جيهان عبد الرحمن تكتب : الجواد الجانح !

أن يتحول خبر حقيقي عن تدمير القوات المسلحة لشحنة أسلحة وصواريخ كانت في طريقها إلي مصر عبر الصحراء الغربية إلي فيلم أكشن مثير, عموده الفقري حرب المعلومات, وأهمية حمايتها من الاختراق والتسريب, و تجنيد الجواسيس المحترفين بائعي الأوطان, وأهمية حماية الحواسب الخاصة بالأجهزة الأمنية وما تحمله من وثائق ومعلومات, واتخاذ عدد من عواصم الدول مسرحا للأحداث هي مصر وبلغاريا وإيطاليا وماليزيا,
وبخاصة مشاهد التتبع والملاحقة والاغتيالات, وجميعها عناصر جذب خاصة للشباب والعائلات مما جعل فيلم العارف الشهير بعودة يونس في مقدمة أفلام العيد من حيث الإقبال والإيرادات, لدرجة تخصيص أكثر من قاعة في سينما واحدة لعرض الفيلم دون غيره من الأفلام المنافسة علي شباك تذاكر أفلام عيد الأضحى المبارك.
وبعيدا عن فنيات الفيلم من حيث التصوير والموسيقي والإخراج والأداء والحبكة الدرامية وكلها عناصر, لها من المتخصصين من يبحر فيها نقدا وبالتفاصيل, خاصة كثرة مشاهد الاكشن, وبعض المعلومات التي ربما كانت تحتاج تدقيق أكثر, لكن بشكل عام نجح أحمد عز وأحمد فهمي ومحمود حميدة ومصطفي خاطر وكارمن بصيبص الممثلة اللبنانية الجميلة, في تقديم فيلم حماسي نظيف يقف إلي جانب الممر والاختيار بجزئية الأول والثاني, الفيلم إخراج أحمد علاء الديب وتأليف محمد سيد بشير وإنتاج تامر مرسي.
ولعلها مصادفة غير محسوبة أن يتزامن عرض الفيلم في أجازه العيد في ذات التوقيت الذي تنشغل فيه وسائل الأعلام في أكثر من ثلاثين دولة عربيه وأوروبية وأفريقية ومنظمات عالميه بما فيها منظمة العفو الدولية بما أسمته فضيحة برنامج “بيجاسوس” الذي اخترعته وطورته شركة إسرائيلية تدعي ” أن أس او” وبدأت في بيعه عام 2016 لعدد من الدول
وهو برنامج تجسس ذا تقنية عالية يعمل بمجرد وضع رقم تليفون الشخص المراد التجسس عليه علي البرنامج الذي يوفر 17 طريقة مطورة للتجسس بواسطة الهاتف وتتبع كل مكالمات وصور و خطوات صاحبه حتي حساب عدد أنفاسه.
وفقا لأخر التسريبات هناك نحو 50 الف شخص علي قائمة التجسس من مختلف دول العالم منهم رؤساء دول ورؤساء حكومات وشخصيات دولية سياسية وعسكرية وصحافيه وحقوقيه.
من تلك الشخصيات رئيس جنوب أفريقيا, والرئيس الفرنسي ماكرون و 14 شخص في حكومته, وتم استخدام البرنامج في المكسيك وعدد من الدول العربية ومن أغرب ما نشر حول تلك الفضيحة هو تجسس رئيس باكستان السابق علي الرئيس الحالي ووزراء في الحكومة الباكستانية.
برنامج بيجاسوس الذي يعني الجواد المجنح أو الحصان الطائر وفقا للأساطير الإغريقية, تسبب في اتهامات متبادلة بين الحكومات مما حدي بالمغرب
علي سبيل المثال بإصدار بيانين متتاليين في اليومين السابقين لنفي صلتها بالتجسس علي الرئيس الفرنسي ماكرون وأعضاء حكومته مؤكدة بأن ما يثار مجرد مزاعم تفتقر الأدلة المادية الملموسة, وان المغرب تتحدي تلك المزاعم. ولكن موقع فرانس إنفو تي في, اعلن ان رقم هاتف الملك محمد السادس من الأرقام المحتملة لبرنامج التجسس وان ثمة تقرير لمنظمة العفو الدولية يتهم المغرب انه يستعمل هذا البرنامج.
وفقا للتقارير المتاحة عبر وسائل الإعلام حتي الأن سمح البرنامج بالتجسس علي نحو 180صحافي و600 شخصية سياسيه و65 صاحب شركة عالميه في عدد من الدول.
بيجاسوس هو موضوع الساعة, والذي يتوقع أن يترتب عليه تداعيات سياسية وخيمة ومؤثرة في العلاقات الدولية وربما تتطور إلي عقوبات أذ ما ثبتت تلك الاتهامات, خاصة وأن كل يوم يمر يحمل معلومات جديدة وأسماء لشخصيات نافذه, وإسرائيل تتحسس رأسها خشية التداعيات السياسية, رغم نفي الشركة الإسرائيلية صاحبة البرنامج مسئوليتها, وحجتها ان البرنامج لم يتخصص للتجسس علي الأشخاص, والشركة غير مسئولة عن إساءة الاستخدام.
في فيلم العارف حوار بين البطل أحمد عز الذي يمتلك مهارات فائقة في برامج التجسس ومنع الاختراق وتسريب المعلومات والذي يعمل لصالح الوطن وبلا مقابل كما ورد علي لسانه, وبين احمد فهمي الهاكر الذي يمتلك ذات المهارات لكنه يستخدمها ضد الوطن ويبيعها لمن يعطيه الثمن. فهما شخصان أحدهما حصان عربي أصيل والأخر ” بيجاسوس ” جواد جانح.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.