هاني سالم يكتب : ملحمة أكتوبر .. حكاية وطن أذهلت العالم  

هاني سالم
يُعد نصر يوم السادس من ” أكتوبر “، أعظم إنتصارات الأمه العربيه في تاريخها الحديث، وفخر وكبرياء لكل عربي، حيث جسد أصالة شعب مصر وقواته المسلحه، وعظمة ولائهم للوطن،
فقد أعاد أبناء مصر أمام أعين الجميع تشكيل خريطة القوي في العالم، وأصبح الإنتصار نقطة تحول كبري في التاريخ، فهو يوم العزه والكرامه، الذي أثبت فيه المصريون جميعاً وفي القلب منهم الجيش المصري العظيم، فإرادة المصريين أقوي من الصلب، وعزمهم لا يلين، ففي مثل هذا اليوم منذ 48 عاماً بالتمام والكمال،
أكد المصريون للعالم كله بأنهم لن ولم يقبلون بالتفريط في ذرة رمال واحده من أرض الوطن، وأنهم مستعدون أن يقدموا أرواحهم فداء لمصر، ففي هذا اليوم وقف الخلق ينظرون بفخر للمعجزه التي حققها الجيش المصرى حينما عبر قناة السويس، لأقوي مانع مائي في التاريخ العسكري وتحطيم خط بارليف وقهره، أقوي خط دفاعي عرفته البشريه في العصر الحديث،
لم تكن حرب السادس من أكتوبر عام 1973، مجرد معركة تحرير الأرض المحتله فقط، بل كانت ملحمه وطنيه متكامله، هذه الملحمه
تجمعت فيها كافة المبادئ الوطنيه والقيم الساميه، وأسس النجاح والتميز، من إراده حديديه وإيمان بالله وثقه في النصر والإنتماء
للوطن والولاء لتراب مصر العظيمه، والعقيده القتاليه العاليه السليمه، والإعداد الجيد للمعركه والقناعه بأن النصر قادم لا محاله،
بالإضافه إلى التفاني والإخلاص والتلاحم بين الشعب والقياده السياسيه، وكلها مبادئ وقيم سطرت أروع ملاحم التاريخ المصري
الحديث، ستظل حرب السادس من أكتوبر معينا لا ينضب، يجب أن نستمد منه كل أسباب النجاح والتفوق، ومن الضروري أن تظل
الدروس المستفاده من روح أكتوبر العظيم نبراساً أمامنا تقودنا نحو النجاح، مهما كانت التحديات ومهما كانت العقبات،
ومؤكداً أن روح أكتوبر ستظل قادره علي قهر كل الصعاب ما دمنا متمسكين بها وعن قناعه وإيمان، لم تكن حرب السادس من أكتوبر
عام 1973، حدثاً عابراً أو إستثنائياً خارج مسار التاريخ المصري في السنوات الماضيه، بل كانت تتويجاً لمرحله مجيده من تاريخ مصر،
غيرت الفكر العسكري الحديث، وأصبحت عملية العبور مرجعاً أساسياً لكل الجيوش العالميه الحديثه،
فقد وصفها المؤرخون بأنها الحرب الأكبر منذ الحرب العالميه الثانيه، لقدرتها في قلب موازين القوي وإبهار العالم بعد أن أجمع خبراؤه
العسكريون علي إستحالة العبور، تلك الحرب التي إجتمعت فيها الروح القتاليه والدبلوماسيه الرائعه التي خاضت حروباً لا تقل أهميه
عن الحروب التي خاضتها العسكريه،
أثبتت حرب أكتوبر المجيده للعالم أجمع قدرة المصريين علي إنجاز عمل جسور من خلال دقة الإعداد والتخطيط، وبسالة الأداء
والتنفيذ، مما أكد للجميع أن الشعب المصري ضرب أروع صور البطوله ووقف إلي جوار قواته المسلحه داعماً ومسانداً، فلقد حطمت
حرب السادس من أكتوبر، العاشر من رمضان، أكذوبة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر،
لتكون تلك الحرب بمثابة طامه كبري لقادة تل أبيب، لدرجة أن جولدا مائير لوحت باللجوء إلى السلاح النووي لإنقاذ جيشها،
وفي نفس الوقت سارعت أمريكا بمد جسر تسليح جوي عسكري مباشر لمساعدة إسرائيل وإنقاذها، إنتصار أكتوبر إنجاز عظيم يعد
من أهم الإنتصارات في تاريخ مصر المعاصر،
تحققت هذه المعجزه بأيدي أبطالنا وأبنائنا المخلصين من نبت هذا الشعب العظيم، وينبغي أن تعي تلك الأجيال الحاليه معني روح
أكتوبر، كما ينبغي أن نورث أجيال مصر القادمه كل المعاني العظيمه في ملحمة حرب أكتوبر المجيده، وإن كانت مصر خاضت حرب
أكتوبر من أجل تحرير الأرض، فإننا نخوض حالياً معركه لا تقل عنها ضراوه وتحدي،
وهي معركة البناء والتنميه بمفهومها الشامل، التي يجب أن نخوضها بروح إنتصارات أكتوبر العظيم، حتي نحقق ما نريده من إنجازات،
وهو ما بدأ يتحقق فعلياً على أرض الواقع، بفضل رؤية القياده السياسيه الحكيمه، ولا يجب أن تقل عزيمتنا حتي نستكمل كل
مشروعات التنميه التي ستنقل مصر إلي مرحله جديده من التقدم والرخاء،
فلا شك أن إنتصار أكتوبر رسخ عملية السلام لا سيما وأن هذه الحرب فتحت الطريق إلى السلام، فإنتصار مصر في الحرب فتح
الطريق أمام الإنتقال من مرحلة الحرب إلي مرحلة السلام،
إبتداءً من إتفاقيات فصل القوات وإعادة فتح قناة السويس للملاحه الدوليه في يونيو عام 1975، وإتفاقية إطار السلام الشامل في
الشرق الأوسط عام 1977، التي حددت مبادئ حل الصراع العربي الإسرائيلي،
ومعاهدة السلام المصريه الإسرائيليه عام 1979، واتفاقية أوسلو عام 1993، ومعاهدة السلام الأردنيه الإسرائيليه عام 1994، كل
هذه الإتفاقيات رسختها حرب أكتوبر المجيده
كانت حرب أكتوبر هي معركة الأسلحه المشتركه، قدمت مقطوعه متناغمه وابتكرت تكتيكات غيرت الكثير من المفاهيم العسكريه،
فقد إستطاع سلاح المهندسين أن يلفت إنتباه العالم بمعجزة العبور، وقالت الصحافه العالميه وقتها ” إن المهندسين المصريين
إستطاعوا بناء الكباري لعبور قناة السويس،
وأن عملية المرور فيها أكثر سلاسه منها في شوارع القاهره “، ويصف المؤرخ العسكري البريطاني ( إدجار أبولانس)، عملية العبور
بأنها كانت معجزه عسكريه مكتملة الأركان، تظل معركة يوم السادس من أكتوبر تحمل من الأسرار والتفاصيل ما تعجز آلاف الكتب
عن تسجيله وتوثيقه،
فإرتبطت كافة مؤسسات الدوله المصريه معاً لخلق منظومه متكامله للنجاح، وكانت النجاحات متعدده، فمنها نجاح القوات في عبور
القناه، ونجاحات أخري في التصدي لكل التحديات وإزالة كل المعوقات، وبين كل هذا وذاك ظهر « ملف الخداع الإستراتيجي »، في
مواجهة كل إمكانيات العدو المتوفره،
بحيث يظل ساكناً وتحركاته أقل من معدلها الطبيعى في مواجهة جيش بأكمله يستعد للعبور، ويعود سبب النجاح في حرب أكتوبر
إلي عاملين أساسيين هما المعلومات والمفاجأه، وأهم نتيجه إستراتيجيه للحرب هي تنفيذ الهدف الأساسي الرئيس الراحل محمد
أنور السادات،
وهي إنهاء حالة « اللا حرب واللا سلم »، في الشرق الأوسط، ومن ناحيه أخري كانت الحرب صدمه نفسيه قاسيه للشعب
الإسرائيلي، فقد أدرك الإسرائيليين أن قوتهم يمكن أن تقهر
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.