عبد الناصر البنا يكتب : الوعى

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
الرئيس عبدالفتاح السيسى رغم مسئولياته وأعباءه الكثيرة إلا أنه يفاجئنا من وقت لـ آخر
بمكالمة تليفونية فى برنامج تليفزيونى ، يلخص فيها الكثير مما يدور فى المجتمع
أو يتبنى موهبة او يناقش قضية أو يبعث برسالة هامة ، وأحيانا تكون هذه الرسالة هى الـ
أمل أو البوصلة التى تدير دفة الوطن إلى الإتجاه الصحيح .
والحقيقة أن مصر منذ فترة ليست بالقليلة إنشغلت بقضايا فرعية قد تكون أخذت قدرا كبيرا
من إهتمامها بقضية الفكر والوعى والثقافة
أو مايسمى ” القوة الناعمة المصرية” التى تراجع للأسف دورها كثيرا ، بسبب تراجع دور
الدولة فى دعم الفنون والثقافة ومنها “
السينما والمسرح .. إلخ ” بالقدر الذى كان له تأثير سلبى على الداخل والخارج
ففى الداخل نتيجة لـ تدمير قطاع الإنتاج بإتحاد الإذاعة والتليفزيون الذى قدم أعمالا درامية
متميزة شكلت وجدان أجيال فى مصر والمنطقة العربية فقدت مصر الكثير من قوتها الناعمة
أما على المستوى الخارجى فإن إنحسار دور مصر أفسح المجال لغزو دراما لاتعبر عن الواقع الذى نعيشه مثل الدراما التركية
والسورية وغيرها .
وللأسف فقدت مصر كثيرا من قوتها الناعمة التى تفردت بها لسنوات فى محيط المنطقة العربية بل والعالم أحيانا وخاصة إذا علمنا
أن ظهور السينما فى مصر كان مع بدايات ظهور السينما العالمية .
المكالمة التى أجراها االرئيس عبدالفتاح السيسى مع الإعلامية عزة مصطفى مقدمة برنامج ” صالة التحرير ” المذاع على قناة “
صدى البلد ” وضيفها المولف عبدالرحيم كمال أثناء الحوار عن مسلسل ” القاهرة كابول ” والقضايا التى يأمل فى تقديمها دراميا
أكدت على إهتمام الرئيس بقضية الوعى والأعمال الدرامية الهادفة وهو ما يعكس إهتمام القيادة السياسية وتغير نظرة الدولة
وإهتمامها بالفنون بل وإستعدادها لدعم هذا القطاع .
الرئيس أثنى خلال المكالمة على حديث عبدالرحيم كمال ، وقال أنه يعكس حجم المعرقة والرقى الفكرى والثقافى الذى يتمتع به
وأكد أن الدولة على الرغم من أن لديها قضاياها وإهتماماتها المتعددة ، إلا أن ذلك لايمنع من أن يكون للثقافة والفنون أولوياتهم
الرئيس يعلم أن هناك أعمالا فنية ودرامية قد لاتحقق ربحا لصناع العمل ، ومع ذلك أكد أنه لو كان العمل جيد ويناقش قضية تهم
المشاهد فإن الدولة سوف تدعم هذا العمل أو الفكرة لو كانت التكلفة المالية والربح عائقا أمام تنفيذها .
وهو مايعكس دعم الرئيس ” الضخم ” للإبداع الفنى بل وأكد إستعداد الدولة على ذلك
وأكد أنه لايطلب هذا العمل ” مجانا ” وهو مايؤكد أن الدولة أدركت أهمية الإرتقاء بالفن والثقافة والأعمال الدرامية ومدى تأثيرها .. إلخ
والشىء اللافت للنظر أن الرئيس ذكر أن صناع الدراما يعرفوا بعض ويدركوا من هم أصحاب المواهب الحقيقية الذين يجب الإستعانة
بهم وهذا الأمر فى غاية الخطورة .
وخاصه إذا علمنا أن سوف الدراما فى مصر أخذ منحنى خطير كان سببا فى تراجع الدراما أو تقديم أعمال دون المستوى وهو
إعتماده ” الشللية ” التى كان لها من السلبيات الكثير والكثير
بل وأفرزت نجوما قدموا أعمالا كان لها تأثير سلبى على المجتمع ، وأدت إلى إنتشار العنف والبلطجة والفوضى بحجة أن الدراما هى
فن تجسيد الواقع ، أى واقع هذا الذى ينشر الرزيلة ويساعد على الإنحلال ويبتعد عن قيم وأخلاق المجتمع وقضاياه
أضف إلى ذلك ان ” الشللية ” أدت إلى قتل المواهب الجديدة وكما نعلم مصر ولاده وكم هناك من المواهب الحقيقية فى شمال
البلاد وجنوبها تبحث عن قرصة ومن يمد لها يد العون .
فالأرض التى أنجبت نجوما كبارا أمثال عبدالله غيث وشكرى سرحان وأحمد مظهر وفريد شوقى وشاديه وفاتن حمامه وسناء جميل
وسميحه أيوب والأبنودى وأسامه انور عكاشه ومحفوظ عبدالرحمن وعبدالرحمن الشرقاوى ويوسف شاهين وأحمد جلال عبد القوي
وغيرهم الكثير الكثير ممن ملأءوا الدنيا بفنهم ” عقمت ” أن تنجب أمثالهم .. أبدا والله هى قادرة بشرط أن تتاح لهم الفرصة .
“أنا داعم ومستعد والكرة في ملعبك” هو آخر ماقاله الرئيس متوجها بحديثه إلى عبدالرحيم كمال فى نهاية مداخلتة ، وهو مايحمله
وجيله عبئء المسئوليه
وأعتقد أنه أهل لحملها ، أولا لأن عبدالرحيم كمال كاتب موهوب خرج من طين الصعيد الذى أنجب العظماء ، وقد برزت موهبته فى
السنوات العشر الأخيرة من خلال أعمال درامية حازت على إعجاب المشاهدين فى مصر العالم العربى ،
وثانيا لأنه مغرم باللغة الأدبية فتشعر كأن شخصياته تقول أشعارًا عامية وليس حوارًا تقليديًا ، وبحكم كونه صعيديا تجد لديه إنحيازا
لقضايا بيئته
ولاعجب فى أن تجده يحول نصا من الأدب الكلاسيكى العالمى لقصة تدور أحداثها في قرية صعيدية ، ويحكي عن المتصوفة ، فى
مسلسل ” الخواجه عبدالقادر ” بل ويقتبس من التاريخ ما يحلو له ، ويحوله إلى نماذج إنسانية وشخصيات ثرية
ويأخذ من شخصيات التراث الشعبى المصرى نماذج لشخصيات تاريخية ويحولها إلى عمل درامى كما حدث مع سيرة ” شيخ العرب
همام ” ، أو أسطورة شعبية تدور أحداثها فى إطار اجتماعي إنساني داخل الصعيد المصري ويسلط الضوء على العديد من التفاصيل
مثل علاقة الأم بإبنها والأخ بإخوته فى مسلسل “يونس ولد فضه”
أو يقدم نموذجا لعالم الصعيد الحقيقى غير الذى نشاهده عبر الشاشات فى مسلسل ” الرحايا ” ومسلسل” ونوس ” الذى يقوم
على أسطورة فاوست ” صفقة الشيطان مع إنسان ” يمنحه الثروة والخلود مقابل أن يأخذ روحه
إنها الموهبة التى إستطاع من خلالها أن يناقش تابوهات مثل فكرة ” الإيمان والعائلة والتاريخ ” وإستطاع أن يمنح الأفكار الصعبة
تيمات شعبية شيقة وجدت لها القبول عند المشاهدين
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.