جيهان عبد الرحمن تكتب : الويب المظلم… العالم السري للإنترنت 

جيهان عبد الرحمن

تقطعت أنفاسنا وبلغت القلوب الحناجر فلم تكن أيامنا الأخيرة عادية، گأن الحزن اختار صدورنا ليسكن فيها والخوف هاجس يتردد مع أنفاسنا شهيقا و زفيرا، فبعد جريمة طفل المنشار جاءت مأساة مدرسة سيدز لتفتح بابا من الأهوال كنا لا نتمني رؤيته، خاصة ما يحاط بها من غموض وسرية حتي تم تحويلها مؤخرا للنيابة العسكرية، وما يتردد من ربطها بجرائم “الدارك ويب” أو الويب المظلم، جرائم بشعة ارتبطت بتصويرها أو بيعها عبر منصات خفية يصعب تتبعها.

والسؤال هنا هل ما حدث جريمة دارك ويب بالفعل؟

بالعودة إلي المتاح من معلومات حول الويب المظلم: طبيعته، مخاطره، مَن يستخدمه، وكيف تتقاطع جرائمه مع الواقع.

نكتشف انه ينقسم إلى ثلاثة مستويات، الويب السطحي Surface Web وهو الجزء الذي نستخدمه يوميًا — فيسبوك، جوجل، يوتيوب، المواقع الإخبارية.

مفهرس، مكشوف، ويمكن لأي شخص الوصول إليه.

المستوي الثاني الويب العميق Deep Web

ويشمل كل ما لا يظهر في نتائج البحث مثل الإيميل، حسابات البنوك، قواعد بيانات المستشفيات، منصات الشركات الداخلية وجوده طبيعي وليس إجرامي

المستوي الثالث وهو الأخطر الويب المظلم Dark Web

وهذا لا يمكن دخوله إلا عبر أدوات تخفي الهوية مثل برنامج Tor.

مواقع لا تُعرف هويّة أصحابها، ويستخدمه البعض لأنشطة محظورة مثل، تجارة المخدرات،بيع الأسلحة، غسيل الأموال، مشاركة بيانات مسروقة،بيع صور وفيديوهات العنف،الاتجار بالبشر، محتوى إجرامي لا تستطيع المواقع العادية نشره.

وحسب الوصف السائد الدارك ويب يشبه مدينة تحت الأرض موجودة، لكن غير مرئية.

الدارك ويب بيئة مثالية للجريمة لانه يقوم بإخفاء الهوية الكاملة، المستخدم يدخل دون عنوان IP واضح، دون اسم أو رقم.

إضافة لصعوبة تتبع الخوادم والموقع نفسه يعمل عبر “عُقد” متتابعة تخفي مصدره الأصلي.والاخطر أنه يتم الدفع بالعملات المشفرة مثل البيتكوين أو عملات مخفية، مما يصعّب تتبع الأموال.

الدارك ويب يقوم بعمل شبكات تبادل مغلقة ومنتديات سرية لا يدخلها إلا أعضاء موثوقون، ما يجعلها مناسبة للجرائم المنظمة.

الجرائم الأكثر شيوعًا على الدارك ويب، تجارة المخدرات، الأسلحة، إعداد هويات مزوّرة ووثائق رسمية، اختراق وبيع قواعد بيانات حكومية، وما يخصنا هنا تداول مقاطع القتل والتعذيب، واستغلال الأطفال، و عصابات القتل المأجور، و المقامرة

أخطر ما في الدارك ويب أنه يجعل “الجريمة سلعة”

هل جريمة طفل شبرا و مدرسة سيدز من جرائم الدارك ويب؟

ما تم الإعلان عنه رسميًا حتي الآن أن الجريمة وقعت بتحريض من شخص خارج مصر.وتم تصوير عملية القتل بشكل احترافي ومقصود.

الهدف كان بيع الفيديو عبر منصات على الدارك ويب لمجموعات تشترى محتوى العنف. هذه الشبكات معروفة عالميًا بتجارة “snuff videos” (مقاطع القتل الحقيقية).

وفق المعطيات المتاحة، وجود عملية قتل مُعدّة للتصوير، ورغبة في بيع الفيديو لمنصات سرية

ووجود طرف خارجي يدير عملية البيع، واستخدام شبكات مشفرة للتواصل

كل ما سبق يطابق جرائم التداول الإجرامي في الدارك ويب.

يعد انتشار هذه الجرائم رغم خطورتها دليلا علي غياب الرقابة على تلك الشبكات، وإنعدام تواجد جهة مركزية تتحكم بها، الربح المالي الضخم فهناك جهات تدفع مبالغ كبيرة لمحتوى العنف الحقيقي وسهولة تجنيد ضعاف النفوس

العصابات تستهدف صغار السن والمراهقين عبر الإنترنت والـMessaging Apps.

وذلك بسبب ضعف الثقافة التقنية لدى الأهالي ما يجعل الأطفال عرضة للتلاعب.

في مصر يتم تطبيق قوانين مكافحة جرائم تقنية المعلومات. ومواد وقانون العقوبات والاتهامات هي التحريض على القتل، والاشتراك في جريمة منظمة، والتعامل مع منصات إجرامية، والاتجار في صور وفيديوهات منافية للأخلاق أو نشر محتوى إرهابي أو وحشي

علي المستوي الدولي يُعتبر الدخول إلى منصات معينة دون سبب مشروع جريمة — خصوصًا إذا كان الهدف تجارة أو نشر مادة محظورة.

لكن يظل السؤال قائما .. كيف نحمي المجتمع من خطورة الدارك ويب؟

أهمها علي الاطلاق التوعية المنزلية والمدرسية، تعليم المراهقين عدم التعامل مع روابط مجهولة أو أشخاص مجهولين. ضبط السلوك الرقمي للأسرة، وضرورة معرفة تطبيقات الأبناء ومتابعتها دون تجسس.

أما عن دور الإعلام في هذا العالم المظلم، ضرورة عرض المعلومات دون تهويل، ودون كشف طرق الوصول لهذه المواقع مع ضرورة المتابعة الأمنية واستخدام أدوات تحليل الشبكات المشفرة ومراقبة العملات الرقمية.

الويب المظلم ليس مجرد جزء خفي من الإنترنت بل هو منظومة كاملة تسهّل الجرائم وتحوّل العنف إلى تجارة.

جرائم مثل قضية طفل شبرا ومن بعده مدرسة سيدز وهي تُعد من أخطر الأمثلة التي تكشف الوجه الحقيقي للدارك ويب، حيث تتحول الضحية إلى “سلعة” تباع لعصابات تتغذى على الرعب.

المعركة ليست تقنية فقط، بل أخلاقية، مجتمعية، وأمنية — وتحتاج وعيًا عامًا حتى لا يتكرر هذا النوع من الجرائم، الذي يثبت الواقع أنه الظاهر منه حتي الآن ماهو الا قمة جبل الثلج.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.