الدكتور علاء رزق يكتب : الحصاد الإقتصادى لصناعة السياحة

الدكتور علاء رزق
بعد عامين من التراجع في ظل المخاطر التي خلفتها جائحة كورونا على قطاع السياحة والسفر
العالمي، توقع المحللون الإستراتيجيون فى أن تتجه السياحة المصرية إلى التعافي خلال النصف
الثاني من العام الماضى،
وهو ما تزامن مع إتجاه الأسهم المدرجة في البورصة المصرية نحو الإنتعاش.ولكن دخول العالم
فى أزمة جديدة خلفتها الأزمة الروسية الأوكرانية إنعكست بالفعل على ترتيب مصر فى قائمة
الدول الأعلى إستقبالاً للسائحين
حيث إحتلت مصر المرتبة ٣٤ عالمياً ب ١١,٣ مليون سائح وهو ما يمثل علامة إستفهام كبيرة
يجب الإستعداد من الآن لتفسيرها ووضع أسس نهضة هذا القطاع السياحى .
البداية كيف لدولة فى حجم مصر تمتلك أكثر من ٤٠٪ من اثار العالم ، فضلاً عن توافر كل مقومات
وأركان السياحة العالمية لدينا ، وفى ظل إهتمام غير مسبوق من القيادة السياسية فى مصر
بتعزيز صناعة السياحة المصرية ،
كيف لنا كل هذا ونحقق هذا الترتيب المتدنى فى قائمة الدول الأعلى إستقبالاً للسائحين ؟
وكيف لدول عربية شقيقة لم تفتح حدودها للسياحة إلا منذ سنوات قليلة لا تتعدى ٣سنوات أن تسبق مصر فى هذا الترتيب ؟
فالسعودية إستقبلت ١٣ مليون سائح وتعتزم تعزيز وجودها على خريطة السياحة العالمية عام ٢٠٣٠ ب ١٠٠ مليون سائح ، ورغم
أن السياحة حول العالم لا تتعدى حالياً ٤١٥ مليون سائح ، بدخل يقترب من ٨٠٠ مليار دولار( نصيب مصر ١٣ مليار دولار فقط) ،
وبمساهمة إقتصادية تبلغ حوالى ٢ تريليون دولار ،بعد عام ٢٠٢٠ هو الأسوأ على الإطلاق ب ٤٠٠ مليون سائح ولكن من غير
المتوقع الوصول إلى ما كانت عليه السياحة عام ٢٠١٩ والبالغ ٩٦٠ مليون سائح ، ومساهمة إقتصادية تبلغ ٣,٦ تريليون دولار ،
بسبب تلك الأزمة المتصاعدة التى فجرتها العملية الروسية الأوكرانية .
ما نؤكد عليه أن قطاع السياحة قطاع حيوى ومحورى فى تحقيق رؤية مصر ٢٠٣٠ والذى يسهم حالياً بنحو ١٢٪ من الناتج المحلي
الإجمالي، ويوفر ١٩٪ من العملة الصعبة ،
كما يسهم هذا القطاع بحوالي ١٣٪ من إجمالى قوة العمل فى مصر ،يحتاج هذا القطاع إلى ضرورة تغيير فكر التسويق السياحي
الحالى
من خلال الإعتماد على الكيف وليس الكم فى جلب السائحين لمصر والنظر فى ضرورة إلغاء نظام الإقامة الشاملة ،وقبل ذلك ضرورة
النظر ثم النظر فى العنصر البشري الذى يتعامل مع السائح لتحديد وقياس أهم عامل لزيادة جلب السائحين لمصر وهو تحديد معدل
رضا السائح ،
فليس من المقبول فى ظل توجه الدولة نحو صناعة السياحة أن تعتمد فى تنفيذ هذه الإستراتيجية على عنصر بشرى يتسم
بالترهل، واللامبالاة ،
ومخاصمة الإبتسامة ،بل وأكثر من ذلك ان نرى منهم من يتلالأ الغضب والعبوس من وجهه ، هذا بلا شك سيقود إلى إنخفاض
مستوى الجودة ،وإنكماش سمعة مصر السياحية ،مطلوب أيضاً تنويع الأسواق المصدرة للسياحة لأن ٣٥٪ من السياحة الوافدة
لمصر من روسيا وأوكرانيا ،
وبالتالى يكون من غير المقبول الإعتماد على سوق أو سوقين للسائحين ، ويبقى الاهم في ظل هذه الظروف التي نعيشها الآن
وهى الإرتفاع المستمر والمتواصل فى أسعار الوقود ،
وما سيترتب عليه من غلاء فى كل السلع بما فيها الطيران،وإرتفاع تكلفة السفر لأى مكان فى العالم ،وبالتالى يجب الإعتماد فى
تكثيف حملاتنا التسويقية للسياحة على الدول المحيطة بنا فى المقام الأول ، حتى يتسنى لنا تعزيز وجودنا على خريطة السياحة
العالمية ، ومساهمة لهذا القطاع فى الناتج المحلي الإجمالي لمصر بنسبة لا تقل عن ١٣٪ ،
وبالتالى فإن تحقيق هدف القيادة السياسية بالوصول إلى تريليون دولار ناتج محلى إجمالى يعنى انه يجب تحقيق ١٣٠ مليار دولار
من عائدات السياحة،
نعم نستطيع فى ظل ما نمتلكه من مقومات سياحية لا تتوافر مجتمعة فى ال ٣٣ دولة التى تسبقنا ، ولكن يبقى الأهم وهو إصرار
القيادة السياسية على الوصول .
كاتب المقال رئيس المنتدى الإستراتيجى للتنمية
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.