إبراهيم نصر يكتب : نقل الأعضاء من جديد

الكاتب الصحفى إبراهيم نصر
الكاتب الصحفى إبراهيم نصر

فى أوائل التسعينات طفت على الساحة الإعلامية قضية نقل الأعضاء، واحتدم الجدل بين مؤيد ومعارض،

وقد كنت من الذين يتبنون وجهة نظر أو رأى أو فتوى إمام الدعاة فضيلة مولانا الشيخ محمد متولى الشعراوى ـ عليه رحمة الله ـ بتحريم نقل الأعضاء، من منطلق أن الإنسان لا يملك جسده،

ولا يجوز له التصرف فى أعضائه .. لا بالبيع ولا بالتبرع، وأن عمليات النقل ينتج عنها مصابا جديدا فور نقل العضو منه، وأن المنقول إليه العضو لاتستقيم له الحياة

بدون أدوية مثبطات المناعة حتى يتقبل الجسم العضو الدخيل عليه، وتتم معاملته معملة مريض الإيدز حتى التأكد من قبول الجسم للعضو المزروع، وحذرت حينئذ فى أكثر من مقال من أن يصبح الفقراء قطع غيار للأغنياء،

وكان الدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء آنذاك يتبنى وجهة النظر الأخرى، وكان من أوائل المنادين بضرورة

سن قانون ينظم عمليات نقل الأعضاء، لمواكبة التطور المذهل فى هذه العمليات التى تتم فى بعض دول العالم المتقدم،

وقد سبقنا لإباحة هذه العمليات بعض الدول العربية المجاورة لنا، وكانت مصر لا تسمح بهذه العمليات، وكان بعض الأطباء

يمارسونها فى الخفاء، وكنا نطالع فى الصحف إعلانات طلب متبرع بكلية أو فص كبد، وفى الحقيقة لم يكن تبرعا

وإنما كان بيعا وشراء، إلا فى إطار الأسرة الواحدة التى كان أحد أفرادها يتبرع لإنقاذ عزيز عليه من أقرب الأقربين.

جدل طبي وفقهي حول تعريف الموت الشرعي والموت الإكلينيكي

وظل الأمر على ذلك حتى صدر القانون رقم 5 لسنة 2010 الخاص بتنظيم زرع الأعضاء البشرية،

وأكدت النائبة ميرفت عبدالعظيم عضو لجنة الصحة بمجلس النواب أنه من القوانين المهمة المعطلة، التي يتعين طرحها

بشكل عاجل للمناقشة في مجلس النواب، وتابعت في بيان صحفي تناولته مؤخرا بعض وسائل الإعلام

: “إن القانون ينظم عملية زراعة الأعضاء والتبرع بها”، موضحة أن أهم معوقات هذا القانون شبه المعطل،

ذلك الجدل الطبي والفقهي حول تعريف الموت الشرعي والموت الإكلينيكي.

وشددت النائبة فى بيانها على أن هناك عددا كبيرا من المصريين يسافرون للخارج لزراعة الأعضاء،

نافية أن يكون ذلك بسبب ضعف المنظومة الصحية المصرية، ولكن بسبب عدم تفعيل قانون محكم ينظم عملية التبرع بالأعضاء.

زراعة “كلية خنزير” في جسد سيدة بريطانية

وبينما يتجدد الحديث عن هذا القانون بسبب تصريحات بعض المشاهير الذين أوصوا بالتبرع بأعضائهم بعد وفاتهم،

إذا بقضية أخرى تثير جدلاً مجتمعياً من جديد، وهى واقعة زراعة “كلية خنزير” في جسد سيدة بريطانية، وتجدد التساؤل:

هل يجوز ذلك شرعا باعتبار أن الخنزير نجس؟، ولكن سرعان ما حسم بعض علماء الدين القضية، وأفتوا بجواز ذلك

من قبيل الاضطرار، وفى تقديرى أن توصل العلم إلى ذلك، والتوسع فى استخدام بدائل الأعضاء من مصادر حيوانية

قد يقف حائلا بين الاتجار فى البشر، ويحد من ظاهرة بيع أعضاء الفقراء للأغنياء.

وسأكتفى بالرأى الذى أعلنه مؤخرا الدكتور عبدالله النجار، عضو مجلس البحوث الإسلامية، بأنه يجوز زراعة عضو من الخنزير قياسا على حالة الضرورة التي تبيح أكل الميتة ولحم الخنزير، وتحريم الخنزير يخص الطعام، مشيرا إلى أن العضو النجس إذا التحق بالإنسان فيأخذ حكم الغالب الأعم وهو طهارة بدن الإنسان.

وكذلك ما قاله الشيخ خالد عمران أمين عام الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال مداخلة تليفزيونية بأن العلاج باستخدام أجزاء من الخنزير متناولة في الفقه الإسلامى، وأن الشرع لا يحرم العلاج، والاضطرار لاستخدام جزء من الخنزير للعلاج مباح طالما أن الأطباء المختصين أكدوا أنه لا يقع جراء ذلك ضرر على الإنسان، وأنه لا يوجد علاج آخر يساهم في شفاء المريض.

نسأل الله العفو والعافية، ونسأله سبحانه تيسير سبل العلاج دون الوقوع فى الحرام، رفعا للحرج عن أمة حبيبه ومصطفاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

Ibrahim.nssr@gmil.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.