الدكتورة سامية خضر تكتب : جرثومة الإعلام الهابط المسكوت عنه .. ولقاح طال انتظاره!

د. سامية خضر
لاشك أن الأسرة المصرية تثمن دور القوات المسلحة وهى تواجه إرهاب عنيد يسقط خلاله أبطالنا من الشرفاء والذين يملكون إرادة من حديد وعلى جانب آخر نتابع جميعاً عن كثب ما تقوم به وزارة الداخلية فى مطاردة أطنان من المخدرات حيث تسعى عصابات الشر للإضرار بشعب يهدف للبناء المستمر للخروج من ظلمات الضعف ..
وإن الاعداد الكثيفة من تلاميذ المدارس بل وأيضاً من شباب الجامعات وغيرهم والذين يعتمدون اعتماداً كبيراً على المحمول بسبب انتشار جائحة الكورونا ووجودهم بالبيت ، أصبح عندهم من الوقت ما يجعلهم يجلسون أيضاً بالساعات أمام شاشات القنوات المختلفة ويزداد اعدادهم ،
وكانت إحدى تلك المشاهدات لبرنامج تليفزيونى تحت عنوان ” هذا المساء مع قصواء ” وتم استضافة لأديب يعمل أمين مكتبة فى إحدى مدارس ” طنطا ” وظل فى مدينته وفى عمله حتى خرج على المعاش وأدمن كتابة القصة وحصل على جائزة ” البوكر ” وكذلك جائزة ” نجيب محفوظ ” وهو يؤكد أن الكتابة هى غايته وأن المال آخر ما يهتم به وأن قصصه هى أغلى ما عنده وأنه لم يبحث عن دار نشر معروفة بل إن دار النشر التى اهتمت بكتاباته ليست إسماً لامعاً ،
وقد أفرد فى برنامج حياته بأنه قد وضع لنفسه جدولاً للقراءة والكتابة التزم به وأقتنع أهل بيته باحترامه .. وبالطبع كان هناك لمحات عن محفوظ أديب نوبل الذى غرز مكانة مصر الأدبية أكثر وأكثر وقد ذكرنى هذا الكتاب الذى يجب أن يصبح ضيفاً فى عديد من البرامج بالكتابة ” البريطانية جوان كانلين رولينج ” والتى ذاعت كتبها حول العالم بعد سلسلة (هارى بوتر) رغم أنها عرضت قصصها على كثير من دور النشر لسنوات طويلة لكن لم يتقبلها أحد فى البداية وكادت تصاب باليأس التام ،
وبعد عديد من السنوات تقبلت قصصها إحدى دور النشر التى لم تكن أيضاً تتوقع ذلك النجاح غير المسبوق والعالمى لتلك المؤلفة التى كانت تعيش حياة صعبة جداً مع طفلها الوحيد داخل بيت بسيط ولكن إنها مثال لإرادة الإنسان .
وإذا كنا نؤمن بأن الثقافة شبكة يتشكل منها عديد من المعارف فإن إرادة الإنسان يجب أن تكون دوماً فى المقدمة .
وإذا قمنا برصد بعض من البرامج التى تهز الشباب وتؤثر فى تكوينه ونحن فى مصر دولة فتية حيث يبلغ نسبة الشباب 60%
فإن الخطة الإعلامية يجب أن تنتبه إلى أساليب شحن الشباب بالوعى لقضايا عديدة وقدرته على استيعاب ثمار حضارته وأسلوب قيادة أماله وأحلامه ..
ولا شك أن ذلك يأخذنا إلى بعض مما تقدمه برامج قنواتنا ومنها إعلانات تحفزك لأن تكون الأكثر عنفاً ودموية وتتوالى تلك المحفزات بالسلاح النارى أو بأسلحة متغيرة المهم هو المحاولة المستمرة بملابس تظهر وكأنها من محاربين الرومان القدامى وتردد فى كلمات لا تتوقف ستصبح بعد المشاهدة أنت شخصياً الأكثر خطورة .
وعلى جانب آخر هناك برامج أيضاً تتوجه إلى الشباب ولكنها نوع آخر من الخطورة فى صورة للتطويع والتشكيل والإنهيار الاخلاقى والاستخفاف الذى يؤدى إلى سيولة الإسفاف
حيث يقف البطل ليرتمى فى أحضان من تقبله ثم تصرخ بأعلى صوتها إلحق جوزى وصل .. وفى لقطة فى مشاهد أخرى يظهر زميل له ويبلغه أن الحمام فى ذلك المبنى مريح جداً إيه رأيك فى انتظارك .
ومن المعروف أنه فى مراحل سابقة كانت هناك اقتراحات بإنشاء ما يسمى بالمجلس القومى للدراما حتى يتم نسف ما لا يساير اخلاقيات المواطن المصرى وأن دكتورة (درية شرف الدين) كانت تؤد أنه لو تم منع المسلسلات الهابطة والتى تحتوى على إيحاءات غير أخلاقية حتى ولو كان ذلك بعد تصويرها فإن الخسارة الاقتصادية لا تساوى شيئاً أمام خسارة بناء المواطن المصرى .
ومن الواضح أن تلك القضية يجب أن يكون لها الاهتمام الأكبر .. خاصة أننا مع برلمان جديد يسمى مجلس الشيوخ وبه باقة من الفنانين وأساتذة الجامعة بل وأكبر نسبة من النساء وإن ذلك الاستخفاف المستمر بنشر ما يسمى بالاسفاف حيث أن الفن أولاً وأخيراً مسئولية والسؤال الذى نطرحه إذا كان مجتمع الستينات قد تعرف على ” راسبوتين ” من خلال القناة المصرية .
وكانت حفلات أم كلثوم وحليم وفريد الأطرش والباليه الروسى ” تذاع من خلال التليفزيون المصرى فإن شباب مصر للأسف يحتاج إلى مزيد من التنوير الثقافى حتى لا يذوب فى بحر العولمة وينفصل عن أرضه وعرضه ويصاب بالجرثومة الاعلامية التى لم يتم اكتشاف علاج لها حتى الآن هل من مجيب؟
أ. د. سامية خضر صالح
جامعة عين شمس
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.