عبد الناصر البنا يكتب : الطريق الصحراوى الغربى

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
لسنوات طويلة ظل الصعيد مهمشا بل ومحروما من الخدمات العامة وخطط التنمية ، وكان منفى للمغضوب عليهم والضالين والمنكل بهم من المسئولين والموظفين والفسدة والمرتشين .. إلخ ، وحسنا فعلت الدولة مؤخرا أن أولت الصعيد إهتماما خاصا وصدر فى 2018 قانون بإنشاء الهيئة العليا لتنمية جنوب صعيد مصر ومقرها فى ” أسوان ” وأصبح الصعيد ضمن ضمن خطط التنمية الشاملة والمستدامة للدولة ، وفى مبادرات ” حياة كريمة ” وتطوير الريف والقرى المصرية وكل المشروعات القومية التى تتبناها الدولة فى كل ربوع مصر .
وهذا الشىء يحسب للقيادة السياسية وللرئيس عبدالفتاح السيسى خاصة ، وعلى أية حال لايصح أن يكون الصعيد وأهله أهل العلم والثقافة والجود الكرم بهذا الشكل المهين ، والحمد لله أن تأتى متاخرا خير من أن لاتأتى .
الحقيقة التى لايمكن إنكارها أن الدولة المصرية تبذل جهدا غير عادي من أجل تحسين شبكة الطرق والكبارى والأنفاق على مستوى الجمهورية لما لهذا المشروع القومى من مردود إيجابى على عملية التنمية والإستثمار ، وخاصة وأن المستثمر يبحث فى المقام الأول عن البنية التحية وعن توفير الخدمات من طرق ووسائل مواصلات وإتصالات وطاقة وعمالة وبنيه تشريعية وإستقرارا أمنيا .. إلخ
والمؤكد أن مصر أصبح لديها خبرات غير عادية فى مجال الطرق والكبارى والأنفاق إضافة إلى الطاقات البشريه والمعدات التى يمكن أن تقدم من خلالها يد العون والمساعدة لأى دولة من الدول العربية الشقيقة أو الأفريقية التى تحتاج إلى الدعم والمساندة ، فى تصريحات للفريق كامل الوزير وزير النقل قال ” إن تكلفة تنفيذ المشروع القومى للطرق 175 مليار جنيه ، وإن المشروع القومى للطرق تم التخطيط لتنفيذه طبقًا للمواصفات القياسية العالمية بإجمالى أطوال 7000 كيلو متر منذ عام 2014 . وأوضح أن الوزارة تعمل على رفع كفاءة الطرق الرئيسية الحالية ليصل إجمالى أطوال الشبكة الرئيسية للطرق التابعة للوزارة إلى 30.5 ألف كم .
ومما لاشك فيه أن محافظات الصعيد كان لها حظا وافرا من هذا المشروع القومى ، وسوف أخص بالذكر أعمال تطوير المرحلة الأولى من طريق“ القاهرة – أسوان ” الصحراوى الغربى ، وهى المسافة من القاهرة إلى المنيا بطول 230 كم ، حيث يدخل المشروع ضمن المرحلة الثالثة من المشروع القومى للطرق . الحقيقة أن هذا الطريق وفقا لتصريحات الوزير سوف يكون طريقا حرا مثل طرق ” القاهرة – الإسكندرية ” ، و ” القاهرة – السويس” ، و” شبرا – بنها ” الجديد، والدائرى الإقليمى .. إلخ ، هذا الطريق سوف يساهم فى تسهيل حركة التجارة بين محافظات الصعيد ، وأنه سوف يكون جزءاً من محور القاهرة /كيب تاون .
وفقا للمخطط له فإن إعادة تطوير وتوسعة طريق الصعيد الصحراوى الغربى ، سوف تصبح 3 حارات فى كل إتجاه بعرض رصف 12 متراً ، وإنشاء طريق أسفلتى للنقل الثقيل ” 3 حارات ” فى إتجاه أسيوط بعرض رصف 11 متراً ، وطريق خرسانى ” 2 حارة ” فى إتجاه القاهرة بعرض رصف 9 أمتار والمشروع يشمل إنشاء 21 عملاً صناعياً
” 5 كبارى و16 نفقاً ” . وهذا الكلام من الناحية النظرية جيد جدا ولايستطيع أحد أن يزايد عليه .
أنا واحد من أبناء الصعيد ومن المترددين على هذا الطريق ولايفوتنى أن أذكر أن السفر إلى محافظات الصعيد كان شىء من العذاب والدولة مشكورة أن أولت هذا الطريق إهتماما خاصا لماسبق ذكره ، ولكن دائما يقال ” الحلو مايكملش ” ، أولا العمل على هذا الطريق يسير ببطء شديد جدا ولا أدرى لماذا ؟ ناهيك عن أنه لم يتم توفير بدائل سير فى مواقع العمل وحتى تتفادى تلك الأماكن يجب عليك السير عدة كيلو مترات فى طرق ” مدقات ” غير ممهدة ولك أن تتخيل كم السيارات والشاحنات وهى تتهادى لتتفادى مناطق العمل ، هذا بخلاف الوقوف لساعات أمام نقطة تحصيل الرسوم فى محافظة المنيا لعدم الإنتهاء من محطة التحصيل ، وموضف تحصيل الرسوم وهو يجلس بكرسيه على رأس ” مدق ” فى الشمس الحارقة وتمر السيارات من أمامه سيارة سيارة ليحصل منها الرسوم .
وبمناسبة الرسوم ، هذا الطريق عليه ثلاثة محطات لتحصيل الرسوم فى ” دهشور والمنيا وأسيوط ” كانت الرسوم فى الماضى ثلاثه جنيهات فى كل محطة ، وبقدرة قادر أصبحت عشرة جنيهات وهذة ليست مشكلة مقابل إعادة تأهيل الطريق ، ولكن المشكلة تكمن فى تحصيل الرسوم من النقل وأغلب سيارات النقل تحمل معدات مثل خلاطات الخرسانه وخطوط الطوب الأسمنتى .. وغيرها من القاهرة إلى محافظات الصعيد ، ومعظم هذه المعدات لمشروعات شباب لقلة المشروعات العامة فى الصعيد ، وقد حضرت مشاده لشاب طلب منه مبلغ 16 ألف جنيه رسوم مرور على كسارة تحملها سيارة نقل ، وبعد شد وجذب ومناهدة تم إجباره على دفع مبلغ ” ثمانية آلاف جنيه ” رسوم مرور ، وعلمت أنها تعليمات ، وهذا الأمر يجب إعادة النظر فيه فورا .
الشىء اللافت للنظر هو الاعمال الصناعية التى تقام على الطريق والتى ذكرها معالى الوزير ومنها الــ 16 نفقا وكم كنت أتمنى أن يتم تنفيذ تلك المعابر بنظام تقنية الحفر بماكينات الأنفاق أسفل الطريق ونحن نملك تلك المعدات ولنا من الخبرات الكثير ، وخاصة وأن طريقة التنفيذ الحالية عالية التكلفة بدون لزوم ، كل مافى الأمر هو معبر لعدم التقاطع مع الطريق ، فلما كل هذه الترسانات من الأعمال الخرسانية ، إذا كانت وظيفة الهندسة هى إيجاد حلول بسيطة ومبتكرة للمشكلات ؟ ولماذ نبحث عن الأصعب إذا كان لدينا الأسهل ؟
إن مصر تتقدم وتسير بخطى ثابتة إلى الأمام ودوما وأبدا ” تحيا .. مصر “
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.