ابراهيم نصر يكتب : وداعا مجدى.. أبو الكرامات

قليلون هم من يتركون بصمة فى حياتك لا تمحوها الأيام مهما طال بك الزمن، فلا أتصور أن يمر يوم مما تبقى من عمرى دون أن أتذكر أخى مجدى الذى لم تلده أمى، بل صديقى وحبيبى ورفيق رحلة كفاح طويلة عمرها من عمر “عقيدتى” التى تخطت ما يزيد على ربع قرن من الزمان.

فهو أحد الأعمدة الأساسية التى قامت عليها عقيدتى، ولا يقل أهمية عن أى فرد فيها بما فيهم رؤساءالتحرير الذين تعاقبوا عليها، لا أستثنى منهم أحدا.

ارتباطنا بعم مجدى – رحمه الله رحمة واسعة – جعلنا لا نستطيع الأستغناء عنه حتى بعد خروجه إلى سن التقاعد، ولم نسمح له بفراقنا حتى خطفه هادم اللذات ومفرق الجماعات، فكان معنا وبيننا حتى آخر يوم فى حياته ، وسيظل معنا بذكريات هذا التاريخ الحافل من الإخلاص والتفانى والجد فى العمل، وهو معنا ولن يفارقنا، وسنظل نذكر له مواقفه النبيلة، وأمانته منقطعة النظير، وعفة نفسه، وطهارة قلبه، ومعسول كلامه، وبشاشة وجهه.

ستظل بيننا يا صديقى العزيز، وقليل هم الأصدقاء الأعزاء فى هذه الدنيا، وأنت فى مقدمتهم بحكم طول العشرة وكثرة اللقاء، وثراء الذكريات.

لا أكون مبالغا، إذا قلت إن صديقى مجدى معاون “عقيدتى” ترك فينا ما يشبه كرامات أولياء الله الصالحين،وقد يدرك ذلك كل من أنار الله قلبه وصار يرى ببصيرته، ما تعجز العيون الصحيحة عن رؤيته.

ما فعله مجدى قبيل وفاته يؤكد أن الله قد كشف عن بصره الغطاء فى آخر أيامه ، فكان يرى ما لا يراه من حوله ، وأعلمه الله بدنو أجله فلم يخش لقاء الله بل أحبه ، فأحب الله لقاءه ،  فهو الآن فى ذمة أكرم الأكرمين الذى لايظلم عنده أحد، بل عنده ترد المظالم ويوفى الصابرون على ظلم الدنيا ومن فيها أجرهم بغير حساب ، وإن لم يكن حبيبى مجدى من هؤلاء الصابرين ، فمن ؟

لا أحد ممن يعرفون تاريخه يجهل أنه كان مكافحا بشرف، حتى فى أيام الطيش والشباب كان الفتوة الذى يأخذ حق الضعيف من القوى دون وجل أو خوف من عاقبة أمره، فكان فتوة وليس بلطجيا، وشتان بين هذا وذاك.

لم يستطع أن يكمل تعليمه، ولكنه كان أنبل وأشرف من كثير من المتعلمين، ولذا كان بعض من نطلق عليهم نجوم المجتمع  على اتصال دائم به، لمجرد أنهم رافقوه فى أعوام الدراسة الأولى ، ولكنه نموذج لا يتكرر كثيرا فى دنيا الناس ويصعب نسيانه أو التفريط فيه .

وأذكر من هؤلاء النجوم علاء ولى الدين – عليه رحمة الله – وأشرف عبد الباقى، أطال الله بقاءه وأصلح له حاله.

إذا تركت لنفسى مجال الحديث عن عم مجدى ومآثره وكريم أخلاقه ، ودلالات كراماته ، فلن تكفينى صفحات عقيدتى. وليس أضعاف أضعاف مساحة هذا المقال.

لا أظن أن كثيرين غيره من أبناء مؤسسة دار الجمهورية للصحافة قد حظى بهذا الإجماع على حبه ، فلم أسمع عنه فى حياته أو بعد موته إلا كل خير، وإذا كانت ألسنة الخلق هى أقلام الحق ، فإن شاء الله تعالى سيكون فقيد أسرة “عقيدتى” قبل أن يكون فقيد عائلته ، فى جنة الخلد.. ونسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يرفع درجته إلى الفردوس الأعلى، ويكرم نزله ويجعل قبره روضة من رياض الجنة.

اللهم آمين آمين يارب العالمين، وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ونسالكم لفقيدنا قراءة الفاتحة والدعاء له بالرحمة والمغفرة.

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.