عبد الناصر البنا يكتب : الفلوس وحدها لاتكفى !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
لاحديث اليوم فى بر مصر يعلو عن ” قضية الآثار الكبرى ” المتورط فيها النائب علاء حسانين الشهير ” بنائب الجن والعفاريت ” وعدد 19 شخصا آخرين إضافة إلى رجل الأعمال حسن راتب المحبوس على ذمة التحقيق ، تاتى القضية بالتزامن مع إحتفالات المصريين بثوره الـ 30 من يوليو وقرارات 3 يوليو التى غيرت وجه الحياة فى مصر والإنجازات التى تحققت فى 7 سنوات من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى ، وجاءت التعليقات أن مصر بتنضف .
عندما قرأت عن هذه القضية والمتورطين فيها تذكرت قصيده فى موسوعة الشعر العربى لـ أمير الشعراء أحمد شوقى فى ” الديوان ” عنوانها بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً تقول :” بَرَزَ الثَعلَبُ يَوماً .. في شِعارِ الواعِظينا / فَمَشى في الأَرضِ يَهذي .. وَيَسُبُّ الماكِرينا / وَيَقولُ الحَمدُ لِل .. هِ إِلَهِ العالَمينا / يا عِبادَ اللَهِ توبوا .. فَهوَ كَهفُ التائِبينا ” إلى أن يصل إلى قوله : مُخطِئٌ مَن ظَنَّ يَوماً .. أَنَّ لِلثَعلَبِ دينا ” رحم الله أمير الشعراء أحمد شوقى وكأنما يحكى عن واقعنا الآن .
قضية الآثار الكبرى المتورط فيها رجل الأعمال ونائب الجن والعفاريت تنَكَأَ جُرْحاً قَدِيماً وتجيب عن سؤال عنونت به هذا المقال : هل الفلوس وحدها تكفى ؟ هل تكفى الفلوس لأن تصنع نائبا فى البرلمان ؟ دعونى أسرد هذه الواقعة التى جاءت ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب وفى سراى 6 اكتوبر ” قاعة الندوات ” كان هناك لقاء مع أ.د/ أحمد فتحى سرور العلامة القانونى رئيس مجلس الشعب وقتها
وكان الراحل العظيم د. سمير سرحان كعادته يدير اللقاء سألت وقتها سؤال عن مرشح مجلس الشعب الذى أنفق خمسة ملايين جنيه فى الدعاية الإنتخابية ” أحد نواب بورسعيد ” وكان حديث مصر وقتها ، قلت هذا العضو الذى صرف الملايين الخمسه علشان يدخل البرلمان ح يقبض كام ؟
وهنا ضجت القاعة بالضحك وبحنكة العالم أستاذ القانون المخضرم إستطاع أن يكبح جماح هذا الإسقاط بإجابة أعتقد أنها كانت دبلوماسية أكثر منها إقناعا لى ، وبقى السؤال بلا إجابة هل المال وحده يكفى لأن تكون نائبا فى البرلمان ؟
الحقيقة أن المعايير والقيم والأخلاق أصبحت محل إختلاف ، ولاعجب أن تطفو على السطح فئة تملك المال بوفرة ” مليونيرات ” ولا أحد يعرف مصدر هذا الثراء والغنى الفاحش فى الوقت الذى توارى فيه أهل الخبرة والعلم والمعرفة .. إلخ
والعجيب أن تصل ” فيزيتا ” دخول البرلمان لدى حزب ” معروف للكافه ” ملايين الجنيهات جتى يدرج الشخص ضمن مرشحى الحزب ، لمصلجة من يتم هذا على مرأى ومسمع الدولة ؟ وماذا تتوقع من هذا العضو ؟ ولابد أن تسأل نفسك لماذا دفع كل هذه الملايين ؟ وقبل أن تجهد ذهنك وتكبد نفسك عناء التفكير أقولها بكل صراحة ” الحصانة ” نعم هى الحصانة التى يلهث وراءها أصحاب الذمم الخربة
وهناك العشرات لأشخاص فاسدين ويعلم الجميع فسادهم ولكنهم بالمال إستطاعوا دخول البرلمان ، إسأل عن سبب خراب مدينة مثل حدائق الأهرام بالعشوائية ومخالفات البناء تصدم عندما تجد أن من فعل ذلك قد إرتمى فى حضن الحزب إياه وأصبح نائبا فى البرلمان . وضع ماتشاء من ” علامات التعجب ” .
نائب ” الجن والعفاريت ” الذى ضبط متلبسا بحيازة قطع أثريه والتننفيب عن الآثار فى شمال البلاد وجنوبها .. ماذا فعل بالحصانة وماذا فعلت به الحصانة ؟
عشرات الأسئلة المشروعة التى يمكن أن تدور فى رأسك ، والأهم من كل هذا بعد أن إنفرط العقد وسقطت أول حباته على الأرض وبعد إستدعاء النيابة لـ رجل الأعمال للتحقيق معه ، هل سوف يكون آخر هذا العقد الذى إنفرط أم أن هناك أشخاصا آخرين متورطين فى تلك التجارة الغير المشروعة ، وخاصه وأن كثير ممن تحوم حولهم الشبهات كانوا وما زالوا موجودين بل أنهم معروفون بالإسم
الحقيقة أنى على يقين تام أن من يملكوا الملايين والأرقام التى نسمع عنها فى هذا الزمن ، ومن تضخمت ثرواتهم أقول لكم إبحثوا فى ملفاتهم عن أشياء بعيها مثل ” تجارة الأراضى ” التى كانت ” مال سايب ” لكل صاحب نفوذ لاتملك الدولة سوى أن تطبطب عليه وتسن له القوانين التى توفق أوضاعه ، ” تجاره السلاح “
وقد أصبح الصعيد مسرحا بل سوقا مفتوحا لكل أنواع السلاح القادم من ليبيا والسودان ، ” تجارة المخدرات ” وفى هذا الشأن حدث ولاحرج على الرغم من الجهود المضنية التى تبذلها الأجهزه الأمنية ، إلا أن مايتم ضبطه لايمثل شىء مقارنه بما يتم تهريبه للداخل ، وفتش أيضا عن ” تجارة الآثار ” .
هناك ثلاثة دوائر تتحكم فى تجارة الآثار فى مصر ” الدائرة الأولى” اللوبى اليهودى وهم كبار تجار الآثار فى العالم وأصحاب صالات المزادات المعروفة بالإسم وتعرض بضاعتها على عينك يا تاجر ، وروادها من أصحاب المتاحف والدول التى تبحث لها عن تاريح ومحبى إقتناء الآثار
الدائرة الثانية ” الدائرة الأكبر قليلا ” وهى دائره ــ الوسطاء ــ وتضم هذا عددا من ” العمد ـ والمشايخ ــ والأعيان ــ والوزاء ــ والمحافظين ــ وكبار رجال الدولة ــ والمسئولين من أصحاب الذمم الخربة فى ” الموانى والمطارات والمنافذ البريه والبحريه .. إلخ ” ممن يغضون الطرف ” بمقابل ” عن آثارنا التى يتم تهريبها للخارج ، وهذا لاينفى وجود الشرفاء فى تلك الأماكن ممن يواصلون الليل بالنهار ولهم كل التقدير والإحترام ، نحن نخص أصحاب الذمم ” الخربة ” الذين يتساقطون والدولة لهم بالمرصاد .
أما ” الدائرة الثالثة ” فهى ــ دود الأرض ــ من البسطاء المغرر بهم فى التنقيب وهم دائما أصحاب النهايات التعسة إما ” بالموت” عندما تكون لغة السلاح هى الأقرب لحسم أى خلاف ناتج عن الطمع أو إنهيار الحفر عليهم لإفتقاده لوسائل الأمان ، أو الموت المفاجىء نتيجة الغازات السامة فى المقابر ، وأحيانا بالأمراض الغريبة والجنون وحتى من يحصل على المال لايهنأ به ويأتى مستريحا لـ يفوز به .. وهكذا
هل الفلوس وحدها تكفى ؟ الفلوس وحدها لاتكفى ، ولابد من توافر صفات مثل ” الشرف والنزاهة والأخلاق وحسن السمعة .. إلخ
و هناك فى البرلمان رجال شرفاء يمارسون حقوقهم التى خولها لهم الدستور والقانون ، ويعملون على تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات ، ومراقبة آداء الحكومة ، وسن القوانين والتشريعات ، ويؤدون عملهم بكل حيادية ونزاهة وموضوعية ، ولايفت من عضدهم إن كان بينهم فاسد أو أكثر ، ودائما وأبدا على الباغى تدور الدوائر .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.