عبد الناصر تالبنا يكتب : 2 أغسطس/ آب 1990 .. غزو الكويت

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
يهل علينا الـ 2 من أغسطس / آب كل عام وهو يحمل ذكرى مرارة الغزو العراقى الغاشم على دولة الكويت الشقيقة ، وهى العملية العسكرية التى إستغرقت يومين وإنتهت بإستيلاء القوات العراقية على كامل الأراضى الكويتية فى الـ 4 من أغسطس 1990 ، وإنتهت بضم دولة الكويت للعراق وإعتبارها على حد تصريحات الرئيس العراقى الراحل ” صدام حسين ” الذي أعدم نهاية ديسمبر 2006 المحافظة رقم (19) .
عن هذه الحرب يقول أخى الذى كان يعمل فى ” هندسة المنشآت العسكرية ” بوزارة الدفاع فى دولة الكويت أننا سمعنا أن العراق عزت الكويت ، وإعتقدنا أنها دخلت عدة كيلو مترات من الحدود ، ولكننا فوجئنا أثناء ذهابنا إلى عملنا فى وزارة الدقاع التى تقع على الخليج فى منطقة” السالمية ” فى صباح ذلك اليوم أن الدبابات العراقية تحاصر مبنى الوزارة ، ومدينة الكويت ، دبابه تتجه فوهه مدفعها إلى البحر تجاورها دبابة متجهه ناحيتنا .. وهكذا ، يقول : غادرنا المكان بهدوء بعد أن أخفينا هويتنا ، خشية القبض علينا من قبل القوات العراقية وإتخاذنا دروعا بشرية وهو ماحدث بالفعل مع زملاءنا المتواجدين فى الوزارة وقتها .

يكشف الرئيس العراقى صدام حسين فى وثائق سرية أفرج عنها الأرشيف القومى الأمريكى عن خفايا حروبه وأيامه الأخيرة ، وفى محادثات أجراها معه مكتب المباحث الفيدرالية الأميركية ” FBI ” ” إف بي آي” ونشرتها تباعا جريدة الشرق الأوسط ” أنه بعد الحرب مع إيران بين عامي 1980 / 1988 ” ، كان العراق يحاول إعادة بناء نفسه . وهى الحرب التى وقفت فيها كل دول الخليج تقريبا إلى جانب العراق بوصفه حائط الدفاع الأول ضد التهديدات الإيرانية لدول الخليج ” .

وقال صدام : أنه إنه حذر الكويت مرارا من أنها إذا لم تكف عن التدخل في شئون العراق سيجعل دينارها يساوي 10 فلسات . وأنه عندما تمت مواجهة الكويت بالحقائق الخاصة بسرقة النفط العراقي بإستخدام الحفر العميق من بئر ” الرميله “، اعترفوا بأنهم أخذوا ” مليارين ونصف المليار برميل فقط ” ، وقد ذكروا هذه الحقيقة وكأنها شيء لا أهمية له . وأفاد صدام بأنه قبل غزو الكويت، كان هناك إجتماع لمجلس قيادة الثورة العراقي ، حيث تمت مناقشة الموضوع وربما عارض عضو أو اثنان فكرة الغزو ، إلا أنه قال ” لقد كنت ضد الهجوم إذا كان هناك حل آخر ” !! .
فكرة غزو صدام حسين للكويت لم تكن فكرة وليدة الصدفة ، صدام تحدث كثيرا عن ” مؤامرة ” خفض أسعار النفط ، وأنه حاول التركيز على دوله الكويت ، وحاول تحييد زعماء خليجيين ظناً منه أنهم يمكن أن يمنحوه غطاءا لغزو دولة الكويت .
ودون الخوض فى تفاصيل ذريعة غزو الرئيس صدام لدولة الكويت وفى عقيدة ” حزب البعث ” التى أعتقد أن مجالها هو ” علم النفس” وليس البحث السياسى ، لكن الشىء المؤكد هو أن الغزو العراقى لدولة الكويت كان سببا فى تأخر العرب لمدة 50 عاما على الأقل ، صدام حسين الذى لقب بالعديد من الألقاب مثل ” المهيب الركن ـ القائد الملهم .. إلخ ” ماهو إلا ” ديكتاتور ” نسجت حوله القصص والأساطير والخكايات ، والشىء المؤكد أنه بعد تفكك العراق غقب إعدام صدام حسين تأكد أنه ماكان يصلح لحكم العراق إلا ” ديكتاتورا ” مثله .
أما مخاولات نزع فتيل الأزمة فجاءت من قبل أطراف عدة على رأسها الملك فهد بن العزيز عاهل المملكة العربية السعودية الذى ينسب له أنه طلب إبلاغ صدام يوقف الغزو مقابل مجموعة إجراءات لا يمكن أن يصدّقها العاقلُ والجاهلُ على السواء وخصوصاً عروض توزيع الجُزُر وتقسيمها ، إلى جانب محاولات أخرى من جانب دول مجلس التعاون العربى ” وهو الحلف العربي الذى تم تأسيسه في بغداد في فبراير 1989 بعد انتهاء حرب الخليج الأولى ويجمع العراق والأردن واليمن الشمالي ومصر العائدة حديثًا إلى الحضن العربي في وقته ، وإجتماع القاهرة الذى حاول نزع فتيل الأزمة .. إلخ
الحقيقة أن كل مبررات الغزو كانت كاذبة وأن الهدف من غزو الكويت هو “تصحيح وضع تاريخي وإعادة ضم المحافظة 19” ، وذلك على حد قول حسين كامل “الحل أن نأخذ الكويت كلها ونصحّح الظلم التاريخي” ، واليوم وبعد أكثر من ” ربع قرن ” على هذا العدوان العراقى الغاشم على دولة الكويت التى إستباح فيها المحتل العراقى حرمة هذه البلاد والعباد ” أرضاً وشعباً ” ، محاولاً طمس هويتها وتاريخها ووجودها .
وبسبب الغزو العراقى لدولة الكويت تعرَّضت معظم المبانى والوزارات والمؤسسات والهيئات الحكومية وشركات القطاع الخاص والمنازل الخاصة والمتاحف للسرقه والسلب والنهب وتفريغ محتوياتها حتى أن بلاط الأرصفة وأعمدة الإنارة تم نقلها إلى بغداد وكأن هناك ” ثأرا ” يريد الجنودالعراقيون تخليصه من أبناء الكويت الذين تردد إرتكابهم جرائم أخلاقية فى العراق أثناء فترة تواجدهم على الجبهة فى حربهم مع إبران .
الحقيقة أن الكويتيين إستبسلوا فى الدفاع عن بلدهم وشكلوا لجانا للمقاومة فى الداخل ، وأعلنوا رفضهم لهذا العدوان السافر ، وكثير منهم إستشهد ، والحق يقال: أن أبناء الكويت فى الداخل والخارج وقفوا إلى جانب قيادتهم الشرعية صفاً واحداً للدفاع عن الوطن وسيادته وحريته . على الرغم من أن النظام العراقى عمد إلى إتباع سياسة الأرض المحروقة ، ولجأ إلى إحراق 752 بئراً نفطية ، وحفر الخنادق التى ملأها بالنفط والألغام لتكون فى وقت لاحق من فترة الغزو حداً فاصلاً بين القوات العراقية وقوات التحالف .
ولقد إستطاعت الكويت كسب تأييد المجتمع الدولى بجهود أميرها الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح وولى عهده الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح ، وأدان المجتمع الدولى ومجلس الأمن الدولى جريمة النظام العراقى فى حق دولة الكويت، وطالب النظام العراقى بالانسحاب فوراً . ونجحت جهود الدبلوماسية الكويتية فى حشد التأييد الدبلوماسى العربى والدولى لمصلحة دعم ومساندة الشرعية الكويتية ، وفى كسب الكويت لمساندة عالمية وعربية من خلال توافق الإرادة الدولية مع قيادة قوات التحالف الدولى لتحرير الكويت حفظ الله الكويت قياده وشعبا وسائر الدول العربيه .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.