جيهان عبد الرحمن تكتب : مشروع قومي لإعادة الروح

كلما أهل علينا شهر أكتوبر المجيد تستعيد النفس مشاعر العزة والكرامة والفخر، وكم نحن في أشد الحاجه إلي استعادة تلك المشاعر النبيلة الصادقة ونحن نحتفل بالذكري الـ 46 لنصر أكتوبر المجيد، خاصة لو كانت الأوطان في حاجة إلي شحذ همم شبابها، بل هي في أشد الحاجة إلي مشروع قومي لإعادة روح أكتوبر، وفي ذلك أستعيد مشهد في أحد البرامج الحوارية الرمضانية وجه المذيع سؤال إلي ضيف البرنامج وكان هو الإعلامي اللبناني جورج قرداحي حول موقفه من التطبيع مع الكيان الصهيوني قال أنه يوافق علي التطبيع مع إسرائيل لكن ذلك في حالة واحده وهي إذا وافقت إسرائيل علي حل القضية الفلسطينية واذا أصبح للشعب الفلسطيني دوله حرة مستقله ذات سياده، يحكمها الفلسطينيون ،وعلي أرض فلسطين ومع القدس الشرقية عاصمة لفلسطين ووقتها من الممكن أن نتحدث عن التطبيع .

أعجبتني الإجابة جدًا ولازلت أذكرها خاصة في ظل الهرولة العربية تجاه إسرائيل التي تحولت فجأة إلي حمل وديع يخطب العالم العربي وده ويتمني لها السلامة ويعمق معها العلاقات مع تنامي الحديث عن صفقة قرن مشبوهة برعاية أمريكية فجة وكأنها سايكس بيكو الجديدة أو وعد بلفور حديث.

تمنيت أن يكون احتفالنا هذا العام بذكري نصر أكتوبر بشكل مختلف يتناسب مع ما تحمله الأجواء من غموض ومعلومات وتقارير مسربه من وسائل الإعلام الغربية وتكتم ونفي عربي مريب حول ما اصطلح علي تسميته بصفقة القرن.

مازالت حرب أكتوبر حبلي بالتفاصيل الدقيقة والأسرار التي لو ركز الإعلام عليها لخلق روح جديدة خاصة بين شبابنا الذي بات لا يعرف عن حرب أكتوبر سوي أنها اسم لاحدي المدن الجديدة أو اسم كوبري في وسط البلد، وحسنا فعلنا بعرض فيلم الممر بما يحمله من معاني ومشاعر عظيمه ألهبت حماسة وأججت مشاعر كل من شاهدة ويحمل بين جنباته قلبا يعشق تراب بلده مصر.

كم من شبابنا يعلم أن كل حبة رمل من أرض سيناء خضبت ومازالت تخضب بدماء شهدائنا الأبرار، لا أدري كيف يمر حادث اكتشاف جثمان شهيد بملابسه العسكرية في جوف صحراء سيناء ونحن نقوم بالحفر والتنقيب والتعمير- كما حدث في الأعوام السابقة – دون ان يتم عمل أفلام تسجيليه حول حياة هذا البطل وعائلته وظروف الحرب سواء كانت أكتوبر 1973 أو يونيو 1967 أو خلال حرب الاستنزاف أو عدوان 1956، أو 1948، أو حربنا ضد الإرهاب الممتدة من 2013 وحتي الساعة، كثيرة هي الدماء التي سالت ومازالت تروي أرض سيناء ولا أتصور أية تسوية تمر لصالح الكيان الصهيوني المدلل علي حساب دماء شهدائنا.

يجب أن يعلم شبابنا كم زلزل نصر أكتوبر كيان العدو في العاشر من رمضان الموافق السبت السادس من أكتوبر وقت احتفالهم بعيد الغفران كيف أفقدتهم الضربات الأولي توازنهم حتي أنهم سجلوا بأنفسهم في وثائقهم أن هزيمة إسرائيل ليست عسكريه ولكنها كانت تعني فناء الشعب والدولة، حينها قال موشي دايان لجولدا مائير أننا نفقد البيت الثالث ففي حملة قادش 1956 فقدت إسرائيل خلال خمسة أيام من القتال 180 جندي ووقع في يد المصريين أسير واحد وفي حرب الأيام الستة في 1967 قتل علي الجبهتين المصرية والسورية معا 850 خلال ستة أيام من القتال ووقع 14 أسير بينما في أول أيام حرب السادس من أكتوبر 1973 قتل 500 قتيل ونحو ألف جريح وعشرات الأسري في أقل من 24 ساعه تحولت إسرائيل من دولة عسكرية كبري إلي دولة تقاتل بشراسة من أجل وجودها، لم يتعرض الكيان الصهيوني منذ ان أصبح دوله لخطر الدمار كما حدث في ذلك اليوم المصيري، وصفوه بقولهم …كان بيننا وبين القضاء علينا خطوة واحده وهذا ما قاله بنحاس سابير وزير المالية في حكومة إسرائيل في وقت لاحق وقبل التدخل الأمريكي لصالح إسرائيل.

وهذا التحول المذهل هو ما تناوله بالتفصيل كتاب التقصير الذي كتب بأيدي صحافيين إسرائيليين كانوا جنودا في الحرب وسجلوا أهوالها ونقاط تقصير جيش بلادهم ونقاط قوة وعبقرية الجيش المصري الذي صمم علي استرجاع الأرض والعرض والكرامة والذي شرفت بعرض خمس حلقات من الكتاب الممنوع من النشر في إسرائيل.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.