الشيخ سعد الفقى يكتب: كان يوما مؤلما

كاتب وباحث

الشيخ سعد الفقي
بمناسبه “عيد الأب” .. صفحات الفيس التي تبارت للتعبير عن مكانته لاتعبر في تقديري عن حالات الألم التي نسمع عنها من عقوق للوالدين،
وتزايد حالات السخط المقترنة بجرائم تقشعر منها الأبدان، وتهتز لها الجبال، ومنها القتل والتمثيل بالجثث والحرق.. إلخ .
ليس هناك أفضل من تكربم الاسلام للوالدين، فقد قدم الرسول خدمتهما ورعايتهما علي الجهاد في سبيل الله، وطالبنا برعايتهما أحياء وأمواتا.
وقد أفاض العلماء في ذلك ودبجت الكتب والدوريات، وقال الحكماء والعقلاء .. نعم قالوا ماقال مالك في الخمر وزيادة، ولايعرف قيمه الأب إلا من فقد والده .. لايمكن أن أنسي هذا اليوم الكئيب والمؤلم من أيام شهر ديسمبر ٩٩.
اليوم هو صبيحه( الجمعة) كنت متوجها لأداء الخطبه بمسجد سيدي حجاج بقريه تيره المجاوره لقريتنا ..
في أثناء الخطبه تلاحظ لي وجود أحد الأصدقاء خارج المسجد .. شغلني وجوده ..ضربت اخماسا في أسداس.
بعد الانتهاء مباشرة من الخطبة والصلاة همس في أذني أحد رواد المسجد: “فلان ينتظرك” دقات القلب تتسارع.. ماذا حدث ؟.
خرجت مسرعا طالبني بركوب السيارة الخاصه به.. استسلمت له.. وفي الطريق تلاحظ لى صمته المريب والغريب، ثم تكلم عن الموت، وأنه النهاية المحتومة للجميع، والكل راحل فالموت واحد وإن تعددت الأسباب هكذا قال.
فجأه دون مقدمات استشعرت أن حدثا جللا قد وقع .. وعلي مشارف القريه قال لي: البقاء لله لقد رحل الوالد الكريم .
فقدت التوازن وارتعدت الفرائص وتلعثمت لا أدري ماذا أفعل وماذا أنا قائل .. لحظات كئيبه تمتيت أن تعود بي الأيام إلي الوراء .. تذكرت الهفوات وحالة العصبية التي كانت تنتابني وكانت سببا في غضبه .
تذكرت الحنان والعطف والعطاء الذي قدمه.. تذكرت لياليه وهو يفكر مليا في كثير من الأمور لا أفهمها.
كان والدي فلاحا نبيلا أصيلا علمته الحياة الأصول والأدب وحب الناس .. كل الناس من أساء إليه ومن أحسن.. لافرق.
تعلمت منه رد الجميل.. العفو والصفح.. الإيثار، وأن تحب للآخرين ماتحب لنفسك.
كان نقيا لايعرف الحقد علي عباد الله، وكان رمزا للتواضع والتحدث إلي الصغير والكبير .. كان مجتهدا في عمله.. فلاح من طراز فريد.. ناصح أمين للجميع .
في جنازته مازال الناس يتحاكون عنها: شلل تام بكل أرجاء القريه .. المعزون بالمئات بل بالآلاف كثيرون منهم لانعرفهم، توافدوا من كل البلاد تقريبا .. لقد كان حريصا علي مواساتهم، وحضور افراحهم وأتراحهم .
استدعيت الراحل الشيخ عبد المعطي الجمل القارئ الشهير، وكانت ليلته متفردة.. فيوضات ونفحات وتوفيق رباني، شهد بذلك كل الحضور.. القارئ صال وجال وأبدع، فقد كان معروفا بحسن التلاوة والعروج إلي المقامات المتفرده.
في يوم الأب تحية من القلب لكل الآباء.. من رحل منهم، وبارك الله في الأحياء منهم، الذين يبذلون الغالي والنفيس من أجل مستقبل مستقر لأولادهم .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.