إبراهيم نصر يكتب : مولد الفتوى.. وفتوى المولد

الكاتب الصحفى إبراهيم نصر
الكاتب الصحفى إبراهيم نصر

رغم المحاولات الجادة التى بذلتها المؤسسة الدينية للسيطرة على منابر المساجد ومعاهد إعداد الدعاة

لتجفيف منابع الخطاب الدينى المتخلف، المؤدى بالضرورة للتطرف والإرهاب،

فإن “مولد الفتوى” مازال يؤرق السلام الاجتماعى ويزعزع أفكار البسطاء ويهز ثقتهم فى علماء الدين دون تفرقة بين الأصيل الدارس المتخصص، والدخيل المفلس حاطب الليل.

ندرك جيداً أن المسألة الواحدة قد يختلف حكمها الفقهى باختلاف الزمان والمكان والمستفتى،

وقد ذكر الإمام السيوطي في كتابه “الأشباه والنظائر” قاعدة فقهية تقول: “لا ينكر المختلف فيه، وإنما ينكر المجمع عليه”.

ومع ظهور حلوى المولد النبوى الشريف فى الأسواق، وقرب الاحتفال بذكرى ميلاد خاتم النبيين وسيد المرسلين،

فإن أعظم ما يؤرق عامة الناس فى هذه المناسبة، ليس ارتفاع أسعار الحلوى، وإنما تضارب الفتاوى حول مشروعية الاحتفال بذكرى المولد الشريف وكيفية الاحتفال،

بل إن البعض يفتى بحرمة الاحتفال، بل حرمة شراء الحلوى فى هذه الأيام!!.

عذراً سيدى رسول الله صاحب الذكرى

دعونى أقول: عذراً سيدى رسول الله صاحب الذكرى، تقول لأصحابك اشتقت لأحبابى، وهم الذين آمنوا بك ولم يروك،

والبعض ممن يزعمون أنهم أحبابك ينكر علينا الاحتفال بذكرى ميلادك، فأسأل الله أن يأتى اليوم الذى تحتفل فيه الدنيا كلها بمولد حبيبه ومصطفاه كأعظم إنسان فى الوجود.. وفتش فى صحة إيمانك إذا لم تقل آمين.

ويطيب لى فى هذا المقام أن أذكر أكثر من دليل على جواز الاحتفال بمولد الحبيب المصطفى، وأولها ربما لم يقل به أحد ممن قرأت لهم على كثرتهم، ألا وهو:

عدم إنكار النبى – صلى الله عليه وسلم – على أهل المدينة احتفالهم به حين قدم عليهم مهاجراً بدينه، وقد أبدوا

مظاهر مختلفة للحفاوة والفرحة، فلم ينكر عليهم ولم يقل لهم: كفوا عن هذا فليس ذلك من الدين.

أبو لهب يخفف عنه العذاب لفرحه بمولد النبى محمد

والحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقي، قال في كتابه “مورد الصادى في مولد الهادى”:

“قد صح أن أبا لهب يخفف عنه عذاب النار في مثل يوم الاثنين لإعتاقه ثويبة سرورًا بميلاد النبي”، ثم أنشد:

إذا كان هـذا كافرًا جـاء ذمه .. وتبت يـداه في الجحـيم مخلدًا

أتى أنـه في يـوم الاثنين دائمًا .. يخفف عنه للسـرور بأحـمدا

فما الظن بالعبد الذي طول عمره .. بأحمد مسرورٌ ومات موحـدًا

يحق لنا أن نظهر معالم الفرح والابتهاج

وفضيلة الشيخ حسنين مخلوف شيخ الأزهر الأسبق قال: “إن إحياء ليلة المولد الشريف وليالى هذا الشهر الكريم الذي أشرق فيه النور المحمدى إنما يكون بذكر الله وشكره لما أنعم به على هذه الأمة من ظهور خير الخلق إلى عالم الوجود.

وفضيلة الإمام محمد متولي الشعراوى قال: إكرامًا لهذا المولد الكريم، فإنه يحق لنا أن نظهر معالم الفرح والابتهاج بهذه الذكرى الحبيبة لقلوبنا كل عام.

والدكتور نصر فريد واصل مفتي الجمهورية الأسبق قال: إن المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها اعتادوا على الاحتفال بمولد الهدى والنور محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ الذي جاهد لنشر مبادئ الإسلام وإرساء قواعده، وهذه الاحتفالات لا مانع منها شرعاً.

من أفضل الأعمال وأعظم القربات

والدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية الأسبق قال:

الاحتفال بمناسبة ذكرى المولد النبوى الشريف ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أفضل الأعمال وأعظم القربات لأنه تعبير عن الفرح والحب له، ومحبة رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ أصل من أصول الإيمان، وحكم الاحتفال بالمولد النبوي والاحتفاء به أمر مقطوع بمشروعيته، لأنه أصل الأصول ودعامتها الأولى، فقد علم الله سبحانه وتعالى قدر نبيه فعرف الوجود بأسره باسمه ومبعثه وبمقامه وبمكانته، فالكون كله فى سرور دائم وفرح مطلق بنور الله وفرجه ونعمته على العالمين وحجته.

Ibrahim.nssr@gmail.com

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.