عبد الناصر البنا يكتب : قانون الإيجار .. ووجع الدماغ من تانى !!

طيلة أيام حياتى لم ولن أقرأ أو أسمع عن قانون صدر فى مصر وأحدث شرخا فى العلاقات الإجتماعية بين أفراد المجتمع المصرى ؛ كما حدث فى قانون الإيجار الجديد ، هذا القانون أحدث إنقساما شديدا وفرقة فى المجتمع ، والخطورة ذلك كما إتفقت الـ آراء فى انه يمكن أن يهدد السلم والأمن الإجتماعى فى مصر .. حاجة كده تخرج عن نطاق إستيعاب العقل .. ليه يحصل كل دا ؟
الحكاية بدأت من حكم للدستورية العليا فى طعن اتقدم قدم لها فى عام 2002 يتضرر فيه المالك من سوء تنظيم العلاقة بينه وبين المستأجر ، لتقوم المحكمة فى نوفمبر 2024 ، اى بعد 22 سنه وتحكم لهذا المالك بعدم دستورية ” تثبيت ” الأجرة السنوية في عقود الإيجار القديمة ، هى رأت أن في ذلك إخلال بمبدأ العدالة ، وأعطت للبرلمان السلطة الكافيه لوضع ضوابط جديدة تنظم العلاقة بين المالك والمستأجر وفقا لمتطلبات العصر . فتقوم الحكومة الموقرة تسكت .. أبدا ، وإنما تتقدم بمشروع قانون مضافا إليه بعض ” التحابيش ” ، يعنى بالبلدى كدة عملت زى إللى حب يجامل فى الفرح فقام رامى قنبلة !!
التحابيش أو (القنبلة) أثارت اللغط فى المجتمع وفتحت باب التكهنات على ال Social Media هى الحكومة عاوز تطرد الناس من بيوتها ليه بعد 7 سنوات ؟
وناس تقولك : أصلهم هيبيعوا عمارات وسط البلد لـ ” مستثمرين ” إماراتيين ، تكهنات تزامنت مع تصريحات لـ “رجل الأعمال ” الاماراتى محمد العبار عن أهمية إستثمار منطقة ” وسط البلد ” وتحويلها إلى ” موتيلات ” وتكهنات تانيه كتيرة .
البرلمان المصرى هاج وماج وهدد وتوعد رافضا المادة 2 من مشروع الحكومة التى إشتهرت إعلاميا ب “مادة الطرد ” ، وللأسف تمخض الجبل فولد “فأرا” رضخ البرلمان لراى الاغلبية ، وتم تمرير القانون ، ونشره فى الجريدة الرسمية ، وقضي الأمر الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ ،
ولكن بقى السؤال : هل تم دراسة الآثار الكارثية لصدور هذا القانون على المجتمع ؛ والنتائج التى سوف تترتب على تطبيقه ؟ أعتقد مفيش حد فى بر المحروسة يقدر يقول أيوه دا حصل .
وبقيت حالة من الغليان والهذيان يمر بها المجتمع لم تعرف لها مصر مثيل من قبل .. وتلك والله حقيقة ، الناس فى بادىء الأمر عملت بما قاله [جحا] الأعمار بيد الله .. ياعالم يمكن نموت قبل الـ 7 سنوات أو المالك يموت أو حتى الحكومة ، لكن المشكلة عادت للصدارة من جديد بعد أن أعلنت اللجان فى المحافظات الإنتهاء من تصنيف المناطق “متميزة ومتوسطة وإقتصادية ” ونشرتها فى الجريدة الرسمية ، ومن ثم الكوارث التى ظهرت عند تطبيق هذا التقسيم المجحف !!
هناك أماكن فى مناطق مثل ” كعابيش فى فيصل _ وفكيهة فى الهرم ” على سبيل المثال ، تم تصنيفها أماكن متوسطة .. أى أن الزيادة الشهرية المقررة عليها هى 10 أضعاف الأجرة بحد أدنى 400 جنية ، أى ان المستأجر فى هذه الأماكن عليه ان يدفع إيجار شهرى قدره 2000 جنية إيجار شهرى بدلا من 200 جنية فى الشهر ، مع زيادة 15 % كل سنه ، فى حين أن مواطن آخر يسكن فى ” الزمالك ــ أو جاردن سيتى ــ أو مصر الجديدة ” أو غيرها من الأحياء الراقية ، عليه ان يدفع إيجار شهرى فى شقه فارهة مساحتها تزيد عن الـ 250 متر ، وتجده مطالب بدفع الحد الأدنى للزيادة وهو مبلغ 1000 جنية لان ايجار الشقة هو 7 أو 17 أو حتى 70 جنية فى الشهر .. فهل هذا هو مبدأ العدله الذى إنتهت إليه المحكمة الدستورية العليا فى حكمها ؟
ولك أن تتخيل الشاب “الثلاثينى” الذى إستأجر شقة فى الطالبية سنه 1995 ودفع لها مقدم 20 ألف جنية “خلو رجل” ، وقام بتشطيبها بمبلغ 20 ألف ، وهو يدفع إيجار شهرى قيمتة 200 جنية ، وتزوج وعاش فى تبات ونبات وخلفوا صبيان وبنات ، عمر هذا الشاب اليوم هو 60 سنه ، أى أنه على المعاش ، تفاجأ أنه اليوم مطالب بدفع 2000 جنيه كل شهر ، بل ومهدد بالطرد بعد 7 سنوات ، ممكن حد يقولك : الحكومه هتوفر له سكن .. أقوله : هيجيب منين ياحسرة فلوس للشقة الجديدة .. إذا كان إللى جاى أقل من إللى رايح !!
إتصلت بى أرملة تسكن هى واختها فى منطقة ” فكيهة ” بالهرم والدموع تملأ عينيها وأفادت بأن المالك طالبها بدفع مبلغ 2000 جنية فى الشهر من أول شهر 9 مع الزيادة الجديدة للأجرة ؛ وفقا لتصنيف الأماكن الصادر من محافظة الجيزة ، وكانت تنتحب حتى إنفطر قلبها من شدة العياط لأنها لاتملك هذا المبلغ ؛ والمعاش بالكاد يكفى ، الست قالت لما أخدنا الشقة دى سنه 1995 أنا وجوزى الله يرحمه كان سعرها تمليك ب50 ألف جنية ، ولكن مكانش معانا المبلغ ، دفعنا للمالك 20 ألف خلو رجل ، وشطبنا ، وإتجوزنا ، وبقينا ندفع إيجار 200 جنية فى الشهر ؛ يعنى لو حسبتها هتلاقي المالك إنهارده أخد ثمن الشقة مرتين .. حاولت أن أهدىء من روعها ، ولكن ماباليد حيلة .. وكما ذكرت آنفا .. قضي الأمر الَّذِي فِيهِ تَسْتَفْتِيَانِ !!
يُحكى أن مهندساً زراعياً كان يعمل في الأرياف ، وفى طريق عودته إلى القاهرة ركب القطار ، وجلس إلى جواره فلاح مسن من أهالي القرية ، وكان يضع بين قدميه كيسا ، وخلال الطريق كان الفلاح يقلب الكيس ، ويخلط محتوياته كل ربع ساعة ، ثم يعيد تثبيته بين قدميه ، واستمر على هذا الحال طيلة الطريق . استغرب المهندس الزراعي من تصرف الفلاح ، فسأله : إيه حكاية الكيس دا ؛ فقال له الفلاح : أنا أصطاد الفئران وأقوم ببيعها وتوريدها للمركز القومي للبحوث بالقاهرة ؛ ليستخدموها في عمل الأبحاث والتجارب .. إلخ . سأله المهندس : إنت ليه بتهز الكيس وتقلبه كل شوية ؟ فقال له : الكيس فيه فئران ، ولو تركته بدون تقليب وهزّ لـ أكثر من ربع ساعة ستشعر الفئران بالراحة والاستقرار ، وسوف يتوقفون عن التوتر الغريزي ، وبعد وقت قليل هيبدأ كل واحد منهم بقضم الشوال وثقبه ، لذلك أهزّه كل ربع ساعة كي أثير خوفهم وتوترهم ، فتنشغل بالعراك مع بعضها منساقة بغرائزها وتنسى أمر الكيس حتى أصِل به إلى مركز البحوث !!
كلى أمل فى قضاء مصر الشامخ ، وفى الحكومة وفى رأس الدولة أن يسعوا جاهدين إلى تحقيق قصد المشرع فى ما إنتهى إليه حكم المحكمة الدستورية العليا فى وضع الأمور فى نصابها الطبيعى ، وتنظيم العلاقة بين المالك والمستأجر بصورة ترضى كافة الأطراف ، وأيضا الأمل معقود فى حكم قضائى عادل فى الطعون التى قدمت للمحكمة الدستورية العليا مؤخرا من أجل تهدئة الرأى العام .
والأمل أيضا معقود فى البرلمان القادم فى أن يكون معبرا عن إرادة الشعب المصرى ، وأأمل أن لايقتصر تصنيف الأماكن ” متميزة ــ متوسطة ــ إقتصادية ” وفق معايير وضوابط مثل حالة تلمبنى والشارع وتوافر الخدمات .. الخ ، وإنما ان يوضع فى الاعتبار ايضا قيمه الإيجار الشهري الذى كان يدفعه المستأجر ؛ لأن هناك مستأجر إضطرته الظروف لدفع 200 أو 300 جنية إيجار شهرى لشقة فى منطقة شعبية وأصبح تصنيفها متميزا أو متوسطا فهل من العدل أن يدفع اليوم فى ظل الغلاء الذى يكوى القادر وغير القادر أن يدفع 2000 أو 3000 نية أو 4 أو 6 آلاف جنيه فى الشهر بناءا على تقييم لجان الحصر ، وأن يتم أيضا مراعاة أصحاب المعاش والأرامل والأيتام وذوى الإحتياجات الخاصة .. إلخ عند التقييم . لان حقيقى هذا الوضع ليس له مثيل فى أى دولة فى العالم تحرص على أمن وإستقرار مواطنيها .
وأختتم بقول للصعايدة ” هم مغلى فى .. نطال ” والنطال بضم النون وتسكين الطاء ، هو أقرب مايكون إلى دماسة الألومنيوم ماركة زنوكى .. ” حفظ الله مصر “