مناخ جديد تشهده مصر أو بالأحرى وعلى وجه الدقة روح جديدة فى التعامل مع كل القضايا ومع كل الملفات الداخلية والخارجية من التعامل مع المحليات وقضايا البيئة والبنية التحتية إلى التعامل مع الملفات الخارجية .. من قضية سد النهضة فى أثيوبيا إلى أردوغان ومواجهة أطماعه وطموحه الجامح فى السيطرة على ليبيا.. مرورا بكل ما شهدته مصر من مشروعات تنموية عملاقة وتواجد على المسرحين الإقليمي والدولي بفاعلية كبيرة ونشاط كبير يحسده عليها الداني والقاصي على السواء .. بدليل ما يحدث فى إفريقيا وهذه النقلة النوعية التى أحدثتها مصر فى القارة السمراء خلال الفترة القصيرة التى ترأست فيها الإتحاد الإفريقي.
المؤكد أن هذا النجاح الذى تحقق على أرض مصر وراءه العديد من العوامل أولها إيمان الشعب المصرى بخصوصية ودقة المرحلة التى تعيشها مصر منذ يونيو ٢٠١٣ ، وضرورة التوحد لمواجهة المخططات التى تستهدف مصر وتسعى للنيل من وحدتها وأمنها واستقرارها.. والتضحية ببعض المكاسب حتى تتمكن مصر من تحقيق أهدافها وأهداف ثورة يونيو وقد كان لذلك الفضل الأول فى نجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى؛
وثانى العوامل المهمة فى تحقيق النجاح هو تلك الثقافة الجديدة أو بالأحرى تلك الروح التى يتمتع بها الرئيس السيسى والتى تنحصر فى رأيي فى عاملين
الأول هو إيمان الرئيس بمكانة مصر وقدراتها سواء قدراتها العسكرية أو قوتها الناعمة التى كثيرا ما تحدث عنها الكثيرون دون أن يفطنوا لكيفية استنفارها ، وثانيها إيمان الرئيس بأنه لا يوجد مستحيل طالما أنت تريد فيجب عليك أن تصل لما تصبوا إليه مهما كانت المعوقات .
نعم هناك العديد من المؤسسات عملت فى الفترة الأخيرة بفكر جديد وروح جديدة لا تعرف اليأس أو التعلل بأسباب واهية ومنها وزارات الخارجية والإسكان والنقل والمواصلات والهجرة،ورغم ذلك لازال العديد من الوزارات ومؤسسات الدولة تعمل بالفكر القديم وبعقلية أنه ليس فى الإمكان أبدع مما كان وأن الإمكانيات لا تسمح؛ تجد ذلك جليا واضحا فى عدد من المؤسسات وفى الكثير من المصالح الحكومية من المحليات إلى العديد من الوزارات مثل التنمية المحلية ووزارات مثل الشباب والتجارة والصناعة والسياحة والثقافة والتربية والتعليم وقطاعات فى وزارة الداخلية مثل المرور
نستطيع أن ندلل على ذلك بأن حركة النمو فى هذه القطاعات أقل من المستهدف بل إن الواقع يشهد أن الحال مازال كما هو وكأنه لم يحدث تغيير وكأنه لم يحدث شيء جديد فى مصر؛ وكأن الدولة مثلا لم تنظم العديد من مؤتمرات الشباب على المستويين القومى والعالمى والتى لو تم استغلالها بشكل جيد لتدفقت أعداد السائحين لمصر والسؤال أين وزارة السياحة وماذا فعلت لجذب سائحين جدد مستغلة نجاح هذه المؤتمرات هل وضعت هذه المؤتمرات وفعالياتها على أنشطتها الدعائية ؟،
هل وضعت الوزارة خطط جديدة ومبتكرة لاستغلال ثروات مصر الهائلة الطبيعية والأثرية التى تؤهلها لأن تكون أكبر دولة جاذبة للسياح فى العالم ؟ أشك كثيرا أن الإجابة نعم ؛ ولو أحسنت وزارة الشباب استغلال مؤتمرات الشباب وفعالياتها ونتائجها ما شعر قطاع عريض من الشباب بأنهم مازالوا بعيدين عن فكر الدولة واهتمامها وما أقدم عدد منهم على ارتكاب جريمة الانتحار تحت أى مسمى لاسيما لو أحسنت استغلال مراكزها المنتشرة فى جميع أنحاء الجمهورية والتى يفترض أنها تتواصل من خلاها مع الشباب الذين يشاركون فى أنشطتها .
العديد من الشواهد تؤكد أنه مازالت قطاعات عديدة تسير على النهج القديم فالدروس الخصوصية لازالت تلتهم موازنة الأسرة المصرية ومازالت مدارس الدولة بيوت أشباح لا يذهب إليها تلميذ واحد خاصة من المرحلة الثانوية؛ ومازال حفنة من المدرسين وأصحاب المصالح يخرجون لسانهم للدولة ولكل خططها من أجل تطوير التعليم؛ لأن وزارة التربية والتعليم لازالت تعمل بالفكر القديم لا تريد ولا ترغب فى الدخول إلى عش الدبابير والذى لابد من اقتحامه إذا أردنا القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية ونعيد الهيبة والإحترام للمدرسة كمؤسسة تعليمية وتربوية .
مطلوب أن يتفهم العديد من المسؤلين فى مصر تلك الثقافة التى أوجدها الرئيس السيسى وأن يتقمصوا نفس الروح ويكون لهم نفس الإرادة والإصرار على حل مختلف المشكلات مهما كانت صعوباتها؛مطلوب أن تتخلص شوارعنا من مشاهد القمامة المذرية المنتشرة فى كل مكان والتى لا أعرف لماذا هذه المشكلة مستعصية على الحل حتى الآن؟!؛ أين دور المحليات ورؤساء الأحياء هل لا يرون هذه المشاهد وبعضها على بعد خطوات وأمتار قليلة من مكاتبهم ؟
مطلوب أن تقوم وزارة الثقافة ومعها وزارة الأوقاف بدور جديد وحيوى ينطلق من أنه لا يمكن العودة إلى الوراء لا يمكن أن نترك المناطق الشعبية لمفتين الجماعات السلفية الذين لم يأخذوا من الدين سوى القشور؛ مطلوب فكر دينى تربوى ينطلق من ثوابت الدين ويواجه قضايا العصر ومشكلاته وجرائمه المستحدثة مثل انتشار الإرهاب والإلحاد والشذوذ وزنا المحارم والانتحار والتفكك الأسرى
مطلوب دور مشترك من رجال الدين وكبار المثقفين وعلماء الإجتماع ومسؤلى وزارة الثقافة مستغلين قصور الثقافة المنتشرة فى جميع مدن مصر يقولوا أن الفن الهادف ليس حرام وأن الدولة موجودة بكل أجهزتها تحتضن أبناءها وتحميهم من أنفسهم ومن المتربصين بهم فى الخارج ومن دعاة الجهل واليأس والتطرف وكارهي الدولة .
لا يمكن أيضا وغير منطقى مع كل التحديث الذى حصل لوزارة الداخلية وكل الإمكانات التى تتمتع بها ومع كل الجسور والمحاور التى تم انشاؤها أن تبقى مشكلة المرور خصوصا وسط العاصمة كما هى دون حل ؛ أن يبقى الزحام والتكدس كما هو دون حل وذلك لأن الوزارة لا تفرض القانون ولا تفرض إحترامه على سائقى المركبات سواء الخاصة أو العامة، ولأن الدولة مازالت لا تأخذ بيد من حديد مع مرتكبى المخالفات
ببساطة نحن نأمل أن نرى مصر جديدة من كل النواحى ؛ نريد أن نرى شوارعنا خالية من مشاهد العنف والبلطجة التى يمارسها البعض، نريد أن تكون الحركة المرورية طبيعية كما هى فى معظم دول العالم ولاسيما فى الدول التى تماثلنا فى عدد السكان بل وتزيد، نريد مدارس أنفقت الدولة عليها مئات الملايين تعمل وتؤدى دورها التى أنشئت من أجله .
لو أدرك المسئولون كيف واجه الرئيس التحديات التى واجهت مصر كيف حارب الإرهاب فى سيناء وقضى عليه كيف أعاد ثقة المستثمرين من مختلف دول العالم إلى الاقتصاد المصرى كيف كان معدل النمو ٢% وأصبح الآن 5.6% وكيف كانت مؤسسات الدولة وكيف أصبحت كيف تم شق الجبال والصخور وحفر الأنفاق لبناء مدن عصرية ؟، لو أدرك المسئولون حقيقة ماحدث لما تحجج أحد منهم بوجود معوقات مادية أو غير مادية، لما تقاعس أحد منهم عن أداء عمله وحل المشكلات التى تعانى منها الجماهير وتصحيح صورة مصر وعودتها ناصعة بيضاء كما كانت فى الماضى القريب القاهرة مثلا التى كان يتم غسلها يوميا فى أربعينات القرن الماضى ، الموضوع ليس مستحيل فقط لو تحمل كل مسؤول مهام المسؤلية التى تم اختياره من أجلها وخرج من مكتبه ورأى الواقع كما براه المواطنون، لو أدرك كيف يتحرك الرئيس ويلتقى بمسؤلين من جميع دول العالم بحثا عن حلول لمصر والمضى قدما لتحقيق ما يصبو إليه من أهداف،
نأمل أن تتقارب السرعات والمسافات بين المسئولين فى مصر والرئيس السيسى .