الدكتور محمود فوزي بدوي يكتب :  هل يصلح الغش حلا ؟!

الدكتور محمود فوزي

من منا  يمكن أن يدرك أن هذه الحياة يمكن أن تسير دون نظام دقيق وثابت يحقق لها الاستقرار وضبط المسار، ويضمن في الآن عينه تحقيق الفرص المتكافئة للسلوك الكريم الذي ينسجم مع هذا النظام ويعمل على استمراريته وبلوغ غاياته ؟!!!

لقد خلقنا الله الرحمن بمقومات وخصائص ربانية كريمة تتناسب مع عظمة الانتظام الكوني، وهي تميز الانسان لأنه خليفة الله في أرضه ويحمل أمانة التكليف، وعليه تقع مسؤولية عمارة الكون بما آتاه الله من قيم وموجهات للسلوك الايجابي تساعده بشكل كبير على الوفاء بهذه الغايات والالتزام بمنهج التقوى وطريق الله المستقيم …

أحبابي أشعر بمرارة كبيرة وألم لأن بعضنا قد يحيد عن الطريق والمنهج، ويتخذ من أسباب غير حقيقية مبررات لسلوكه غير المنضبط والذي يبتعد كثيرا عن القيم الأصيلة والثوابت التي يقرها المجتمع وترسم مسارات تميزه وتخلقه ورسوخه، فلقد كثر ما يمكن ملاحظته أن مسلك الغش الطلابي في الامتحانات، صار سبيلا يتخذه بعض الطلاب، وكأنه هو طوق النجاة للتخلص من حالة من التوتر والضيق والقلق والشعور بالضغط والترقب، الى نتيجة يحمدها من على طريق الغش سالك، لأنه سوف يحقق النجاح، أو اجتياز مرحلة الى أخرى …

واذا جاز لنا أن نقر بأن هناك أسبابا للغش الطلابي هي المسئولة عن هذا السلوك الطلابي غير الحميد ، أو الصحيح ، ومنها على سبيل المثال لا الحصر ، غياب الوازع الشخصي والأخلاقي للفرد ، أو أمن العقوبة و الجزاء ، أو الارتكان إلى وهم ضعف التحصيل وعدم القدرة على الاستيعاب ، أو ضيق الوقت ، أو حالة القلق من الرسوب وضياع الجهد ، أو الشعور بالمسئولية الاجتماعية والوالدية ، والخوف من الفشل والرغبة في اظهار القدرة على النجاح ولو بطرق غير شرعية ، أو لأن المناهج صعبة ، أو لأن العقل لم يعد يستوعب أو يدرك ما يفرضه النظام أو أساتذة المواد من تكليفات مقترنة بالمقررات ، أو أن المطلوب هو مجرد ورقة (شهادة) لا أكثر ….الخ . من أسباب دافعة لحالة أو أخرى للغش الطلابي، والذي تتعدد أشكاله من أوراق مصاحبة (برشام)، أو بعض التسجيلات، أو التواصل الالكتروني عبر المحمول، أو الكمبيوتر الشخصي (تابلت، آى باد)، .. الخ.

كل ما سبق ذكره من أسباب دافعة لحالة أو أخرى للغش الطلابي في الامتحانات، لو أعملنا عقولنا فيها على مقياس

تقوى الله، والرغبة في اعطاء كل ذي حق حقه، والعدل بين الناس، واسناد الأعمال الى أصحابها، وتقدير المجتهدين

منا، ورغبتنا في عدم تضييع الحقوق، وحرصنا الكامل على التميز والتطور، وبلوغ الغايات بمهارة ومعرفة واستحقاق

ملموس، نضيف الى ذلك أن الله يبارك عمل المجتهدين المخلصين النابهين العاملين المقرين بمدد الله وعونه وتوفيقه

لكل من التزم طريقه المستقيم الذي يوصل الى مرضاته …

لو أنا حرصنا على مقياس تقوى الله من أنفسنا ومن الضمير الجمعي ومن قيم المجتمع ، ومن دوافعنا للرقي والريادة

عن مقدرة حقيقية وأصالة واستحقاق ، ومن رغبتنا أن نكون قدوة حسنة لغيرنا ، ودافعا كريما لمسلك مستقيم ، فو

الله سيترك ضعاف الايمان منا والمتواكلون والمتحججون ، والكسالى والغشاشون ، والكذابون ، مسلكهم هذا

المشين ، وسوف يلجأون الى الله ليعاونهم على الالتحاق الحقيقي بالركب ، والى نيل المنى والغايات وتحقيق

الأهداف ، ولكن بتوفيق الله ورضاه ، ورضا الجمع الذي لا يقبل من يغشه ، “فمن غشنا ليس منا” ، ولا يصلح الغش

في كل أحواله حلا أبدا …

فالزم يا عبد الله بما أمر به الله يؤتك الله أجرك غير منقوص ويرضى عنك ويبارك لك في كل أمورك …

كاتب المقال أستاذ أصول التربية

ووكيل كلية التربية جامعة المنوفية

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.