إبراهيم نصر يكتب : اللغة العربية والتواصل الحضارى

الكاتب الصحفى إبراهيم نصر
الكاتب الصحفى إبراهيم نصر

احتفل العالم يوم السبت الماضى باليوم العالمى للغة العربية، وهو اليوم الموافق لتاريخ اعتماد إدارة الأمم المتحدة للتواصل قرارا بإدخال اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية، ولغات العمل في الأمم المتحدة، وذلك فى الثامن عشر من ديسمبر عام 1973.

والغرض من الاحتفال بهذا اليوم ـ كما تعلن الأمم المتحدة ـ هو إذكاء الوعي بتاريخ اللغة العربية وثقافتها وتطورها

من خلال إعداد برنامج أنشطة وفعاليات خاصة، وجاءت احتفالية هذا العام تحت عنوان ’’اللغة العربية والتواصل الحضاري” ويعتبر بمثابة

النداء للتأكيد مجددا على الدور المهم الذى تؤديه اللغة العربية في مد جسور التواصل والوصال بين الناس من خلال الثقافة

والعلم والأدب، وغيرها من المجالات الكثيرة والمتعددة.

والغاية من هذا الموضوع هى إبراز الدور التاريخي الذي تضطلع به اللغة العربية كأداة لاستحداث المعارف وتناقلها،

فضلاً عن كونها وسيلة للارتقاء بالحوار وإرساء أسس السلام.

حلقة الوصل التي تجسد ثراء الوجود الإنساني

وكانت اللغة العربية عبر القرون وستظل هى الركيزة المشتركة وحلقة الوصل التي تجسد ثراء الوجود الإنساني وتتيح الانتفاع

بالعديد من الموارد، وتعد ركنا من أركان التنوع الثقافي للبشرية، وهي إحدى اللغات الأكثر انتشارا واستخداما في العالم،

إذ يتكلمها يومياً ما يزيد على 400 مليون نسمة من سكان المعمورة، وفضلا عن ذلك، مثلت حافزا إلى إنتاج المعارف ونشرها،

وساعدت على نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة، كما أتاحت إقامة الحوار

بين الثقافات من سواحل الهند إلى القرن الأفريقي.

وتتيح اللغة العربية الدخول إلى عالم زاخر بالتنوع بجميع أشكاله وصوره، ومنها تنوع الأصول والمشارب والمعتقدات،

كما أنها أبدعت بمختلف أشكالها وأساليبها الشفهية والمكتوبة والفصيحة والعامية، ومختلف خطوطها وفنونها النثرية

والشعرية، آيات جمالية رائعة تأسر القلوب وتخلب الألباب في ميادين متنوعة.

وسادت اللغة العربية لقرون طويلة من تاريخها بوصفها لغة السياسة والعلم والأدب، فأثرت تأثيرًا مباشرًا أو غير مباشر في كثير

من اللغات الأخرى في العالم الإسلامي، مثل: التركية والفارسية والكردية والأوردية والماليزية والإندونيسية والألبانية وبعض

اللغات الإفريقية الأخرى مثل الهاوسا والسواحيلية، وبعض اللغات الأوروبية وخاصة المتوسطية منها، كالإسبانية والبرتغالية

والمالطية والصقلية.

لغة القرآن الكريم الخالد المحفوظ بحفظ الله تعالى له

ويأتى قبل ذلك كله كون اللغة العربية لغة مقدسة ومحفوظة، إذ هى لغة القرآن الكريم الخالد المحفوظ بحفظ الله تعالى له: “إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون” وهى لغة اهل الجنة، وليس بعد ذلك من حفظ وتقديس وشرف لا ترقى إليه أى لغة أخرى مهما انتشرت أو حاوول أصحابها نشرها او فرضها على العالم طوعا أو كرها.

وحسنا فعلت وزارة الأوقاف إذ جعلت موضوع خطبة الجمعة الماضية عن اللغة العربية وأهميتها ومكانتها وشرفها وضرورة التحدث بها والحفاظ عليها، وكم كنت سعيدا حين وجدت أثر الخطبة على المصلين واستشعارهم الحرج من تقصيرهم فى حق اللغة العربية، والتفاخر بتعليم أبنائهم اللغات الأخرى، على حساب الاهتمام بلغتهم الأم، كنوع من التحضر الزائف والرقى المتصنع غير المنتج إلا للميوعة والخلاعة والتدنى الأخلاقى والانحطاط المعرفى، إلا من رحم ربى من القلة القليلة التى تراعى أن اهتمامها باللغات غير العربية لا ينبغى أن يطغى على لغتهم المقدسة الشريفة المحترمة.

وبمناسبة موضوع الاحتفال هذا العام وهو: “اللغة العربية والتواصل الحضارى”، وفى ظل الجمهورية الجديدة فى عصر الرئيس السيسى الذى يؤسس لمنظومة أخلاقية محترمة يستعيد بها الوعى للشخصية المصرية، أرجو من كل مؤسسات الدولة المعنية أن تهتم باللغة العربية، وتضع الخطط  العاجلة والآجلة لترسيخ حب اللغة العربية فى نفوس النشء الصغير، والشباب الصاعد الواعد، وكذلك اهتمام الكليات المتخصصة فى البرمجيات بتخريج جيل قادر على وضع اللغة العربية على خريطة التواصل الحضارى، بحيث لا يضطر المواطن العربى لاستخدام لغة أخرى فى تعاملة مع البرمجيات أو استخدام البرامج الإليكترونية والتقنيات العلمية الحديثة فى شتى المجالات.

ibrahim.nssr@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.