إبراهيم نصر يكتب : سد أثيوبيا.. “كلاكيت” رابع مرة

فى شهر يونيو من العام ٢٠٢٠ كتبت مقالا بعنوان: “سد أثيوبيا.. وصبر السيسى”، قلت فيه: لم يهدأ الحديث فى الشارع المصرى عن سد أثيوبيا، منذ تولى الراحل محمد مرسى مندوب الإخوان فى قصر الرئاسة حكم مصر، وخاصة بعد الاجتماع “الفضيحة” الذى عقده لمناقشة كيف ستتعامل مصر مع هذه الأزمة، وتم بث هذا الاجتماع على الهواء بطريق الخطأ، والمفترض أنه اجتماع سرى مغلق على الحضور من بعض قيادات الإخوان برئاسة “مرسى” وبعض رموز العمل السياسى آنذاك.
وبعد الإطاحة بحكم الإخوان فى ٣ يوليو ٢٠١٣، ظل شعب مصر ومازال يترقب كيف ستتعامل القيادة الجديدة لمصر مع قضية هذا السد، الذى يمثل تهديدا مباشرا لحياة المصريين.
وفى شهر فبراير عام ٢٠١٦، كتبت مقالا أعربت فيه عن عدم دهشتى حين تجاهل الرئيس عبد الفتاح السيسى الرد على عضو مجلس النواب الذى قاطعه أثناء إلقاء خطابه التاريخى تحت قبة البرلمان بسؤاله عن سد النهضة، واكتفى الرئيس بالنظر إلى النائب وأكمل خطابه دون تعليق، وذلك لأن الرئيس السيسى خلال أقل من عامين فى حكم مصر أنجز على الصعيدين المحلى والعالمى ما لا ينكره إلا جاحد أو كاره أو هو بالفعل أعمى البصر والبصيرة..
إلا أن سد أثيوبيا تحديداً مازال يمثل تحدياً أكبر وأصعب من إنجاز قناة السويس الجديدة فى عام، خاصة بعد فشل المفاوضات التى طال أمدها وهى تسير منذ بدايتها فى الطريق الخطأ، وصارت الحلول الدبلوماسية تسير وفق هوى أثيوبيا التلميذ النجيب فى مدرسة التفاوض الإسرائيلي، ورغم كل الأجواء المحبطة وتعالى الأصوات المطالبة بخروج القيادة السياسية عن صمتها حيال قضية السد ..
مازلت أثق فى قدرة مصر بقيادة الرئيس السيسى على حل هذه القضية، وكما أنه لا يقبل أن يفرط فى حبة رمل من أرض مصر، فإنه لن يفرط فى قطرة واحدة من حصتنا فى مياه النيل المقررة بنصوص اتفاقيات محترمة ومعتبرة عبر التاريخ بين مصر والسودان وأثيوبيا، ويكفينى فى هذا المقام ويطمئننى شخصياً إشارتان قالهما الرئيس السيسى بهدوئه المعهود فى خطابين متفرقين ..
الإشارة الأولى قوله: “المياه قضية حياة أو موت” والإشارة الثانية قوله: “احنا بنصبر كتير قوى” وأعتقد أن صبره بشأن سد النهضة أوشك على النفاد، وأرجو ألا يكون التحرك لحل هذه الأزمة بعد فوات الأوان.
وفى أوائل شهر فبراير من العام ٢٠١٤ كنت قد كتبت مقالا بعنوان: “سد النهضة .. حماس .. قناة الجزيرة” أوضحت فيه أن هذه الملفات الثلاثة هى الأكثر أهمية وينبغى أن تكون على رأس البرنامج الانتخابى لأى مرشح لرئاسة جمهورية مصر العربية،
وقلت فيما قلت: لا أظن أن هذه الملفات ليست فقط على رأس أولويات المشير عبد الفتاح السيسى بل هى فى رأسه، ويعلم كيف سيتعامل معها ربما تباعاً بنفس هذا الترتيب أو سيتعامل معها جميعاً على خطوط متوازية.
وبلغة السينما أقول: سد أثيوبيا “كلاكيت” رابع مرة، وذلك لأننى للمرة الرابعة أؤكد أننى مطمئن، وأثق فى قدرة مصر، وفى حكمة قيادتها السياسية، التى نفد صبرها حيال التعنت الإثيوبى،
وقد عبر الرئيس السيسى عن ذلك بوضوح، يوم الثلاثاء الماضى فى الاحتفال بتعويم السفينة “إيفر جيفن” التى أغلقت قناة السويس لمدة ستة أيام، وذلك حين قال: “إن أحدا لا يستطيع المساس بحق مصر في مياة النيل، محذرا من أن المساس بها “خط أحمر” وسيكون له تأثير على استقرار المنطقة بكاملها، موضحا أن أحدا لا يتصور أنه بعيد عن قوتنا”.
أعتقد أن قول الرئيس السيسى “خط أحمر” فى قضايا أخرى كان له فعل السحر، وأتى بثمار إيجابية، وإن شاء الله يؤتى ثماره فى قضية سد أثيوبيا، وإن غدا لناظره قريب.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.