خطة تطوير التطوير

بقلم جيهان عبد الرحمن

أخيرا وبعد جدال وطول ترقب بين الطلاب وأولياء أمورهم والمهتمين بالشأن التعليمي أعلنت لجنة التعليم بمجلس النواب أن الصف الثاني الثانوي للعام الدراسي المقبل سنة نقل عاديه وان اعتباره عام تراكمي مع الصف الثالث الثانوي يحتاج إلي تعديل تشريعي لقانون الثانوية العامة رقم 20 لسنة 2013 خاصة وان مجلس النواب حاليا في إجازة صيف ولن تنعقد جلساته إلا في نهاية الأسبوع الأول من أكتوبر 2019 في حين أن العام الدراسي الجديد يبدأ في 21 سبتمبر، ورغم ذلك كان تصريح الوزير د. طارق شوقي الخميس الماضي أن الأيام المقبلة سيتم حسم أمر الصف الثاني الثانوي من كونه نقل أم تراكمي، والحقيقة لا أعلم عن أي أيام مقبلة يتحدث السيد الوزير رغم كونها محسومة سلفا إلا اذا كان يقصد تطبيقه تراكميا دون سند تشريعي.

وبينما منظومة التعليم قبل الجامعي واستراتيجيتها تعاني من مشكلة كبري في عدم وضوح الرؤي رغم الإعلان عنها وتسويقها إعلاميا أكثر من مرة كأنها الحلم المرتقب، ورغم تناقضها الكبير مع الواقع وعدم اتساقها معه وقد نبهت لذلك في مقالات كثر سابقه، رغم الإشادة بها من قبل فريق غير قليل، وتضارب التصريحات حولها بل واتخاذ قرارات مصيريه هامه ثم التراجع عنها والأمثلة علي ذلك كثيرة ليس هنا مجالها وسبق الكتابة عنها، لكن الغريب العجيب ان تقرا في ظل تلك المعمعة وتراجع مصر تعليميا وفقا للتصنيفات العالمية للتعليم قبل الجامعي ان الوزارة تقوم حاليا ببذل جهود قويه لتطوير التعليم الحالي الذي تقوم به الوزارة، أي انه تطوير للتطوير الذي لم تتضح معالمه حتي الأن.

هكذا كتب الدكتور رضا حجازي الرجل الثاني في وزارة التربية والتعليم وهو رئيس قطاع التعليم العام، عن تعليم المستقبل في السنوات العشرين القادمة، في ضوء علوم المستقبل و”مدخل الهيوتاجوجيا ” ، سيتعلم الطلبة خارج غرفة الصف مدعومين بأجهزة مختلفة مستمعين لمعلمين من اختيارهم ولن تقتصر مهارات التعليم علي الورق وان التعليم لن يتلاشى ولكنه سيأخذ أشكالا مختلقه ذلك سيحدث خلال السنوات العشرين القادمة.

وهذا يعني باختصار ومن وجهة نظري الشخصية التخلص من فكرة التزام الدولة ببناء مدارس جديده، واختصار بند كبير جدا من موازنة التربية والتعليم المنهكة الضحلة والتي لا تتناسب مع طموحات دوله في حجم مصر تريد أن يكون لها الصدارة والريادة. أما فكرة الاستعانة بأجهزة مختلفة تطرح من فورها سؤال جوهري وهل نجحت تجربة التابلت التعليمي حتي نطرح فكرة استخدام أجهزة أخري لا يعلمها إلا الله ومسئولي وزارة التربية والتعليم.

ولكني توقفت كثيرا أمام عبارة التعليم لن يتلاشى وكأنه يرد مسبقا علي مخاوفنا وما سيتبادر إلي الأذهان فور الإعلان عن خطة تطوير التطوير تلك.

كتب أيضا أن المناهج الدراسية سيشارك في إعدادها الطلاب والمعلمين وسيكون للطلاب حق انتقاد محتوي مناهجهم، مع التحرر من قيد الزمان والمكان، وهو في ذلك يؤكد ما صرح به د. طارق شوقي وزير التربية والتعليم عند الترويج لفكرة التابلت ان الطالب يمكنه الامتحان وهو جالس علي الكافية أو النادي.

أوضح د. حجازي أن الاتجاه هو التعليم عن بعد بمعني أن الجزء النظري يتعلمه الطالب خارج الفصل والجزء العملي يدرس وجها لوجه وبشكل تفاعلي وان يتعلم كل متعلم وفق سرعته في التعلم، وان الطلاب سيتعلمون بأجهزة مختلفة وبرامج مختلفة وتقنيات تعتمد علي رغباتهم وان المناهج ستخلق مساحة أكبر للطلبة لينخرطوا في التدريب الميداني ودمج الهندسة مع العلوم والمجالات في المناهج وإحلال التقييم محل الاختبارات.

هذا هو الجديد الذي ستطرحه الوزارة قريبا ربما اليوم أو غدا وسيتم مناقشته وقبوله من قبل البعض ورفضه من قبل البعض الأخر، خاصة الطلاب وأولياء أمورهم الذين باتوا بالفعل فئران تجارب في حقل التربية والتعليم، مازلنا نلهث خلف النظريات الفوقية المجافية للواقع وطبيعة وظروف الشعب، مازلنا نلهث خلف فكر التوفير لا فكر التعليم ، مصر رائدة العلم والثقافة والحضارة الضاربة في عمق التاريخ يجب ان يكون تعليمها نابعا من أرضها متناسبا مع نسيجها والقول بغير ذلك سيجعلنا ندور حول انفسنا في دوائر مفرغه حتي لو هلل للطرح الجديد كل المهللين علي الارض.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.