المهندس محمد الفيشاوى يكتب : رمضان على طول

هل يمكن أن نستمر طوال العام بأخلاقيات وجمال وهدى رمضان؟، هل من الممكن أن يظل رمضان فينا بمدده ونفحاته التى يجلبها علينا من نور الله وسنة حبيبه صلى الله عليه وسلم؟ .
إن ما تقدمت به وواظبت عليه فى رمضان من أعمال البر والمداومة على الطاعة والالتزام بالأخلاق الحميدة والسلوكيات الكريمة وعمليات التكرار المستمرة من أقوال وأفعال وعبادات من صلاة وصيام وقيام وتهجد واستغفار وذكر وتذلل ودعاء لهو خير كبير، وجهد مشكور لإصلاح نفسك وتزكيتها، وتهذيبها.
لقد أصبحت الآن مستعدا للانطلاق وقادرا على الاستمرار على كل ما قد تعودت عليه فى هذا الشهر الفضيل.
وكما يقول الفيلسوف (لاوتسو): “راقب أفكارك فإنها تتحول إلى أقوال، راقب أقوالك فإنها تتحول إلى أفعال، راقب أفعالك فإنها تتحول إلى عادات، راقب عاداتك فإنها تكون شخصيتك وشخصيتك هى التى تحدد مصيرك”.
وأنت بالفعل قد تكونت لديك العادات الإيجابية التى يجب أن تستمر فى التحلى بها حتى تكون الشخصية التى تستحقها لتحدد مصيرك فى الدنيا نجاح وتقدم وتميز واستقامة على شريعة الإسلام وفى الآخرة فوز بالجنة ونجاة من النار.
لقد تكونت لديك العادات الطيبة التى تصبغ عقلك بالمعتقدات القوية التى غرست فيك من الأخلاق الحميدة والعادات والسلوكيات الجميلة ما يجعل منك عبدا تتشرف بالتذلل إلى الله تعلم يقينا أنه لا ملجأ ولا منجى منه إلا إليه لتكون إنسانا نبيلا ومواطنا صالحا لنفسك ودينك وأهلك ووطنك والدنيا جميعا لتحقق معنى قوله تعالى : “كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله”.
إنك لا تزال تجد ريح رمضان فتذكر متعة تلاوة القرآن وروحانيات الصيام والصلاة وفعل الخيرات والإقلاع عن المنكرات والفواحش من الأقوال والأفعال ولكى تظل فى هذا الجمال كواقع عملى تعيشه وتحسه؛ فعليك أن تجيد فن صناعة ما يسمى بالإرتباط الشرطى والقدرة على استخدامه من خلال قدراتك العقلية اللامحدودة لتربطك بعالمك الرمضانى الجميل.
ويعرف الإرتباط الشرطى فى علم النفس بأنه الإرتباط اللاإرادى بين المثير والإستجابة ؛ فعند تعرضك لمثير حسى من صورة أو صوت أو إحساس فإن عقلك يذهب إلى حدث سابق بكل تركيباته البصرية والسمعية والحسية.
وهكذا يمكن استخدام الإرتباطات الشرطية لنظل متعلقين برمضان وأعمال رمضان.
فربما وجدت أحدا يحمل مصحفا أو سمعت قرآنا يتلى فتذكرت رمضان؛ فلا تحرم نفسك من تلاوة ما تيسر من القرآن.
وربما وجدت مصلاك ممدودا فى ذلك الركن الذى كنت تقيم فيه الليل فتذكرت ليالى العبادة؛ فلا تنام إلا وصليت ركعتين.
وربما وجدت فقيرا تصدقت عليه؛ فلا تحرم نفسك من المداومة على الصدقات.
وقد تجلس مع صديق فأراد أن يغتاب زميلا لكما وكنت نهيته عن ذلك فى رمضان، فتذكرت أن رب رمضان هو رب شوال فلا تقدم على غيبة أو نميمة أبدا.
يمكنك أن تصنع بنفسك ارتباطات خاصة تذكرك بالطاعة مثل مسبحتك ومصلاك ومصحفك على حامله وأشياء أخرى قد تبتكرها لتساعدك على ذلك.
وهكذا تستمر معلقا قلبك بالله خاضعا له بمشاعرك مداوما على طاعته متجنبا معاصيته ؛ واثقا أن الله قد من عليك بالقبول فى رحمته وأنك ممن تفضل عليهم بعتق رقبتك من النار وأنك لن تعود إلى ما يفقدك هذه الثقة أبدا.
وصدق رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم حين قال: “لو علمت أمتى مافى رمضان لتمنت أن يكون العام كله رمضان”
أهلا بعام كله رمضان.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.