الكاتب الصحفي عصام عمران يكتب : ” قرية المشاتل “.. تقهر المشاكل  !!

الكاتب الصحفي عصام عمران
يوجد فى مصر قرابة  خمسة  آلاف قرية يتبعها اكثر  من  ثلاثين ألف عزبة ونجع ، تمثل نسبة  57 % من سكان مصر ، واستطاعت العديد من هذه القرى  بصناعاتها وحرفها – أن تكتسب شهرة كبيرة على المستوى المحلى والخارجى ، مما أسهم فى تحسين دخل أسر تلك القرى وتوفير فرص عمل للشباب،
ومن ثم خروجها من اللائحة العالمية  للقرى الأكثر فقراً ، حتى أن الكثير من هذه القرى بات ينافس على المراكز الأولى من حيث الإنتاج والتصدير لمختلف أنحاءالعالم.
وقد اتجهت الحكومة المصرية مؤخرا عبر برامج تحفيزية إلى دعم هذه القرى بالمشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر ومن بين تلك البرامج إتاحة فرصة وجود مصنع فى كل منزل، فهناك قرى  تعمل فى الصيد ، وقرى تشتهر بالتجارة ، وأخرى يمتهن أهلها النقاشة وأعمال الحدادة ، وبعضها يصدر شتلات الفاكهة والزهور  ، بل والعطور الخام إلى أوروبا وأمريكا،
الأمر الذى جعل أبناء هذه القرى لا يعرفون البطالة فى حياتهم ويودعون المشاكل نهائيا .
أقول ذلك بمناسبة ما قرأته مؤخرا عن قرية “بتبس” التابعة لمركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية التى تتميز بلونها الأخضر والشتلات الخضراء لجميع أنواع الفاكهة ،
وعلى الرغم من صغر مساحتها وتعداد سكانها الذي لا يتجاوز عشرة آلاف نسمة، إلا أنها تم تصنيفها كمركز أول في مصر والعالم في تصدير الشتلات ، الأمر الذي جعلها  إحدى قلاع تصدير الشتلات الخاصة بالفواكه والموالح، وذلك منذ أكثر من 150 عامًا.
ووفقا لما تناولته بعض وسائل الإعلام المحلية والعالمية ، فإن القرية اكتسبت شهرتها وتميزت بالزراعة وتصدير شتلات الفاكهة بقيمة 20 مليون دولار سنويًا إلى الدول العربية وبعض الدول الإفريقية.
ويحرص أهالي القرية على دراسة أولادهم في مجال الهندسة الزراعية، التي تساهم في تطوير أعمالهم الخاصة في صناعة وتطوير الشتلات. كما يحرص سكان القرية دائمًا على مواكبة التقدم في هذه الحرفة التي تعد مصدر دخلهم الأساسي والوحيد، وتشهد تطورًا كبيرًا ومستمرًا في تطعيم الشتلات الزراعية.
و تلك المهنة كانت ولا تزال الموروث الأساسي لأهالي القرية وعملوا على تطويرها وتنميتها ،  فمعظم شباب القرية عملوا في مشاتل، وبعد ذلك افتتحوا مشاتلهم الخاصة في وقت قياسي وطوروها ، بل  أن معظم سكان القرية ورثوا هذه المهنة عن أجدادهم.
وهو ما ساهم بشكل كبير فى نجاح القرية للقضاء على  البطالة والتغلب على كافة  المشاكل ، حيث لا يوجد بها
عاطل، ولا يعمل شبابها في محافظة أخرى بسبب جاذبية رواتب المشاتل وفرص العمل بجوار المنزل التي توفر
الحرفة والوقت والجهد وتقلل الحاجة للسفر إلى محافظات أخرى ، أو حتى إلى الخارج .
الجميل أن قرية ” بتبس” اشتهرت  ووصل صيتها للخارج، حيث تُعد الأولى في مصر في التصدير ، خاصة فيما يتعلق
بشتلات الموالح وشتلات “الحلويات”، والتي تشمل زراعات مثل التفاح والخوخ والمانجو والمشمش والبرقوق.
و سعى أهالي القرية إلى جلب أنسجة النخل البارحي والمجدول من الخارج ويجري إدخال بعض التجارب عليها
والاستفادة من الخبرات المصرية لتوطين زراعة النخل المتميز في مصر ،
ويعد ذلك طفرة كبيرة في إنتاج البلح ، و كذلك يعمل الأهالى على مشروع جديد ويطورونه من أجل استنباط أقوى
سلالات التمور، حتى تكون مصر المصدر الأول لها بدلا من استيرادها ، وهذه هي النماذج التى يجب دعمها
والاهتمام بها وإبرازها لتكون قدوة لغيرها من القرى فى شتى محافظات الجمهورية .
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.