يؤكد له انه لا يستطيع
ان يصنع حبلا من الرمال ،اقصد رمال المودة، التى لا يمكن ان تكون سببا فى الوصل بين الاحباب، لأن طبيعة الرمل
لا يمكن ان تكون سببا فى صناعة حبل من الحب او المودة
لذا فان الانسان بلا ارادة او عزيمة او قليل من الحكمة يمكن ان يدمر نفسه ،او يستعجل حياته بالموت لولا الإيمان
بالقدر خيره وشره ،فالحياة سجال بين الخير والشر
بين العاشقين لأوطانهم ،والذين يكونون سببا فى التخلف
والاضمحلال، مع ان طبيعة الأمور أن ينتصر الخير !
لذا فان صعود الجبل ربما يرمز إلى لحظة الميلاد الجديدة
او عودة الروح او بداية الخلق من جديد نحو عالم سعيد
وقد أضفت آلات الربابة والمزمار جوا حقيقيا، لهذه المشاعر الأصيلة ، ودخول اله الجيتار إلى هذا المزيج
كان نقطة قوية بين الأصالة والحداثة من خلال الرؤية اللحنية والإدائية،للفنان ناصر النوبى والموزع الموسيقى
الفنان وائل كاميليو الذى قام بتوزيع الاغنيتين متناغما
من مفهموم التراث والحداثة وجهان لعملة واحدة
،و لأن التراث المصرىالان يحتاج إلى حداثة لا تضر النص واللحن الأصلى ،لكن
تظل مشكلة مفصلية أن الشباب يجهلون تراثهم، كما أن
آذانهم تعرضت إلى ضجيج المهرجانات ، فهم يحتاجون
إلى علاج لوجدانهم الذى تشوه، وايضا من حقهم على الدولة أن تصنع لهم محيطا جديدا من التنوير والثقافة
واستعادة للذوق الموسيقى والغنائى لان الفن يصنع الانتماء
فيكى أن يستمعوا إلى اغنية على بلدى المحبوب وديني
حتى تتحرك جينات اجدادهم من جديد ويستطيع كلا منهم
الاحتفاظ بفضيلة الانتماء والدفاع عن الأوطان فى ظل
عالم مضطرب ومعولم،يطمث الثقافات المحلية ،لتنفيذ
مخططاته ومؤامرته على العالم ،ولسنا بعيدون عن ذلك ،فإذا كان جزء من العولمة هو طمث الانتماء ،وقد ادركت الشعوب ذلك ،فلا يكفى الإدراك، والكلام الذى لا يجدى ،بل يجب أن تضع وزارة الثقافة برنامج مكثف تحض فيه الفرق الغنائية القريبة من الشباب أن يزرعوا
ويحافظوا،على التراث المصرى ضد الأخطار الصحراوية
التى تحرر اصحابها من الأفكار الجامدة الان ،بينما تعالى
مجتمعات قريبة منهم من هذا الخطر الفادح، الذى اول
ما قال :مزمار الشيطان ، وأن الفن حرام ، وهكذا مرت
اكثر من ٤٠ عاما وهم يطقطقون ويطنطنون، فلماذا
أصبح الفن والمزمار الان حلالا، بينما يدعمون موجات
المهرجانات التى تنخر فى الجسد السمعى المصرى مثل
السوس ،وكلما رفضهم المجتمع ،كلما زادت شهرتهم، وشهوتهم للغناء، وفرض ثقافة غريبة علينا ،لا تمثل
هذا الشعب العظيم ،فلا يكفى منعهم ،بل على الدولة
ان تساهم فى انقاذ الذوق المصرى وان تقوم بانتاج
التراث المصرى من جديد ،الان وليس غدا ،فقد تأخرنا
جميعا ،واصبحت الفنون الأصيلة من الأحلام المؤجلة
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.