حنان خيري تكتب : تعالوا نعمل ” أب ديت ” لبعض

الكاتبة الصحفية حنان خيري
أكبر ظلم ممكن تظلمه لإنسان هو إنك” ما تشوفهوش” بمعنى إنك ترى فقط الصورة التى انت رسمتها له فى مخك والتى ممكن تكون كونتها عنه من موقف قديم ..أو تفاعل مر عليه الزمن ..من سنة ..سنتين ..عشرة ..أوحتى بالامس ..وأخذت عنه تصور..ونسجت عنه فكرة ..وثبتها فى ذهنك عنه..ولم تشاهده هو..ولكن ترى الموجود فى مخك فقط
أعنى” الي قدامك يتشال ويتهبد” ويتغير سواء للأحسن أو للأسوأ وأنت مازلت تشاهده كما هو ..يمر عليه الوقت وتمر عليه الساعات والأيام والسنين والأصرار لديك لتوقف الزمن عند لحظة قديمة..وموقف كان له ظروفه وتفاصيله ..وممكن يكون بنى ٱدام غير البنى ٱدام الموجود أمامك اصلا.
فإذا نظرت لشجرة فعينيك تأخذ لها أول لقطة وتخزنها فى الذاكرة ..ولا تستقبل منها أى صورة ثانية..إلى أن تهب رياح تحرك ورقها وتهز أغصانها ..فعينيك تفوق وتبدأ تستقبل الصورة والصوت من جديد.
ومن هنا نجد اننا بنحب الراحة ومدربين على الاستسهال ..ولا نرغب فى أن نبذل مجهود لنشاهد به أى شئ جديد ممكن ” يلخبط” تصوراتنا القديمة أو تهدم بنيان علامة بنيناه على مدار سنين او حتى ايام
لأن هذا معناه إنى أنا أيضا أتغير ” طالما الي قدامى بيتغير” واتحرك مثل غيرى ما بيتحرك ..ويبقى عندى استعداد أراجع نفسي فى كل تصوراتى و أفكارى ومعتقداتى ،وأجدده ثانى وثالث وكل يوم
ولكن نقول” ياااااااااه لا خلينا كده أحسن” ثابتين مثبتين الناس والأماكن والأشياء كما هى كما أستقبلناها أول مرة” الكويس كويس والسبئ فى منتهى السوء” والظالم مازال ظالم ، والجميل مازال جميلا ، والقبيح لم يتغير قبحه ..ونعيش ونشاهد و نعييش من حولنا فى قوالب مصمته وتماثيل جامدة ..لا حراك ولا حياة ولا تغير .
أكبر مشكلة فى هذا أنه ضد الطبيعة و ضد الكون و ضد قانون الخلائق.. ضد البشرية نفسها
فالكون يتغير كل لحظة ..الارض لا تكف عن الدوران مثلها مثل الكواكب حتى النجوم فى حركة دائمة وتغير مستمر وفصول السنة ومواسم الزرع والحصاد وغيرها وغيرها..حتى جسمك خلايا تموت وخلايا تتجدد ..دماء تتدفق نبضات لاتكلف أنفاس تتلاحق ..
الحركة هى الأصل والتغير هو الطبيعة ..لكن البشر يثبتوا أنفسهم ويثبتوا غيرهم عند موقف أو تفاعل أوكلمة أو نظرة أو غلطة أو موطن ضعف أو لحظة فشل أو حتى لحظة نجاح ونحرم أنفسنا ونحرم غيرنا من فرصة جديدة ورؤية مختلفة ونبقى ممن لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم ٱذان لا يسمعون بها.
الخلاصة ..من المؤكد أن الكتاب الناجح ينزل السوق طبعة أولى وثانية وثالثة ..ومن هنا لابد أن نعرف اننا محتاجين كل دقيقة نعمل طبعة جديدة للناس ولأنفسنا ولكل حاجة حولنا ..لنكون أنقى وأحدث وأوسع وأشمل وأرحب وأوضح ولذلك لا نقف ولا نوقف غيرنا حتى لا تحرق نفسك وتحرق من حولك وتفقدهم وتجعلهم يفقدون أى امل فى أى تغيير .
فى الحقيقة لابد لكل إنسان يحاسب نفسه ويشاهدها من الداخل ويصالحها وينزع ما بداخله من شوائب ..ويجدد عناوين حياته بصدق واخلاص وشفافية حتى لا يظلم من حوله. تعالوا نعمل ” أب..ديت” لبعض !!
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.