عبد الناصر البنا يكتب : سامح عبدالعزيز .. وداعا !!

عبد الناصر البنا

أنتفضت الـ Social Media ووسائل التواصل الاجتماعى فجأة أمس على خبر مفجع فى وفاة المخرج سامح عبدالعزيز رحمه الله بواسع رحمته ، وأسكنه فسيح جناته ، وألهم أهله وذوية الصبر والسلوان .

والمتامل لجنازة المخرج سامح عبدالعزيز فى مسجد الشرطة بمدينة ٦ أكتوبر أمس يدرك للوهلة الأولى مدى حب الناس لهذا الرجل صاحب القلب الطيب ، هذا الحب الذى عبرت عنه المواقف أكثر من الكلام ، كما عبرت عنه دموع المشيعين التى إنهمرت ، وتلك التى تحجرت فى المآقى ، الحقيقة أن جنازة سامح عبدالعزيز أمس كانت مظاهرة حب نابعة من القلوب التى إعتصرت حزنا على فقدانه . وهكذا الدنيا ” ميت .. يودع ميت ” .

الزملاء فى القناة الفضائية المصرية التى بدأ فيها سامح عملة فيها عبروا أيضا عن حزنهم الشديد وتأثرهم لفقد أخ عزيز عليهم كان صاحب أيادى بيضاء ، وترك بصمة خالدة مع كل من تعامل معه فى هذا المكان ، وقدم له يد العون والمساعدة ، وجاءت كلمات الرثاء تعبر عن الحالة الوجدانية التى يمر بها كل هؤلاء ، وجاءت كلمات العزاء لزوجته الزميلة دايا فرج وأم بناته ، والتى أدعوا الله أن يربط على قلبها ، ويصبرها وبناتها على فراقه .

سامح الذى إختطفته يد القدر فجأة أنا أسميه ” صاحب القلب الطيب ” ، وهكذا يسميه كل من تعامل معه والحقيقة أن كل من تعامل معه لمس هذا الجانب فى شخصيته ، فهو رغم هذا الجسم الضخم إلا أنه يحمل بين جنباته قلب طفل صغير ، قلب أبيض ناصع لم تلوثه الأيام أبدا ، وعقل أقل مايقال عنه أنه عبقرى بدون اى تكلف أو تزيد ، سامح المولود فى سبتمبر 1976 ، حاصل على درجة البكالوريوس من قسم المونتاج بالمعهد العالي للسينما سنة 1996 .

لم أكن أتخيل فى يوم ما أن أجلس أكتب كلمات رثاء فى سامح عبدالعزيز ، وكأن الموت دوما يضع على أعيننا غشاوة فلا نعرف قيمة الأشياء إلا عندما يباغتنا فجأة ونفتقدها ، رغم أن الموت هو الحقيقة الوحيدة فى هذه الحياة ، سامح كان من النوع الخجول جدا قليل الكلام ، حتى أنه كان دوما يهرب من اللقاءات التليفزيونية ، ويوافق عليها بعد ضغط شديد وإلحاح ، الجميل أنه ينتزع الضحكة من قلبك عندما تتحدث إليه ، هو مبدع حقيقى ، ولاوقت عنده للكلام والثرثرة فى توافه الأمور .

عرفت سامح عبدالعزيز منذ أن وطات قدماى القناة الفضائية المصرية فى أواخر التسعينات وكنت من الرعيل الثانى فى القناة التى إنطلقت فى الـ 12 ديسمبر 1990 ، بوصفها باكورة القنوات فى سماء الاعلام العربى وكان مع سامح مجموعه تعرف بالـ ” سستيم ” تضم سامح وشورى وأحمد حلمى وإسلام والششنجى وإسماعيل فاروق وآيتن الموجى وأسماء تانيه كتيرة تاهت عن بالى ، هذا السستيم هو الذى حمل لواء القناة الفضائية المصرية على أكتافه .

شكلت مجموعة سامح ملحمة حب قدمت للقناة الأفلام التسجيلية القصيرة والتنويهات والبروموهات ومسلسل ” دربكه ” الجميل جدا الذى تم انتاجه فى عام 1998، وكانت تلك الفترة من أجمل فترات القناة الفضائية المصرية أو العصر الذهبى للقناة ، فترة قدم خلالها كل مايجذب المشاهدالمصرى والعربى ، ملحمة الحب تلك قادتها بجدارة المتألقة دوما صاحبة الأفضال علىً ، وعلى كل من وطات قدمه القناة الفضائية المصرية مدام سناء منصور أطال الله فى عمرها ومتعها بالصحة والعافية ، والحديث عن سناء منصور قد يطول ولايسع المقام هنا لذكره ، فقط أذكر أنها كانت هرما من أهرامات مصر الخالدة ، ومدرسة قائمة بذاتها تعلمنا منها الكثير ومازلنا .

سامح عبدالعزيز كان الإبن المدلل لمدام سناء منصور ، وأقدر أقول علية أنه كان ناظر الناحية فى مدرسة سناء منصور ، وله فى قلبها حق إرتفاق ، كم من ذكريات تحكيها لنا مدام سناء عن سامح عبدالعزيز إبنها المدلل كلما إلتقينا بها وجاء ذكر سامح فى أى مناسبة ، فى أحد المرات قالت لنا أن الوزير صفوت الشريف طلب منها فيلما تسجيليا عن مدينة شرم الشيخ بمناسبة زيارة الرئيس مبارك للمدينة لـ إفتتاح أحد المشروعات هناك ، وكان الوقت قصير جدا ، وقامت بتكليف سامح عبدالعزيز بعمل الفيلم ، وتقول أنه أنجز الفيلم خلال 48 ساعه من العمل المتواصل فى وحدة المونتاج 2000 .

وكان سامح مونتيرا بارعا ، تقول مدام سناء جلست معه فى غرفة المونتاج اراقبه وهو يعمل بجد واجتهاد وتركيز شديد لينهى العمل حتى لاحت تباشير الصباح وكنت ابدى بعض الملاحظات من وقت لاخر ، ويبدو انها زودتها حبتين ، تقول طلبت تعديل بسيط قبل نهاية الفيلم ، نظر إليها سامح وضرب بيديه على الديسك ، وقال لها : قومى روحى ، إنت إيه قعدك لدلوقتى يللا روحى . تقول إرتديت حذائى ، ولم أتفوه بكلمة واحدة ومشيت ، وكان الفيلم من أروع الأفلام التى قدمت على شاشة القناة الفضائية المصرية .

أعتقد أنه لايوجد أحد من الزملاء ممن عاصروا سامح عبدالعزيز مخرجا فى القناة الفضائية المصرية لم يكن له ذكرى جميلة أو موقف رجولى كان بطله سامح عبدالعزيز ، سوف تظل الذكريات باقية طول العمر ، والحقيقة أن سامح رحمه الله كان أطيب زميل وأخف دم ، إنتقل سامح إلى قناة دريم ، خلال فترة رئاسة اﻹعلامية هالة سرحان للقناة وقدم خلال تلك الفترة برامج ” جانا الهوا ــ والهوا هوانا ” ثم إنتقل إلى شبكة تليفزيون روتانا ، واخرج العديد من الأغانى المصورة ” فيديو كليب ” .

وفى عام 2005 إتجه سامح عبدالعزيز إلى السينما ، وقدم لها أول فيلم من إخراجه ” درس خصوصى ” بطولة محمد عطية نجم ستار أكاديمى ، وقدم بعده عددا من الأفلام المتميزة جدا منها ” أسد وأربع قطط ــ أحلام الفتى الطايش ــ كباريه ــ حسن طيارة ــ حد سامع حاجة ــ الفرح ــ صرخة نملة ــ تيته رهيبة ــ تتح ــ حلاوة روح ــ الليلة الكبيرة ــ حملة فريزر ــ أبو شنب ــ خير وبركة ــ سوق الجمعة ــ تماسيح الليل ــ الدشاش ” .

وكلها أفلام لاتخلو من التميز والإبداع فى حركة الكاميرا والتصوير والمونتاج والإلمام بكل عناصر العمل الفنية .

وكان سامح على موعد مع الدراما التليفزيونية التى أخرج لها مجموعة من المسلسلات الناجحة بدأها عام 2008 بمسلسل ” كافيه تشينو ” وتوالت أعماله ” الحارة ــ مسيو رمضان مبروك أبو العلمين حمودة ــ فيفا أطاطا ــ بين السرايات ــ رمضان كريم ــ أرض النفاق ــ زي الشمس ــ خيانة عهد ــ حرب أهلية ــ يوتيرن ــ أنا وهي ــ جميلة ــ صدفة ــ رمضان كريم 2 ” .

تعرض سامح عبدالعزيز لوعكة صحية شديدة الأسبوع الماضى ، استدعت دخوله المستشفى ، واكتشف الأطباء إصابته بتلوث في الدم تسبب في تدهور حالته الصحية إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة تاركاً الحزن يسيطر على أصدقائه وأسرته التى رافقته . وصدمة كبيرة للوسط الفنى

بقى أن أشير أننى لن أنسى دعوة فرح سامح عبدالعزيز الجميلة جدا على زوجتة داليا فرج المذيعة بالقناة الفضائئية المصرية ، شقيقة الفنان تامر فرج ، والمخرج وائل فرج ، وأم بناته الثلاثة ” حبيبة ودليلة وجميلة” ولن أنسى اللقاءات التى جمعتنا فى العرض الخاص لعدد من أفلامه ؛ ولا لقاءنا الأخير فى مسجد محمد على بالقلعة فى فرح الزميل اسماعيل فاروق .

كلمات مؤثرة جدا تلك التى كتبتها داليا فرج فى وداعه ” يارب ياحبيبى ماكنش قصرت فى حقك طوال فترة مرضك وبقاءى الى جوارك خلالها ” رحمه الله ورضوانه عليك ياصديقى .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.