جيهان عبد الرحمن تكتب : القصاص حياة

حين أقدم يهوديا علي قتل طفلة في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ,حين كان بالمدينة المنورة , بأن هشم رأسها بحجرين من أجل سرقة أوضاحها ” غوايشها ” وكانت المسكينة تلفظ أنفاسها الأخيرة أو مازال بها رمق كما جاء في صحيح البخاري ومسلم وصحيح أبن حيان وروايات أخري صحيحة .
فقال لها رسول الله .. أقتلك فلان ؟ فأشارت برأسها أن لا.. ثم سألها ثانية فأشارت برأسها أن لا… ثم سألها الثالثة فقالت. .. نعم وأشارت برأسها, فقتله رسول الله صلي الله عليه وسلم بين حجرين. أي بذات الطريقة التي أستخدمها القاتل بأن هشم رأسه بين حجرين.
هذا الحديث الصحيح ذكرنا به الدكتور المقدم أحمد عبد السلام وهو يتناول فكرة القصاص في الشريعة الإسلامية, وهي ضرورة الفعل بالجاني مثلما فعل وبنفس الطريقة وتحقيق نفس النتيجة, وهو المطلب العادل للمجتمع وخاصة أسرة الفقيدة مريم التي ذهبت غيلة وغدرا وهي عائدة من عملها في أحد شوارع المعادي .
القصاص من مرتكبي حادث فتاة المعادي يجب يكون علانية حتي يتحقق الردع العام لكل من تسول له نفسه فعل ذلك إضافة إلي ما في ذلك من شفاء لصدور أهل الفتاة الذين فجعوا وشاهدوا جسد أبنتهم غارق في الدماء بالشارع نتيجة تحطم رأسها, ولسان حالهم بأي ذنب قتلت ! وكذلك المجتمع الذي تأثر بشدة من جراء الحادث المروع وانتابه الخوف والرعب بما يمس الأمن العام في الشارع.
كل المجتمع يريد القصاص العادل ولا يريد أحكام من عينة خمسة عشر عاما أو أقل أو أكثر وربما يخرج الجناة في نصف المدة لأي سبب من أسباب الخروج قبل انقضاء مدة الحكم, أو ربما كان الجناة دون الثامنة عشر عام بساعات حتي يفلتوا من العقاب ولنا في حوادث اغتصاب وقتل الأطفال المثل فهم يختبئون تحت جناح قانون الطفل و يحصلون علي أحكام هزيلة لا تتناسب مع حجم الجرم ولا يتحقق بها العدل بل كل ما يتحقق هو الاستهانة والاستهتار وتكرار الجرم والفساد في الأرض, لأنه ببساطة من أمن العقاب أساء الأدب.
حسب أقوال الجناة أنهما اعتادا خطف حقائب السيدات عادي يعني دون أن يقبض عليهم. لكن هذه المرة كانت مختلفة لما بها من شناعة وضغط مجتمعي ويحسب طبعا لجهاز الشرطة سرعة التحرك والقبض علي الجناة المجرمين والسيارة المستخدمة في الحادث, وكم شاهدنا فيديوهات علي صفحات الميديا لسيدات ورجال تعرضوا لذات الموقف وأصابهم ما أصابهم من أذي بدني ونفسي جراء السقوط أرضا وعنصر المفاجأة والمداهمة بما فيه من ترويع تنخلع معه القلوب, واذكر أن صديقتي تعرضت لذات الموقف ثلاث مرات في شارع القصر العيني وسلمت أمرها لله وحمدنا الله أنه لم يصيبها أذي بدني وكم من حوادث مماثله تمر لأن الأمر اقتصر علي خطف حقيبة أو موبايل واعتبرت جرائم تافهة أو معتادة يكتفي فيها بتحرير محضر ودمتم .
وحين يطالب أحد رجال الشرطة بعلانية القصاص تحقيقا للتوازن داخل المجتمع مؤكدا أن حضارة الأمم ودرجة تقدمها تقاس بما يتحقق فيه من عدل, فلا عدل بلا تحقيق ردع ولا ردع إلا تحت مظلة العدل ولهذا ذكر الله في محكم آياته في سورة النور وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ صحيح أن الآية نزلت في الزانية والزاني لما فيها من فساد في الأرض لكن هنا وفي جريمة المعادي وكل الجرائم المماثلة, يجب ان يتحقق مبدأ علانية العقاب حتي يشعر المواطن بقيمة العدل .
وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (179)ذلك هو المنهج الرباني النفس بالنفس والعين بالعين والجروح قصاص, فإذا علم الجاني أنه سيعاقب بمثل فعله لامتنع وكان في ذلك ردع لكثير من الناس عن ارتكاب الآثام والفواحش.
أدعو الله من كل قلبي أن يصبر قلب أهل مريم تلك الشابة الجميلة التي لم ترتكب ذنبا, وأتفهم مطلبهم ومطلب المجتمع بضرورة سحل الجناة حتي الموت في ذات المكان وبنفس الكيفية حتي تشفي الصدور, صحيح هذا لا يتصور تحقيقه علي أرض الواقع نظرا لان ما يحكمنا هو القانون الجنائي الذي قد يصل بالجناة إلي حبل المشنقة نتيجة للظرف المشدد المصاحب للجريمة, لكن مازالت عدالة السماء باقية إلي يوم الدين ولو بعد حين. رحم الله رسولنا الكريم الذي حقق العدل فور وقوع الجريمة وحفظ للمدينة أمنها وسلامها الاجتماعي.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.