إبراهيم نصر يكتب : تعدد الزوجات “1”

الكاتب الصحفى إبراهيم نصر
الكاتب الصحفى إبراهيم نصر

لا أحد من المسلمين يستطيع إنكار أن نبى الإسلام ـ سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ـ عدد الزوجات، وأن صحابته

ـ رضوان الله عليهم ـ عددوا الزوجات، وكذلك التابعين وتابعى التابعين، وسيظل التعدد مباحا فى أمة الإسلام إلى يوم الدين،

لأن النص القرآنى واضح وصريح: “وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَىٰ فَانكِحُوا مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاءِ

مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۖ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَلَّا تَعُولُوا” (سورة النساء: آية 3).

ولا أدرى لماذا الهجمة الشرسة على فضيلة الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر الشريف، وكأنه

أتى بدين جديد أو أفتى بخلاف ما جاء فى كتاب الله وسنة رسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أو جاء بما يناقض ما ورد

فى سيرة الصحابة والتابعين، فإن الرجل يوقن ويؤكد أن الأصل في الزواج ليس التعدد، لأن الحكم الفقهى بأن التعدد جائز،

إذا وجدت المقتضيات، كما أنه ليس حراما أو مكروها.

يجوز للمرأة أن تشترط على زوجها

بل إن الدكتور كريمة ذكر فى أحد الفضائيات أن الفقه الحنبلي يقول: إنه يجوز للمرأة أن تشترط على زوجها،

عند إنشاء عقد الزواج الصحيح، ألا يتزوج عليها، وإذا قبل الزوج، فإنه يكون ملزما بذلك، وفق صدر الآية القرآنية الأولى

فى سورة المائدة: ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ..”

وفى تقديرى وفيما أعلم، أن الزواج الثانى أو الثالث أو الرابع تنطبق عليه كل أحكام الزواج الأول، بمعنى أنه قد يكون واجبا

أو مباحا أو مكروها أو حراما، وتفصيل ذلك مبسوط فى كتب الفقه، ولا يتسع المقال لسرد هذه الأحكام

وضرب الأمثال لتوضيحها.

ولا يغيب عن أصغر طالب فى الأزهر، فضلا عن السادة العلماء، أن التعدد لم يخترعه الإسلام بل كان موجودا دون حد للعدد،

فقد كان الرجل يتزوج بأى عدد شاء، فضلا عن ملك اليمين من النساء، فجاء الإسلام وحدد التعدد بأربعة،

ولا يجوز بحال الزيادة على ذلك، وهذا بإجماع علماء الأمة على أن أحدا من المسلمين لا يجوز له أن يزيد على أربع نسوة،

وكانت الزيادة من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم، لا مشاركة معه لأحد من الأمة فيها، وروى أن قيس بن الحارث

كان تحته ثمان نسوة فلما نزلت الآية، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: “طلق أربعا وأمسك أربعا”.

التحذير من الوقوع فى الجور وعدم العدل بين الزوجات

وكلام فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، وفضيلة مفتى الجمهورية الدكتور شوقى علام، فى هذه القضية،

لا يفهم منه أبدا تحريم التعدد أو منعه على الإطلاق، وإنما هو من قبيل التحذير من الوقوع فى الجور وعدم العدل

بين الزوجات حال التعدد، ولا معنى لرفض العلمانيين أو غيرهم ـ من الكارهين للدين وأحكامه ـ تعدد الزوجات

مع القدرة على العدل في المأكل والملبس والمشرب وضرورات الحياة، ويستدلون على هذا الرفض بقول الله تعالى:

“وَلَن تَسْتَطِيعُوا أَن تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ” (النساء: 129)، فهذا استدلال فى غير محله وخطأ محض،

إذ كيف يبيح الله شيئا ثم يعلقه على مستحيل؟.

بل إن هذه الآية نفسها دليل على أن التعدد مباح، لأن المقصود بالعدل هنا هو عدل العاطفة بين الزوجات، فمعنى الآية:

أي لن تقدروا أيها الرجال على التسوية بين نسائكم في المحبة ولو اجتهدتم، بدليل أن الرسول – صلى الله عليه وسلم –

كان يقسم بين نسائه، فيعدل، ويقول: “اللَّهمَّ هذا قَسمي فيما أملِكُ، فلا تلُمْني فيما تملِكُ ولا أملِكُ” يَعني: ميل القلب

إلى إحدى الزوجات، فهذا مما يملكه اللهُ، وقد قال الحق: “فَلَا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ” (النساء: 129)، أي: لا تتعمدوا الإساءة،

بل الزموا التسوية في القسمة والنفقة.

وإن شاء الله نستكمل الحديث فى هذه القضية، إن كان فى العمر بقية.

Ibrahim.nssr@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.