جيهان عبد الرخمن تكتب : المهرجانات وتوابعها!

حدثني بلهجته البدوية وكله ثقة أنني سأكون ممتنة لحديثه قال بدو مطروح لهم أصول عريقة ممتدة إلي شبه الجزيرة العربية وأنهم امتداد لنسل الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام, يحكمهم تقاليد أقوي من كل القوانين والمرأة لديهم مصانة ويضعونها فوق رؤوسهم علي حد تعبيره,
لكنها لا تخرج من بيتها خاصة أشهر الصيف حتي لا تشاهد ملابس نساء أهل البندر وتتشبه بهن, وأنها لا تذهب للمدارس من حيث الأصل فهي راعية لبيت زوجها, وليس لها الاعتراض علي زواج زوجها من مثني وثلاث ورباع وانهن يعشن جميعا تحت سقف واحد,
وإذا حدثت مشاكل زوجيه وتهور الزوج وضرب زوجته فلها حق عرب يتغرم فيه الزوج حلي من الذهب حسب مقدرته قد تصل إلي مائة الف جنيه. وعن الأنترنت والموبيلات قال ليس لهم تأثير كبير وهناك سيطرة من جانب الأسر علي استخدام النساء وبخاصة الفتيات وان ما يشاهدونه عبر وسائل التواصل الاجتماعي والفضائيات ليس له تأثير كبير, لان عاداتهم وتقاليدهم أقوي. محدثي يحمل مؤهل جامعي..!!
وقتها أيقنت أن ما نتابعه من إحصاءات عن التسرب من التعليم, ونسب الأمية خاصة بين الفتيات قد تكون غير دقيقة, لأن للواقع رأي أخر وأن هناك فئات كامله تعيش وفق قانونها الخاص خارج أي إطار رسمي, تكريم المرأة فيه يقدر بتعويضها بالذهب حين يضربها زوجها, وحال إصابتها بضرر هناك الطب البديل والمجبراتي, والقابلة, وشيخ القبيلة, وكبير العائلة, فما زال لدينا مجتمعات لا نعلم عنها شيء, وخاصة ما يخص المرأة التي لها يوم عالمي وعام باسمها, لكنها في بعض المناطق خارج التصنيف.
ينشغل المجتمع المدني التونسي الأن بأرقام وصفت بأنها مفزعه وصادمة. حيث ثبت أن هناك 108 الف تلميذ يتسرب من التعليم سنويا, نحو مليون شخص في السنوات العشر الأخيرة, وأن البنية التحتية للمدارس هناك لم تعد تحتمل 3 مليون تلميذ سنويا, وان الكثافة في الفصل الواحد وصلت إلي 35 تلميذ وذلك اكتظاظ غير محتمل, بل كارثة,
و يقول المهتمين هناك, أن هذا العدد لا نراه إلا في الدول الفقيرة !! وطالبوا مسئولي بلادهم بتحمل المسئولية والبحث عن حلول جذرية.  لكن بعيدا عن كل أوجه المقارنات التي لا محل لها دعونا نتوقف عند ظاهرة التسرب من التعليم, وتداعياتها علي مجتمعاتنا.
رحلتنا إلي محافظة مرسي مطروح كانت رحلة شبابية جدا حيث كان عدد الشباب الجامعي فيها أضعاف عدد كبار السن, ولهذا كانت كل أغاني المهرجانات ذات الأصوات الصاخبة إلي حد الإزعاج والضجيج, هي سيدة الموقف والغريب أنها تحوي ألفاظ نابية وإيحاءات جنسية بل وشتائم, ما أنزل الله بها من سلطان تحت مسمي أغاني أدمنها وحفظها الشباب عن ظهر قلب يرددونها بلا حياء وهم مستمتعون وكأنهم في حلقة تعاطي مخدرات, لم يؤثر فيهم تعليم جامعي ولم يرتق بذوقهم العام,
والسؤال أن كان هذا حال شباب جامعي فماذا عن المتسربين أصلا والذين تزداد نسبتهم يوما بعد يوم نظرا لضغوط الحياة الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر, ووضع عراقيل أمام تعليم الفقراء من فرض رسوم وجبايات تحت أي مسمي ليتحول التعليم من حائط صد للمجتمع, لسلعة لمن يملك ثمنها.
التسرب من التعليم وبخاصة للفتيات وأغاني المهرجانات التي يدمنها الشباب, وارتفاع معدلات الفقر, والتعليم الظاهري الذي لا يؤثر في سلوك البشر ولا يرتق بهم, ليست ظواهر عارضه تمضي إلي حال سبيلها, لكنها تحمل في ذاتها عوامل انهيار وتدمير المجتمعات,
لهذا يثور المجتمع التونسي من أجل تعليم أفضل ويطالب بمحاربة ظاهرة التسرب الجديدة علي مجتمعهم قبل أن تغزوه أغاني المهرجانات وما يتبعها من عوامل انهيار قيمي في المجتمع.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.