عبد الناصر البنا يكتب : مستريح أمس .. واليوم !!

عبد الناصر البنا – الفضائية المصرية
أثارت عودة رجل الأعمال المصرى أشرف السعد الهارب إلى لندن منذ أكثر من ربع قرن على خلفية عدد من قضايا توظيف الاموال حالة من الجدل الواسع فى مختلف أوساط الشارع المصرى ، أشرف السعد فى أول تصريح له بعد إحتجازه لساعات فى مطار القاهرة قال ” سددت كل إللى علىً ومعايا مليار جنيه .. !! “
وكانت السلطات الأمنية فى مطار القاهرة قد تحفظت على أشرف السعد رئيس مجموعة السعد للإستثمار العائد بعد رحلة هروب إستمرت لـ 26 عاما تنقل فيها مابين لندن وباريس ، وبعد التأكد من سلامة موقفه القانوني ، ومن سقوط كل الأحكام الصادرة ضده خلال فترة هروبه ، ومن عدم طلبه للمثول أمام أي جهة أمنية أو صدور قرار باللقاء القبض عليه لصالح أي جهة تم الإفراج عنه وتركه حرا طليقا .
وأشرف السعد هو الإسم الأكثر شهرة فى عالم توظيف الأموال ، وهو يقف جنبا إلى جنب مع أصحاب شركة الهدى ومع عبداللطيف الشريف صاحب ” مصانع الشريف للبلاستيك” وأحمد الريان صاحب ” مجموعة شركات الريان ” ومحمود طاحون صاحب ” شركة بدر للإستثمار ” وغيرهم من شركات توظيف الأموال التى تأثرت بالمد الوهابى القادم من شبه الجزيرة العربية ، وبذكاء شديد إستطاع القائمون على هذه الشركات أن يستقطبوا كبار الدعاة ورجال الدين أمثال الشيخ محمد متولى الشعراوى والدكتور عبدالصبور شاهين ومعهم كبار الصحفيين وأجهزة الإعلام إلى جانب من كانوا يؤديدونهم فى الخفاء “بمقابل” من السياسيين وكبار رجال الدولة والوزراء ووكلاء الوزارات .. إلخ من أجل الترويج لهم ولمشروعاتهم ، وكان من الطبيعى نتيجة لهذا الزخم الإعلامى وهوجة الربح المضاعف أن يتسابق المصريون لإيداع ” تحويشة العمر ” لدى هذه الشركات .
والحقيقة أن فترة الثمانينات وما شهدته من ركود إقتصادى إنخفضت فيه سعر الفائدة فى الجهاز المصرفى وإرتفعت أسعار الذهب وشهد سوق العقارات ركودا شديدا ، كانت فترة إزدهار لـ شركات توظيف الأموال فى مصر ، ومما ساعد على إنتشار هذه الشركات ماسمى ب ” الإقتصاد الإسلامى ” الذى أشيع أنه يستهدف إستثمار الأموال وإيداعها وفقاً لنظام إسلامى بعيداً عن شبهة الربا المرتبطة بفوائد البنوك الحكومية ، وإزدهرت مايسمى ب ” البنوك الإسلامية ” مثل البركة وفيصل وبعض فروع المعاملات الإسلامية فى عدد البنوك الوطنية . ولذلك كان المناخ مهيئا لإستقطاب السواد الأعظم من أصحاب المدخرات الصغيرة ورؤوس الاموال المتوسطة والصغيرة لتوظيفها تحت عباءة الدين مقابل عوائد شهرية وسنوية .
وسُرعان ما تكشف الوجه الحقيقى لتلك الشركات ، التى بددت أموال المودعين ، إما لخسائر في مُضاربات بالخارج ، أو نتيجة عدم الخبرة بأُصول الصناعة والتجارة ، التى أداروها بمبالغ ضخمة , لم تكُن أصلاً في حُسبانهم . أو للصرف ببذخ والعيش في ترف .. إلخ
وبدأت الدولة تتدخل لحماية المودعين من هؤلاء “النصابين” ووضعت ايديها علي كل ثروات ” الريان والسعد والشريف ” وعدد آخر ، وقالت أنها سوف تعيد للمودعين أموالهم. ومضى قطار العمر ومات من مات وخسر من خسر وعاد أشرف السعد عودة المنتصر المظفر بعد أن سقط ما سقط من أحكام عليه ، وبعد أن تناولت الأقلام مواقفه ضد الإخوان على صفحات التواصل الإجتماعى وتملقه الواضح للسلطه .
والحقيقة أنى عاصرت هذه الفترة وماتبعها من زخم إعلامى ودار بينى وبين أخى كثيرا من الحوارات حول هذه الشركات ، وأكد لى أنها زوبعة فى فنجان وسرعان ماتزول ، فلايوجد تجارة فى الدنيا حتى لو كانت تجارة مخدرات يمكن أن تعطى مثل العوائد التى كانت تعطيها هذه الشركات ، وقد صدق قوله ، وسرعان ماظهرت هذه الشركات على حقيقتها ، رغم أن الكثير حاولوا تبرير أن الدولة كانت السبب فى إفشال هذه الشركات خشية أن يتحول الإقتصاد إلى إقتصاد إسلامى وحاصة مع ظهور الجماعات الإسلامية والمتطرفة فى تلك الفترة .
وأنا أعتقد أن أصحاب هذه الشركات بلغه العصر كانوا ” مستريح ” زمانهم لأنهم ببساطة إستطاعوا أن يوهموا عدد كبير من الناس أن يستثمروا أموالهم وإغروهم بالعوائد الشهرية والسنوية المبالغ فيها ، وإعطوا لهم وعودا براقة سرعان ماتبخرت ، وأنا لا أنسى عندما أثيرت الزوبعة على هذه الشركات وإلتقيت محمود طاحون صاحب شركة ” بدر للإستثمار ” فى مقر شركته بميدان الجيزة وقد توافد المودعون لسحب مدخراتهم وكان الرجل يطمئنهم بسلامة موقفه المالى ، وأن الأصول التى يمتلكها من ” شركات ومصانع .. إلخ ” يمكن أن تسدد ديونهم وتزيد ، بل وطلب ممن يرغب منهم فى الحصول على منتجات أو تمتلك حصة من هذه الأصول ، وقال : المشكلة أن الناس كلها عاوزه فلوسها فى وقت واحد ولو حصل دا مع أى بنك مش ح يقدر يوفى بذلك .
ومن المواقف الإنسانية فى هذا اللقاء تلك الفتاة التى هجمت عليه وأمسكت بتلابيب لحيته وأطبقت عليها بيدها وهو تقول : يا إبن الــ ” .. . ” فلوس خطيبى إللى ح نتجوز بيها راحت فى ” السما زرقاء زرقاء .. والميه صافيه صافيه ” وهى تقلد إعلاناته وقتها ، وتقول : لو خطيبى مكانش إبن عمى كان زمانه رمانى فى الشارع وفسخ الخطوبة ” وهو يهز رأسه ويقول : إن شاء الله ، إن شاء الله ، كانوا تجار دين بإمتياز ، وصراحة قالها أشرف السعد عندما أطلقت اللحيه إزدادت ثقة الناس فى ً
أما الفرق بين مستريخ الأمس واليوم ، مستريحوا الأمس إستولوا على تحويشة العمر من الناس البسطاء ، أما اليوم فأجد إرتياحا عندما أقرأ خبر القبض على مستريح جديد ، لأن 90% من الأموال التى حصل عليها هى عوائد إما تجارة سلاح أو مخدرات ، وهى فلوس جاءت من حرام ، أتذكر منذ فتره إستضاف أحد مقدمى برامج الـ “توك ـشو ” مجموعة من هؤلاء المغرر بهم ” بلدياته ” وأخذوا يتباكون على الهواء لضياع ممتلكاتهم ، والحقيقة أن من ينظر إليهم يتذكر قول الإمام أبو حنيفة : آن لابى حنيفة أن يمد رجليه ، تساءلت فى نفسى : من أين لهؤلاء بالملايين التى أودعوها لدى المستريح ؟ وقلت والله كان من باب أولى لمقدم البرنامج أن يستدعى لهم الأجهزة الامنية لـ ” تقبض ” عليهم وتحيلهم إلى جهات التحقيق لـ تعرف مصدر تلك الملايين ، بل والتحقيق مع المحاور ” القمىء” الذى تعاطف مع قضيتهم ، وعندها حضرنى مثل يقول : طالما هناك مغفلين ف النصابين بخير . حفظنا الله وإياكم من الجهل والطمع .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.