ناصر النوبي يكتب : ” تحت ظلال الجميزة ” .. فلسفة المرض عند مصطفي صادق الرافعي

الشاعر ناصر النوبي

وسائل الإنسان للجمع بين الإنسان وحقيقته العليا …

فكأنما تطوف الأمراض في هذا العالم لتصلح نواحي الإنسانية فيه ، فتضعف الحيوانية ، و تكسر شره الهوى ، وتكف طغیان المال عن النفس حتى لا شهوة فيه ولا قوة له.

ولو جمعوا ما أصلحته الأديان والقوانين وهى أشد من أحوال النفوس وطباعها ، ثم ما أصلحته الأمراض جمیعا
، ورأيت أن له أنبياء من هذه الأمراض يرسلها إلى الدم الإنساني ، وأن الميكروبات  السابحة في الهواء کالأملاح الذائبة في البحار .. لولا هذه لتعفنت الأرض ، ولولا تلك لتعفنت الإنسانية .!

تأمل هذا المريض وهو خائر النفس ، تخاذل الأعضاء ، کاسف الوجه ، ميت الهوى ، لايتماسك مما به من الضعف ، ولا يتشهي لما به من الفتور ، ولا يتذوق بما في روحه من المرارة ، ولا يجرؤ لما في حسه من الإشفاق ، ولا ينظر إلى الدنيا إلا بملء عينيه زهدا فيها

كأنما بث المرض في عينيه شعاعا ينفد الأمور إلى حقائقها ثم يخترق الحقائق إلى صميمها ، وقد عمل المرض فى الإنسان ما لم تستطيع العبادة أن تفعله طوال سنوات طويلة

هناك ثلاث وسائل للجمع بين الإنسان وحقيقته العليا
اولا …
العبادة القوية …وقد عجزت وندرت الا فى أفراد قلائل
ثانيا…الحكمة…وهى اشد عجزا لندرتها بين الناس
ثالثا المرض ..لا يستعصى عليه أحد من اطاع ،ومن عصى
وبعد أن يضعف الإنسان بفعل المرض فيزيد إلى قوته الرحمة وإلى الغنى الاحسان ،والى العزة المروءة
،ويكفه عن أى طغيان يقوم به !!

مصطفى صادق الرافعي من كتاب اوراق الورد

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.