عبد الناصر البنا يكتب : الإعلام وتوافه الأمور !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
الحقيقة أنى ترددت كثيرا فى الكتابة فى هذا الموضوع الذى يشغل بال كل مهموم بقضايا الوطن ، ولدى أسبابى ، أولا عندما تكتب عن الإعلام تشعر وكأنك تؤذن فى مالطا ، والمثير للجدل أن مصر ومايحدث فيها فى وادى والإعلام فى وادى تانى
رئيس يعمل ليل نهار وهذه حقيقة وليست نفاق ، وإعلام تايه مشغول بتوافه الأمور ، ويشعرك بأنه فى حتة تانية خالص ، حتى القنوات إللى إقتنعونا بأنها قنوات الدولة هى أيضا ضلت الطريق ، خلونى أكون صادق معكم ، أنا حزين لما وصل إليه واقع الإعلام المصرى ، لأن الشىء المؤكد أن هدم أى مجتمع ، بل هدم أعتى المجتمعات يكون بتغييب الإعلام عن قضايا الوطن وهموم ومشاكل المواطن .
تابعت بكل أسى وأسف القضايا التى تشغل الإعلام المصرى وبرامجه طوال الفترة الماضية ، فوجدت العجب العجاب ، برامج كلها ضجيج بلا طحين ، برامج تافهة يملؤها إسفاف وقعقعة لا تقدم ولا تفيد ، توك شو ينعق فى فى قضايا سطحية بعيدة كل البعد عن مايشغل الوطن وهموم المواطن ومشاكله
بعيدة كل البعد عن القيم والأخلاق التى تربينا عليها ، والتى ظل تليفزيون الدولة حريصا عليها حتى الآن إنطلاقا من ضمير مهنى يحفظ ثوابت المجتمع .
أنت على سبيل المثال عندما تشاهد معركة حامية الوطيس على إحدى القنوات يدافع فيها إعلامى مصر الأوحد عن القيم والاخلاق فى المجتمع ويكيل الإتهامات ويتوعد بالمحاكمة لـ أحد مطربى المهرجانات لأنه غنى فى موسم الرياض بالسعودية أغنيتة الشهيرة ” بنت الجيران ” وإستبدل فيها كلمة أشرب خمور وحشيش وقال أشرب تمور وحليب ، وأنه صرح بأن السعودية أرضا ” طاهرة ” يالا الهول – بصوت يوسف بك وهبى – ، والولد على الهاتف يحلف بشرف أمه أنه ماقالش الكلام دا .. أى إعلام هذا ؟
ومذيع آخر محترم مشهود له بالمهنية يقع فى سقطة للمرة الثانية بعد أن إستضاف من إدعى أنه محلل شرعى ، تزوج وطلق عشرات المرات فى فترة وجيزة ، وهو يعلم حرمة هذا الكلام ، ويخرج الرجل عن صمته وبقول أنه تم رشوته بالمال للإدلاء بهذا الكلام ، أى سفه هذا
المثير للدهشة أنه فى الوقت الذى ترتب فيه مصر لشباب العالم يستضيف هذا المهنى المحترم الفنان يوسف سوسته الشهير بكليب ” شيماااء ” أى هدم هذا لـ قيم المجتمع واخلاقه ، وقوته الناعمة ، وأى خيبة إعلام تلك ، والقائمة بالطبع تطول ولاداعى للإطالة .
هل هذا هو المامول من إعلام مصر ، البلد التى تحارب من جميع الجهات ، مصر الممتلئة بالخونة والمتربصين وخفافيش الظلام من فلول الإخوان والجماعات الإرهابية والمتطرقة التى تطل برأسها من آن لآخر ، هل هذا هو الإعلام المفترض أن يتابع الإنجازات التى تتحقق فى الداخل والخارج
وكون مصر رمانة الميزان فى الشرق الأوسط ، والقفزات التنموية فى الداخل والتى أصبحت حدبث العالم ، أين البرامج التى تعنى بالإستثمار وشرح فرص التنمية فى مصر ، أين .. وأين .. وأين ، والله عيب .
السؤال : ألا يوجد فيكم رجل رشيد ، ألا يوجد رجل يضبط منظومة الإعلام فى مصر ، أم أننا ننتظر أن تأتى التعليمات من الرئيس حتى يتحرك أصحاب العقول ، كما كتبت إحدى الزميلات على صفحتها فى فيس بوك
” مازلت على رأيى أن الريس هو الوحيد إللى عنده رؤية صائبة فى البلد دى .. والباقى ما هم إلا مؤديون بلا فكر ولا رؤية “
كلنا نحب الرئيس ، لكن أن يصل الحال ببعض المثقفين إلى هذا الحد فهناك خلل ما وأقول لها : هل المفترض أن الرئيس هو الذى يملك العصى السحرية لحل كل مشاكلنا ، قد تكون معذورة لأن المجتمع طوال العهود الماضية منذ ثورة يوليو 1952 وهو يعيش بهذه الطريقة فى التفكير ، وينتظر تأتيه تعليمات الرئيس .
واقع إعلامنا ياكرام يرثى له ، واقع إنحسر فيه دور تليفزيون الدولة المعبر عن آلام الوطن وآماله بعد أن إنحسر الدعم عنه ، واقع ترك فيه الحبل على الغارب وإختلط فيه الحابل بالنابل ، وتاهت الحقيقة .
واقع تحول فيه الإعلام الخاص من وسيلة لبناء العقول وإثراء الوجدان ، إلى وسيلة تبعث على الفوضى والمجون. واقع مشحون بفضائيات ممولة تفوح من شاشاتها رائحة النفاق ،
وبرامج حوارية فجة لاطائل منها عير ” القعقعة ” الفارغة ، ومشهد إعلامي عبثى ممتد ، تغلفه الفوضي ولا تحكمه أيه معايير مهنية ، ولا أخلاقيه ، ولا يردعه قانون ، مشهد لا يقره واقع ، ولا يقبله منطق ، ولا يوجد له نظير في أي دولة في العالم .
ودعونا نكون صادقين مع انفسنا ونعترف بفشل الهيئات الثلاث التى أعقبت إلغاء وزارة الإعلام فى ضبط منظومة الإعلام فى مصر ، وهذا ما ألمح إليه الرئيس فى أكثر من مناسبة ،
وخاصة فى ظل غياب الرؤية وأشياء أخرى لايسع المقام لذكرها ، ولذلك فإن الحاجة تقتضى وبطريقة ملحة وعاجلة بعد الفشل الذريع الذى منيت به وزارة الدولة للأعلام إلى عودة وزارة الإعلام حتى لو إقتضى الأمر تعديل دستورى .
وأعود وأأكد إلى أن ضحايا هذا المشهد العبثى كثر بداية من الوطن مرورا بالمواطن الذى أصبح يلهث سعيا وراء الحقيقة ولايجدها إلا فى إعلام خارجى مسموم ومضلل ، و” إعلام دولة ” يعلم القاصى والدانى أنه ذبح على قارعة الطريق
ومازال ينتظر رصاصة الرحمة التى تريحه من آلامه بعد أن نفضت الدولة يدها عنه وتبرأت منه براءة الذئب من دم إبن يعقوب ، وتطهرت من دنسه ، وربما لأنها إكتفت بما يسد رمقها ويتبنى قضاياها !!
ويبقى السؤال : من الذى يعيد الإعلام المصرى إلى ريادته وإلى سابق عهده ؟ وإن حدث ذلك
فهل وضعنا الأسس والمعايير التى بناءا عليها سوف يتم إختيار القائمين على منظومة الإعلام ؟
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.