إبراهيم نصر يكتب : تعدد الزوجات “2”

الكاتب الصحفى إبراهيم نصر
الكاتب الصحفى إبراهيم نصر

تعالوا نتفق على أن التعدد ليس واجباً: فكثير من الأزواج المسلمين لا يعددون، فطالما أن المرأة تكفيه، أو أنه غير قادر

على العدل فلا حاجة له في التعدد.

وباتفاق العلماء أن شرط إباحة التعدد هو القدرة عليه، وأن لا يخاف على نفسه من الميل وعدم العدل، قال تعالى:

“فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً (النساء: 3).

ومعلوم أن الإسلام حرم الزنا، وشدد في تحريمه، لما فيه من المفاسد الكثيرة على الفرد والمجتمع، والإسلام حين حرم الزنا

فتح بابا مشروعا يجد فيه الإنسان الراحة والسكن والطمأنينة ألا وهو الزواج، حيث شرع الزواج، وأباح التعدد فيه،

لأن بعض الرجال لا تكفيه زوجة واحدة، ولا ريب أن منع التعدد ظلم للرجل وللمرأة معا، فقد يدفع ذلك المنع إلى الوقوع

فى الزنا، ولا أحد ينكر أن عدد النساء يفوق عدد الرجال في كل زمان ومكان، ويتجلى ذلك في أيام الحروب، وما زوجات

الشهداء منا ببعيد، سواء زوجات الشهداء فى الحروب النظامية أو فى الحرب على الإرهاب، ومعظمهن صغيرات السن

ومن الظلم أن يتركن بلا أزواج، والواقع يؤكد أن الشاب الأعزب لا يمكن أن يقبل على الزواج بأرملة معها أولاد، أو بامرأة

سبق لها الزواج عموما، وإن قبل هو فسوف يرفض الأهل، فالحل إذن فى التعدد المباح بشروطه، لأن منع التعدد وقصر الزواج

على واحدة يؤدي بالضرورة إلى بقاء عدد كبير من النساء دون زواج، وذلك يسبب لهن الحرج، والضيق، والتشتت، وربما أدى

بهن إلى بيع العرض، وانتشار الزنا، وضياع النسل.

القدرة البدنية والمالية والقدرة على العدل

ويرى العلماء أن الرجل إذا آنس من نفسه القدرة البدنية والمالية والقدرة على العدل أبيح له الزواج والتعدد، وأما ما يسببه

الزواج بأخرى من إيذاء نفسي، وتوتر عصبي وغير ذلك بالنسبة للزوجة الأولى، فالزوج مطالب – على جهة الاستحباب –

بأن يتلطف بزوجته الأولى، ويقنعها بالأمر، وأن يبذل لها ما يجبر خاطرها، لأن هذا من العشرة بالمعروف، كما أن الزوج

ينبغي له أن يوازن بين المصالح والمفاسد من هذا الزواج فيفعل الأصلح، وهذا يختلف باختلاف الناس، لكن لا نقول بأن التعدد

مفاسده أعظم من مصالحه بدعوى أنه يدمر البيوت ويشتت الأبناء وغير ذلك، لأن الذي شرع التعدد أدرى بالمصالح وأعلم

بالعواقب، نعم يقع هذا أحيانا، لكن نادرا ما يقع مع مراعاة شروط التعدد الشرعية، وأما مجرد الغيرة الطبيعية لدى النساء

وما يحصل بها من إيذاء نفسي ومشقة على المرأة فليست مفسدة تعادل مصالح التعدد الكثيرة.

نظرة الإسلام عادلة متوازنة

وقد يغيب عن البعض أن نظرة الإسلام عادلة متوازنة: فالإسلام ينظر إلى النساء جميعهن بعدل، والنظرة العادلة تقول:

ما ذنب اللاتي تخطين سن الزواج ولا أزواج لهن؟ ولماذا لا ينظر المعترض على التعدد بعين العطف والشفقة إلى من مات

زوجها وهي في مقتبل عمرها؟.

فبدلا من مهاجمة التعدد ومحاولة منعه، علينا أن نشجع الرجل المتزوج بواحدة القادر ماديا وبدنيا على العدل فى القسمة فيما يملك، أن يسعى إلى الزواج بأخرى ممن لا يقدم على زواجهن الشباب الأعزب، لأن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد تزوج خمس عشرة امرأة  رضي الله عنهن ـ ليس فيهن بكر صغيرة إلا عائشة، ومع ذلك يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم لجابر رضي الله عنه: “هلا تزوجت بكرا تلاعبها وتلاعبك؟”، ويفهم من ذلك حث الشاب الأعزب على التزوج بالبكر، مع حسن العشرة وجميل الملاطفة، مما يكون في العادة مع البكر أكثر، فمن للثيب إذن، وللأرملة ومن كبرت فى السن دون زواج؟.

وإن شاء الله نستكمل الحديث فى هذه القضية إن كان فى العمر بقية.

Ibrahim.nssr@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.