عبد الناصر البنا يكتب : تونس في المنطقة الرمادية !

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
فى الـ 17 من شهر ديسمبر 2010 إندلعت شرارة الربيع العربى فى تونس على يد ” البوعزيزى ” وهو بائع متجول عمره 26 سنه إحتج على مصادرة عربة الخضروات التى يعيش منها ، وقاده رفض المسئول الإستماع له إلى حرق نفسه ومات متأثرا بالحروق التى لحقت به ، مما أدى إلى إنطلاق شرارة الثورة التى هزت كل أرجاء تونس ، وكانت بداية لما حدث فى المنطقة العربية من ثورات ضد الأنظمة الحاكمة .
“الشعب يريد حل البرلمان” هو شعار الإحتجاجات الأخيرة التى إجتاحت المدن التونسية ، إعتراضًا على تردي الأوضاع الاقتصادية الناتجة عن أزمة وباء كورونا الذى تفشى فى البلاد .
وهى الأزمة الصحية التى حمل المتظاهرون فيها الجكومة عدم إدارتها لها بشكل جيد ، والحقيقة أن تونس عانت خلال أزمة فيروس كورونا الأخيرة من نقض شديد فى إمدادات الأكسجين نتج عنها حالات وفاة إزدادت بشكل ملحوظ بل وتعدت الـ 18 ألف حالة وفاة
وهو عدد كبير نسبيا ، مقارنة بعدد السكان البالغ 12 مليون نسمة ، بل ويعتبر ” أسوأ معدلات الوفيات في العالم ” .
أزمة وباء فيروس كورونا هى التى ألقت بظلالها على مجريات الأمور الأخيرة فى تونس ، وجعلت الرئيس التونسى “قيس سعيد” يقوم بخطوة غير مسبوقة ، بعد يوم واحد من الإحتجاجات ضد الحكومة وحزب النهضة الإسلامى ” أكبر حزب فى البرلمان “
حيث أطاح ، فى مساء الأحد 25 يوليو بالحكومة ، التى يترأسها ” هشام المشيشى” وجمد أنشطة البرلمان لمده 30 يوما ، وإستندت قرارات الرئيس التونسي إلى الفصل 80 من الدستور الذي يسمح بهذا النوع من التدابير في حالة “الخطر الداهم” على البلاد .
رئيس حزب النهضة ، راشد الغنوشي ، إستقبل قرارات الرئيس التونسي بالإدانة ووصفها بـأنها ” انقلاب ” واعتداء على الديمقراطية .
وأكد على قدرة الحزب على تنظيم مظاهرات مضادة ، لإظهار عدد التونسيين الذين يعارضون هذه القرارات ، إعتصم الغنوشى لفترة أمام البرلمان بعد أن منعه الجيش من الدخول إليه بعد القرارات التى صدرت ثم إنصرف ، بعد أن وقعت مناوشات وتراشق بالحجارة بين أنصار حركة النهضة ومؤيدي الرئيس قيس سعيد .
الحقيقة أن تونس كما أشارت “جريدة الجارديان ” فى إفتتاحيتها تعليقا على الأحداث كانت الدولة العربية الأولى التى أطاحت بديكتاتورها ” زين العابدين بن على ” في عام 2011 ، والحق يقال أن تونس كان لها دوما  السبق فى أحداث كثيرة ، مثل ثورات الربيع العربى وغيرها
وقد أخص بالذكر هنا ماتتمتع بها المرأه التونسية من مكتسبات تعد هى الأكثر من أية دولة عربية أخرى ، وبخطى أو يقلل من شأن تونس من يعتقد أن مايحدث فى تونس ، كان بإيعاذ من مصر ، أو أن مصر لها دور فى أحداث تونس الأخيره . حتى وإن وصف بعض المحللين السياسيين فى تونس قرارات الرئيس التونسى أنها “بوادر إنقاذ”. وأن الرئيس “سعيد” يسير على خطى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولكن المخاطر كبيرة .
على أرض الواقع لايمكن حسم مايحدث فى تونس لمصلحة طرف على حساب طرف آخر ، فالوضع حتى الآن مازال متأزما ويشوبه الغموض والترقب وهو أقرب مايكون إلى المنطقة الضبابية
الرئيس التونسى رقع الحصانة عن النواب ، وتم تحريك الدعاوى الجنائية ضد عدد من المتورطين في قضايا فساد . تونس عانت فى الفترة الماضية من إغتيالين سياسيين في عام 2013 ، ومن هجمات إرهابية دامية وإضطرابات إجتماعية ضد الفقر والبطالة ، ومن موجات هجرة غير شرعية ، ويسود البلاد الآن حالة من السخط الناتج عن الأزمة الإقتصادية التى إزدادت بعد تفشى وباء كورونا .
الحذر كل الحذر من حزب النهضة وتنظيم الإخوان الإرهابى المدعوم بقوى دولية مثل بريطانيا ” مأوى التنظيم الدولى للإخوان ” التى تصف ماحدث بأنه ” إنقلاب “
سيناريو مصر يتكرر فى تونس التى إنتفضت ضد هذا التنظيم الإرهابى القذر ، حزب النهضة لايريد الخير لتونس ” نفس أيدلوجية حزب الحرية والعدالة ” فى مصر ، ” حزب المؤتمر الوطنى ” الذى أسسه حسن الترابى عام 1994 فى السودان بعد انقلاب عمر البشير، وكان الترابي أحد قادته ، تلقى تعليمات التنظيم الدولي للجماعة بالتخلي عن البشير حفاظاً على مصالحهم وأموالهم وممتلكاتهم ، وحماية للتنظيم وقادته من الملاحقة ، حتى لا تسقط الجماعة في السودان مثلما سقطت الجماعة الأم في مصر عقب عزل محمد مرسي .
وهو مانحذر منه الإخوه فى السودان الشقيق . حزب النهضه التونسى قد يستعيد إعتصامات ” النهضه ورابعه ” فى مصر للمتاجره الدوليه بالأحداث ، المنصف المرزوقى الرئيس الأسبق وصف مايحدث ب” الإنقلاب ” وقال : إن الوضع لن يتحسن فى تونس بل سيزداد سوءا .
التحديات فى تونس كبيره جدا ، هناك إنقسامات شديده يشهدها الشارع التونسى ، ولايفوتنى الإشارة إلى أن الأزمة التونسية ومشهدها الحالي بإقالة حكومة الإخوان ووقف سلطات البرلمان الذي يسيطر حزب النهضة الإخوانى على أغلبية مقاعدة ، هو فصلاً من عدة فصول سابقة تسببت فيها حكومة النهضة وتيار الإسلام السياسى الذى حذرت منه ” عبير موسى ” المحامية والسياسية التونسية ، التى تولت رئاسة الحزب الدستوري الحر
والتى أكدت وقوفها مع الشعب التونسى لإنقاذ البلاد من الدمار ، ويذكر أن عبير موسى سبق أن تعرضت للضرب مرتين تحت قبة البرلمان التونسى ، وقد تعهدت بمواصلة المعركة ” ضد مشروع الإخوان ” الإرهابى فى تونس .. حفظ الله تونس الخضراء من كيد الكائدين وغدر ومكر الماكرين ” يقول الله تعالى :
﴿ .. وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾ صدق الله العظيم
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.