الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : تحسس رأسك !

الكاتب محمود عبد السلام
هاتفنى أحد الاصدقاء (دارس لعلم الاجتماع) ، أبلغنى بحادث المنصورة المروع ، صَمَتُ قليلاً ثم أجبتهُ بأننى سوف أتابع الحادث على المواقع المختلفة وأعود لأهاتفهُ مرة اخرى
حاولت ان (أزوغ) من مواجهة الموقف الصادم فالقلب أصبح لايحتمل متابعة تلك الحوادث، ابتعدت عن المتابعة لكن بعد قليل وجدت نفسى فى وسط رأى عام ( مخضوض ) ، ويجيش صدره بالغضب
لكن قفز الى ذهنى سؤال . هل رصاصة الغضب التى نريد أن نطلقها على القاتل هل نطلقها عليه وحده ؟
الاجابة لا بالطبع ، أظن ان الطالب القاتل لم يقتل فقط بسبب الحب ( هذا كذب ) ، أظن ان طالب الآداب مريض نفسياً .. كان قبل ارتكاب فعلته قرر الانتحار لأنه يعرف جيداً ان مصيره سيكون حبل المشنقة
فالحب يدفعك الى حب نفسك والارتباط بالحياة ، حتى اذا فشلت التجربة العاطفية تحاول أن تجد تحليلاً مناسباً ومقنعاً لأسباب الفشل ثم تكتفى بان تعيش مع بعض الذكريات الجميلة
هذا شاب يائس من الحياة ناقم على الواقع ولا يرى من المستقبل سوى الاحباط ، خلفه أسرة فشلت فى تربيته . أراد قبل أن ينتحر ان يقضى على آخر أمل كان يربطه بالحياة
الشهيدة بنت فى ريعان الشباب ، أكيد كانت تحلم بمستقبل سعيد ، عمل مناسب بعد التخرج ، وزواج وأسرة صغيرة
لكن الحلم فقط لا يشفع ضد الغدر والقتل، يجب ان يكون الواقع عامل مساعد لتحقيق المستقبل ، جذور الغد يجب ان تكون ممتدة فى أرض طيبة حتى تثمر الخير ، بالتاكيد الذى يستحق رصاصة الغضب فى صدره هو القاتل الذى يجب ان يشنق امام الناس فى نفس مكان ارتكابه الجريمة
وبنفس المنطق يجب ان نحاكم الأسرة التى أخرجت لنا هذا القاتل ونحاكم ايضاً التعليم الفاشل والمجتمع الفاسد الذى يصدر للشباب الاحساس باليأس
ونحاكم ايضاً الفن الهابط وفوضى الشارع وغياب الأمن العام والاهتمام بالأمن السياسى فقط ، ونحاكم ايضاً انفسنا لاننا ساهمنا بشكل مباشر أو غير مباشر فى تكوين مجتمع يرفض الصواب ويجادل فى الخطأ
يجب ان نتوقف ونعيد بناء الانسان المصرى الذى شوهته عقود من الإهمال علمياً و ثقافياً و دينياً
يقول عبد الصبور :
هذا زمن الحق الضائع
روؤس الناس فوق جثث الحيوانات
وروؤس الحيوانات فوق جثث الناس
فتحسس راسك
تحسس راسك
روؤس الحيوانات فوق جثث الناس فتحسس راسك
تحسس راسك
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.