” نص رغيف ” .. قصة قصيرة للإعلامي محمود عبد السلام 

الإعلامي محمود عبد السلام
مد أصابعه النحيلة ، تناول بعض أرغفة الخبز من قفص العيش المجاور لقدرة الفول .هش بيديه أسراب الذباب المتموضعة فوق المشنة .توجه ناحية المائدة البالية التى بالجوار .أزاح بقايا الطعام والأوساخ إلى الجنب .. حك أرغفة الخبز ببعضها ثم نفضها من الردة وبقايا التراب العالقة .نظر إلى الصبى الواقف أمامه وطلب طبقا من الفول
قال الصبى :سلطة. .بيض .. طعمية
نظر إلى النقود بكفه وقال لا . قسم الرغيف الأول إلى نصفين ثم طبق النصف الأول إلى لقمة كبيرة حرص عند وضعها فى طبق الفول أن تلامس الحافة فقط ، ووضع اللقمة الكبيرة فى جانب فمه فكونت كرة كبيرة فى وجهه أخذ يلوكها باستمتاع ثم بدأ فى المضغ .
ظفرت دمعة من عينه عندما وصلت أول بشاير الخبز المغمس بالفول من فرط لذته ، فهو لم يتناول الطعام منذ ثلاثة أيام
أخذ النصف الثانى ومرره على الحافة الأخرى من طبق الفول وحرص ألا يحمل جزءا كبيرا من الغموس ، وضع اللقمة
الكبيرة فى الجانب الآخر من فمه فانتفخ الجانب الثانى من وجهه ، وبدا كأنه متورم الوجه ،أخذ يلوك اللقمة الكبيرة
باستمتاع حريصا على ألا يبلعها سريعا ، ماءت قطة تحت قدميه ، نظرت إليه ونظر إليها ثم أبعدها بقدمه وأشاح
بوجهه عنها ..
اقتربت أكثر وبخفة قفزت فأصبحت بجانبه على المائدة .أخذت تتشمم طبق الفول وأرغفة الخبز .. نهرها وأبعدها
لكنها عادت مرة أخرى ..
نظر اليها فرفعت رأسها ونظرت إليه فى عينيه ..
أحس أنها تشكو إليه ألم الجوع الذى كان يعيشه منذ لحظة . . قطع لقمة ووضعها فى طبق الفول وتركها أمامها
خطفت القطة اللقمة وجرت إلى الجانب تزدردها وهى تحرك رأسها يمنة ويسرة وتتفزع من حركة الناس حولها .. نظر
إليها .. نظرت إليه ورفعت وجهها .. لاحظ دمعة فى جانب عينيها
توالت اللقم الذى يضعها أمام القطة .. تشجعت وقفزت مرة أخرى تشاركه المائدة. قطع صمت المكان صوت سيارة
فارهة يصدح منها أغنية مهرجانات يقودها رجل تبدو عليه علامات الثراء التى تبدو على أنصاف المتعلمين ،وفى
الخلف يطل من الشباك كلب أسود كبير مخيف يحيط بفمه لعاب لزج وغزير
توقفت السيارة أمام مطعم الفراخ المجاور ..
نزل صاحب السيارة وفتح الباب للكلب ، قفز سريعا وأخذ يعدو يمنة ويسرة ويتشمم الحضور والأشياء
نده عليه صاحبه ليتناول وجبته من الفراخ .. عدا الكلب سريعا نحو الفراخ المرصوصة بعناية على صينية كبيرة ونظيفة
التهم الكلب الفرخة الأولى فى لحظة ، وقبل أن يبدأ فى الثانية قفزت القطة من المائدة نحو صينية الفراخ . أصدر
الكلب صوتا مفزعا ، وزمجر بشدة مستعدا للهجوم على القطة ..
وفى لحظة وثب عليها وأمسك بها بين فكيه ..
سادت حالة من الفوضى فى المكان وانشغل الجميع بمشهد القطة وهى تتمزق بين فكى الكلب .. وبينما الجميع
منشغل قفز هو إلى صينية الفراخ .. وتناول الفرخة الأخرى ثم أطلق لقدميه العنان لتسابقا الريح
يقول صاحب عربة الفول عنه وهو يضحك إنه لم يتوقف عن الجرى حتى توقف قلبه عن النبض وسقط مغشيا عليه
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.