عبد الناصر البنا يكتب : بالورقة والقلم .. التعليم !!

عبد الناصر البنا

ويبقى التعليم هو معضلة مصر الكبرى ، وهو الهاجس لكل حكومة ، ليس فى الفترة الحالية وحدها ، بل طوال فترة تاريخ مصر الحديث . دائما وأبدا يقاس تقدم أى دولة من الدول بجودة التعليم فيها ، ولو تأملنا دولة مثل ” ماليزيا ” فى جنوب شرق آسيا نجد أن النهضة أو القفزة التى حقتتها ماليزيا فى تلك الفترة الوجيزة جاءت بفضل إعتماد ” مهاتير محمد ” رئيس الوزراء ، على التعليم فى المقام الأول ، إلى جانب دول أخرى كثيرة كان التعليم هو العامل الأساسى فى نهضتها وتقدمها ، ويأتى على رأسها النمور الآسيوية ” كوريا الجنوبية وتايوان وسنغافورة وهونغ كونغ ” ، والهند والصين .. وغيرها ” .

قضية التعليم فى مصر تشكل ” صداع مزمن ” فى رأس الدولة وأولياء الأمور ، وكل القائمين على المنظومة ؛ وهى

قضية معقدة جدا وفيها تفاصيل كثيرة ومزعجة ، فلسفة التعليم فى مصر بداية غير واضحة المعالم وهى لابد أن

تجيب عن سؤال محدد إحنا عاوزين إيه من التعليم ؟ وإيه شكل ونوعية التعليم والتخصصات إللى إحنا محتاجينها ؟

وهل المعلم مؤهل لـ آداء هذا النوع من التعليم ؟ وهل التعليم فى مصر يلبى إحتياجات المجتمع وسوق العمل ؟

وهل المبانى التعليمية والفصول الدراسية تستوعب هذا العدد من الدارسين ، مع الوضع فى الإعتبار أن الأمر لايقتصر

على المبانى فقط ، وإنما إلى أي مدى تلبى البنية التحتية لهذه المبانى إحتياجات الدارس

وأمامنا تجربة د. طارق شوقى مع المنصات وإنقطاع خدمة الانترنت والإمتحان ورقى أم ON LINE وحاورينى

ياكيكى . وبعدها يأتى السؤال الأهم عن مقدار الدعم الذى تقدمه الدولة للتعليم ، نعم أحلامنا وطموحاتنا لاحدود لها

، لكن ليس كل مايتمناه المرء يدركه ، دايما الإمكانيات المادية هى الصخرة التى تتحطم عليها كل الآمال والطموحات

، وأصدقكم القول أنها ليست نظارة سوداء ولكنها الواقع الذى نعيشه .

أى تعليم نحتاج وبأى جودة ، وماهى مواصفات الخريج المطلوب لسوق العمل ، عشرات بل مئات الآلاف من خريجى

الجامعات المصرية سنويا بدون عمل ، ببساطة لان سوق العمل ليس فى حاجة لهذا الكم المهول من خريجى

الجامعات ، وكم من هؤلاء الخريجين هو المؤهل ، وانت قرير العين بنسبه لاتتعدى الـ 10 % وهذا الرقم من خلال

الإحتكاك المباشر بخريجى الجامعات ، ومدى تدنى المستوى العلمى والمعلوماتى لديهم .

وحتى نكون منصفين الدولة فطنت مؤخرا بخطوة جاءت وحتى وإن كانت متأخرة إلا أنها أتت فى وقتها ” أن تأتى

متأخرا .. خيرا من أن لاتأتى ” حسنا فعلت الدولة بالإتجاه نحو التعليم الفنى والتكنولوجى لتلبية متطلبات سوق

العمل ، والحمد لله وهذا ما لمسته بنفسى أن لدينا خريجين من تلك المدارس والجامعات لايقل الطالب منهم عن

مثيله فى أى دولة من دول العالم المتقدمة ، بل أن الفرصة متاحة امام الطالب لتكملة دراسته الجامعية أو الدراسات

العليا ، وكذلك البعثات والسفر للخارج من أجل سد حاجة سوق العمل المحلى وأيضا لـ أسواق الخارج !!

منظومة التعليم الجامعى أيضا توسعت الدولة فيها توسعا كبيرا ، وأنشأت إلى جانب الجامعات الحكومية الجامعات

الأهلية والخاصة ، وحسنا فعلت عندما إشترطت أن يكون لكل جامعة جديدة تفتتح ” توأمة ” مع إحدى الجامعات

العالمية المشهورة ، وكذلك مستنشفى جامعى بإشتراطات معينة للنهوض بقطاع الصحة ، قصدت أن أقول أن هناك

خطوات ملموسة على أرض الواقع .

على الرغم من الضجة التى أثيرت عند إختيار د. محمد عبداللطيف وزيرا للتربية والتعليم فى التشكيل الجديد لحكومة

م. مصطفى مدبولى ، حول شهاداته الجامعية ، وما إن كان لدية خبرة لإدارة المنظومة المعقدة جدا للتعليم فى مصر

.. إلخ .

وهى الضجة التى تابعناها جميعا على منصات التواصل وغيرها ، على أرض الواقع المقياس عندى مثل

شعبى يقول ” العلم فى الراس مش فى الكراس ” قد نتفق أو نختلف حول هذا المثل ولكن ليس هذا موضوعنا ، أنا

رأيى نعطى للرجل فرصة وبعدها نقيم . نعم أعلم عزيزى القارىء أنك سوف تقول ليس لدينا رفاهية التجربة ، أنا لا

أنظر إلى الشهادات كونها معيار للتفوق ، ولدى عشرات بل مئات الأمثلة فى الداخل والخارج ، كم من ناجح فى هذا

البلد لايملك شهادة . الوزيرة عائشه عبدالهادى وزيرة القوى العاملة المصرية السابقة أطال الله فى عمرها كانت

نقابية ونائب رئيس إتحاد نقابات مصر ؛ وكانت وزيرة ناجحة طوال فترة توليها هذه الحقيبة الوزارية الهامة جدا الفتره (

2006 ـ 2011 ) ماهى شهاداتها ومؤهلاتها ؟ .

ليخ فاليسا زعيم حركة تضامن المحظور نشاطها فى بولندا ، إعتلى السلطة وكان عامل كهربائي لم يكمل تعليمه

بعد ، فى إنتخابات عام 1990 فاز فاليسا عامل الكهرباء الغير متعلم فوزا كاسحا ، بل وأصبح من أبرز رموز الإصلاح

السياسي فى بولندا ، كما أنه فاز بجائزة نوبل للسلام ، ويحسب لـ فاليسا أيضا أنه أدان نشر رسوم كاريكاتورية

مسيئة للرسول ﷺ في احدى صحف بولندا .. وهناك أمثلة أخرى كثيرة .

وحتى لاندفن رؤسنا فى التراب لابد من التفكير خارج الصندوق ، ولابد من وضع حلول بعيدا عن التنظير ، وأنا كان من

أكثر النقاط التى تشغلنى فى منظومة التعليم فى مصر بعد إفشال البرنامج الطموح الذى بدأه د. طارق شوقى جلال

، وأنا أعى كلمة ” إفشال ” التى قادتها ضده مافيا ” الدروس الخصوصية ــ والكتب الخارجية ” التى تدر عوائد تقدر

بالمليارات ، وخطا الوزير أنه تعمد أن يطبق المنظومة أفقيا ، وكان يجب عليه تطبيقها مرحليا خاصة وأن هناك

محافظات بعينها كانت غير مؤهلة لذلك ، ولاعجب أنها إستخدمت التابلت الذى كلف الدولة مليارات ك صينية لتقديم

الشاى عليها ، وأما الدكتور رضا حجازى الذى نادى فى أول تصريح له بتقنين وضع ” سناتر ” الدروس الخصوصية ، بدأ

فاشلا فى إدارته للمنظومة ، وكان أول القصيدة كفر .

تعظيم سلام لرجل أثيرت جوله ضجة كبيرة أنه يعمل بدون بروبجندا ، أنا معجب جدا به ، وتحية واجبة له ، وأقول له

من خلال قراءتى ومتابعتى للقرارات الأخيرة وعلى رأسها ” مسودة النظام الأساسى الرسمية الجديدة للتعليم فى

مصر ” التى تحتوى على بنود تعيد للمدرس وللعملية التعليمية هيبتها وكرامتها التى أهدرت على قارعة الطريق ،

وتعيد للعملية التعليمية الإنضباط الذى إفتقدناه لسنوات طوال ، وأنا أرى أنها تضرب 100 عصفور بحجر واحد ، كونها

تضع قواعد صارمة لأن يكون هناك يوم دراسى كامل فى المدرسة ، وكونها أطلقت أيضا منصات تعليمية للقضاء على

ظاهرة الدروس الخصوصية ، إلى جانب أنها ضربت فى مقتل مافيا ” الكتب الخارجية ” وأقولها بكب صدق

لو نجحت يادكتور عبداللطيف فى تطبيق اليوم الدراسى الكامل والقضاء على مافيا الدروس الخصوصية والكتب

الخارجيه ، وأنا من موقعى هذا أدعوا الله أن يوفقك . فانت تستحق أن يقام لك تمثال فى ميدان عام ، مثل عميد

الأدب العربى الدكتور طه حسين صاحب مقوله ” التعليم كالماء والهواء ” .

وفى النهاية أقول : إذا خلصت النوايا صلح العمل .. حفظ الله مصر وأهلها وقيادتها من كل سوء ومكروه ودائما وأبدا ”

تحيا .. مصر ” !!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.