إبراهيم نصر يكتب : قضية بناء الوعى “12”

الكاتب الصحفى إبراهيم نصر
مدير تحرير بدار الجمهورية للصحافة

وأنا أتحدث عن قضية بناء الوعى، لا أستطيع أن أتجاهل كتاب “فقه النوازل – كورونا المستجد أنموذجا” الذى صدر منذ قرابة العامين عن الهيئة المصرية العامة للكتاب ضمن سلسلة “رؤية” التى تصدر بالتعاون مع وزارة الأأوقاف، وذلك نظرًا للأهمية البالغة لموضوع الكتاب،

فهو يرشدك إلى كيفية التعامل مع الأوبئة ويكشف جهل المتنطعين، ومدى حاجتنا إلى خطاب

ديني مستنير يرتكز على فهم المقاصد العامة للشرع الحنيف، وخطورة التدين المبني على

الجهل أو الهوى والجمود عند ظواهر بعض النصوص دون فهم، ويلفت القارئ إلى ضرورة فقه

الواقع والمتاح والموازنات وترتيب الأولويات في التعامل مع النوازل والمستجدات.

الكتاب يعد تأصيلا علميا ودينيا لفقه النوازل والمستجدات، ويتناول قضايا في غاية الأهمية مثل:

الحجر الصحي، العزل المنزلي، أداء العبادات والشعائر في زمن النوازل والجوائح، ويجيب على كثير من الأسئلة الشائكة في بابه،

ويؤكد عدم التناقض بين الإيمان والعلم، ويبرز حاجتنا إلى الدعاء والدواء معا، فليس أحدهما بديلا للآخر ولا نقيضا له.

العلاقة بين القواعد الفقهية والأصولية

ويوضح الكتاب العلاقة بين القواعد الفقهية والأصولية، والمستجدات العصرية، من خلال إعمال العقل في فهم صحیح النص،

وحسن قراءة الواقع، وإسقاط حكم النص على هذا الواقع.

شارك فى تأليف الكتاب وقدم له وأشرف عليه الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، مع نخبة من كبار العلماء

والباحثين المتخصصين في الدراسات الفقهية والشرعية.

يقول الدكتور محمد مختار جمعة فى تقديمه للكتاب: للأحوال العادية أحكامها، وللنوازل أحكامها، والطامة الكبرى في انسداد

أفق من لا حظَّ لهم من العلم النافع، ممن جمدت عقولهم عند حفظ بعض المسائل أو الأحكام الجزئية دون أن يلموا بشيء

من فقه الأولويات أو فقه النوازل، ولم يفقهوا شيئا من قضايا الاستحسان والاستصحاب، أو المصالح المرسلة، أو ما عمت به البلوى،

دون أن يفرقوا بين الكليات والجزئيات، ودون أن يحسنوا ترتيب الكليات أو المقاصد الضرورية، ولم يفقهوا مراد الشارع منها،

إنما جعلوا عمدتهم ورائدهم في كل شيء بعض ما حفظوه من بطون الكتب أو ما أخذوه على يد كبيرهم في الجماعة أو التنظيم، فيحفظونه وكأنه القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل إن أحدهم قد يجادلك في فهم النص القرآني المقدس، ولا يسمح لك أن تراجعه أو تناقشه في كلام مرجعيته فى الجماعة أو مرشده حتى لو كان هو أيضا لم يفهم كلام من نقل عنه على وجه صحيح، لأن الولاءات التراتبية في هذه الجماعات لا تسمح بالنقاش أو المراجعة أو الحوار العقلي.

متحجرون يقفون عند ظواهر النصوص

فللأسف الشديد لا يزال هناك متحجرون يقفون عند ظواهر النصوص ولا يتجاوزون الظاهر الحرفي لها إلى فهم مقاصدها ومراميها، فيقعون في العنت والمشقة على أنفسهم وعلى من يحاولون حملهم على هذا الفهم المتحجر، دون أن يقفوا على فقه وفهم مقاصد السنة النبوية المطهرة المشرفة بما تحمله من وجوه الحكمة واليسر، وما لو أحسنا فهمه وعرضه على الناس لغيرنا تلك الصورة السلبية التي سببتها أو سوقتها الأفهام والتفسيرات الخاطئة للجماعات الإرهابية والمتطرفة ورؤى أصحاب الأفهام السقيمة الجامدة المتحجرة على حد سواء، ورحم الله الحسن البصري حين قال: “.. فَإِنَّ قَوْمًا طَلَبُوا الْعِبَادَةَ وَتَرَكُوا الْعِلْمَ حَتَّى خَرَجُوا بِأَسْيَافِهِمْ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ – صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَلَوْ طَلَبُوا الْعِلْمَ لَمْ يَدُلَّهُمْ عَلَى مَا فَعَلُوا”.

فما أحوجنا إلى خطاب ديني مستنير يرتكز على فهم المقاصد العامة للشرع الحنيف، وإن شاء الله نستكمل الحديث فى “قضية بناء الوعى” إن كان فى العمر بقية.

Ibrahim.nssr@gmail.com    

تعليق 1
  1. […] مازلت مع كتاب “فقه النوازل”، فبالإضافة إلى ما ذكرته فى المقال السابق […]

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.