هاني سالم يكتب : «« معركة المزرعه الصينيه أكثر المعارك إثاره للجدل .. وأهم المعارك التي خاضها المصريين ..

بدايةً يأتي إسم ( معركة المزرعه الصينيه ) من موقعها، فهي في الأساس محطه زراعيه تجريبيه علي الضفه الشرقيه لقناة السويس، تغطي ما يقرب من 15 ميلاً مربعاً، فخلال الخمسينيات من القرن الماضي، أسست الحكومه المصريه محطه لدراسة إمكانية الري وزراعة المحاصيل في التربه الصحراويه في سيناء، فتم حفر خنادق عميقه وواسعة النطاق للري عبر تلك المحطه، وكانت معدات الري الآليه مستورده من اليابان، وقد تم التخلي تماماً عن المشروع لبعض الوقت قبل نكسة عام 1967، إستولت القوات الإسرائيليه علي المحطه أثناء حرب 1967، ولاحظ الإسرائيليون الأحرف علي المضخات وآلات الري وظنوا أنها لأحرف صينيه، لذلك وصفت وسميت بالمزرعه الصينيه علي الخرائط العسكريه وفي سجلات التاريخ العسكري..
” لقد فاجأنا الجنود المصريون بشجاعتهم وإصرارهم وعزيمتهم الصلبه التي لا تلين، لقد تربي أبناء جيلي علي قصص خرافيه عن الجندي المصري الذي ما أن يري دبابه تنقض عليه، حتي يخلع حذاءه ويبدأ في الهرب بعيداً وهذا ما لم يحدث، فلم تنخلع قلوب المصريين أمام الدبابات، كانوا يلتفون في نصف دوائر حول دباباتنا، ويوجهون صواريخ ( آر بي جي ) في إصرار منقطع النظير ليس لدي تفسير لهذا الموقف سوي أنهم كانوا سكاري بالنصر، وفي هذه الحاله ليس للدبابه أي فرصه في المعركه”، بهذه الكلمات وصف الجنرال « موشيه عفري » أحد القاده الإسرائيليين في حرب أكتوبر، بشاعة وقوة معركة ( المزرعه الصينيه ) إحدي أهم وأكبر المعارك التي خاضها المصريين خلال حرب أكتوبر المجيده ضد العدو الصهيوني والتي كانت أكبر معارك الدبابات خلال الحرب. فتظل هذه المعركه التي قادها المشير « محمد حسين طنطاوي » وكان وقتها برتبة مقدم، حسب العشرات من المراجع المصريه والأجنبيه، فضلاً عن شهادات لا حصر لها لقاده عسكريين مصريين، بل وأيضاً لقادة إسرائيل نفسها، واحده من أخطر البطولات المصريه في حرب أكتوبر، وذلك نظراً لتأثيرها الكبير سواء من الناحيه التكتيكيه على أرض المعركه أو من الناحيه النفسيه بين الجنود، بما أسهم في تحقيق النصر علي العدو الصهيوني، لقد أوجدت وخلقت هذه المعركه فكراً عسكرياً جديداً يتم تدريسه إلي الآن في جميع الكليات والمعاهد والأكاديميات العسكريه، وكتب عنها أعظم المحللين العسكريين ومن بينهم المحللين الإسرائيليين،
بإختصار لقد عكست المعركه تكتيكات غير مسبوقه ومبهره قام بها ونفذها قائد الكتيبه 16 من الفرقه 16 مشاه المقدم أركان حرب « محمد حسين طنطاوي »، بدأت المعركه عندما إستنفذ العدو الإسرائيلي جميع محاولاته للقيام بهجمات وضربات مضاده ضد رؤوس الكباري، فبدأ تفكيره يتجه إلى ضرورة تكثيف الجهود ضد قطاع محدد حتي تنجح قواته في تحقيق إختراق تستطيع من خلاله العبور إلى غرب القناه، وكان إختيار القاده الإسرائيليين ليكون إتجاه الهجوم الرئيسي لها في إتجاه الجانب الأيمن للجيش الثاني في قطاع الفرقه 16 مشاه وبالتحديد في إتجاه محور ” الطاسه ” و ” الدفرسوار
وبذلك أصبحت المزرعه الصينيه هدفاً للقوات الإسرائيليه، قام العدو الإسرائيلي بهجوم مركز بكل وسائل النيران من قوات جويه وصاروخيه ومدفعيه بإتجاه تلك المنطقه الحيويه، بداية من نهار يوم 16 أكتوبر 1973، علي جميع خنادق وقيادة الكتيبه، وكان الضرب دقيق ومركز، وكذلك سلطت المدفعيه بعيدة المدى نيرانها بشراسه طوال ساعات النهار واستمر الهجوم حتي الغروب، ورغم ذلك لم يصب خلال هذا الضرب سوي ثلاث جنود فقط، وذلك بسبب خطة التمويه والخداع التي وضعتها وإتبعتها الكتيبه، قام العدو الصهيوني بهجوم شامل ومركز على علي الجانب الأيمن للكتيبه مستخدماً ثلاث لواءات مدرعه بقوة ( 300 ) دبابه، ولواء من المظلات الميكانيكي الإسرائيلي عن طريق ثلاث محاور، مكونه من فرقة « آدان » القائد الإسرائيلي من ( 300 ) دبابه، وفرقة « مانجن » القائد الإسرائيلي ( 200 ) دبابه، ولواء مشاه ميكانيكي، وتم دعمهم حتي يتم السيطره من خلال التعزيز بكتيبه مدرعه وكتيبه مشاه ميكانيكي وأيضاً كتيبة مشاه ميكانيكي مستقله تحت قيادة اللواء « ريشيف » القائد الإسرائيلي، وأصبحت بذلك قيادة « ريشيف » 4 كتائب مدرعه وكتيبة إستطلاع مدرعه و 3 كتائب مشاه ميكانيكي، وأصبحت تشكل نصف قوة ( شارون ) ومع كل هذا الحشد من القوات قام العدو بالهجوم، وتم الإشتباك معه بكل بساله وشجاعه بواسطة الدبابات المخندقه، والأسلحه المضاده للدبابات التي كانت تفاجئ العدو، وتم تدمير 15 دبابه ولم تصب أي دبابه مصريه، وإحتدمت المعركه وقلبت إلي قتال متلاحم أشبه بحرب العصابات طوال الليل حتي الصباح، وتم تدمير 60 دبابه أخري في هذا الإتجاه، وفي صباح يوم 17 أكتوبر قام العدو بالهجوم في مواجهة الكتيبه 18 مشاه وتمكنت الكتيبه من صد الهجوم، وتدمير 10 دبابات و 4 عربات نصف جنزير، ثم امتد الهجوم على الكتيبه 16 من خلال الجار الأيسر للكتيبه 18 مشاه، وكانت بقيادة المقدم ” محمد حسين طنطاوي ” وكان الهجوم عليه من لواء مظلات ولواء مدرعات وكتيبة مشاه، ونتيجه لقرار من قائد الكتيبه، تم حبس النيران لأطول فتره ممكنه، وبإشاره ضوئيه منه تم فتح نيران جميع أسلحة الكتيبه 16 مشاه ضد القوات الإسرائيليه المهاجمه وإستمرت المعركه لمدة ثلاث ساعات متواصله حتي أول ضوء، وقامت القوات الإسرائيليه في الساعات الأولى من الصباح بسحب خسائرها من القتلي والجرحي، ولكنها لم تستطيع سحب دباباتها وعرباتها المدرعه المدمره والتي ظلت أعمدة الدخان تنبعث منها طوال ثلاث ايام متتاليه، وقد وصف الخبراء العسكريين هذه المعركه بأنهم قالوا ( أن الكتيبه 16 مشاه والكتيبه 18 مشاه تحملت عبء أكبر معركه في حرب أكتوبر، إن لم تكن أكبر معركه في التاريخ الحديث من حيث حجم المدرعات المشتركه بها ) كما كان لهذه المعركه الباسله أكبر الأثر في نصر أكتوبر المجيد وإعطاء العدو الإسرائيلي درساً لم ولن ينساه
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.