الإعلامي محمود عبد السلام يكتب : نافذة حلمى بكر

الإعلامي محمود عبد السلام

منذ زمن بعيد وأنا أحاول أن أجد تفسير للموت ، حركة دائبة للحياة ثم …التوقف فجأة ، ويخرج أحدنا من المشهد وتُسْتَكمل باقى فصول المسرحية ،

كل ما حدث هو خروج شخصية ودخول اخرى فى نفس التوقت ، وتكتمل الدوائر ويمر الوقت ، نحزن قليلاً ثم تجذبنا الحياة بسحرها مرة آخرى ، تعدنا بأشياء لا تتحقق وقليلاً من تلك الوعود يحدث ، وتستمر العجلة فى الدوران ،

تعرفت على الموسيقار حلمى بكر أول مرة فى منزله بالطابق الأرضى بأحدى عمارات حى المهندسين ، عَرَفَتْنى به الزميلة إيمان عليان رئيس شبكة الشرق الأوسط بالإذاعة المصرية فيما بعد ذلك ،

قمنا نحن الأثنان بالتسجيل معه فى برنامجى لحظة إبداع ، أستقبلتنا وقتها أبنة خالة الفنانة أصالة زوجته فى حينها

، تحدثنا عن الأبداع فى الموسيقى وأفاض علينا بالكثير من تجاربه الأبداعية ،

وبينما كان يتم التسجيل كان يحكى لنا مواقف حياتيه مر بها فى الوسط الفنى بعضها كان يصلح للتسجيل وأكثرها

تحذفة الرقابة إذا عرض عليها ، وقتها فسرت جرأة حلمى على أنها شطط المبدعين ،

ومرت الأيام حتى توليت رئاسة الفضائية المصرية بتكليف من الدكتورة درية شرف الدين الإعلامية المثقفة ووزيرة

الإعلام وقتها ،

كنت أحمل الكثير من الطموح لتطوير المصرية بعد فترة من الركود ، تقدمت بخريطة برامجية مطورة لرئيس قطاع

التلفزيون الزميل والمخرج المبدع مجدى لاشين ، تضمنت الخطة البرامجية تطوير برامج المنوعات ببرنامج يقدمه

الموسيقار الكبير حلمى بكر ، وأطلقت على البرنامج اسم ( والله زمان ) تناولنا فيه على مدار أكثر من مئة حلقة

أشهر الألحان المصرية وملحنيها ،

البرنامج كان محاولة لأعادة الجدية والفكر المنضبط لتقديم جرعة موسيقية ثقاقية للمشاهد من خلال موسيقار كبير

مثل حلمى بكر ، تم التعاقد مع بكر بهدوء ولم يبدى أستيائه من المقابل المادى القليل بل أعتبره جزء من مساهمته

لتطوير التلفزيون المصرى ،

عندما كانت تجمعنا أحاديث جانبية كنت أستشعر أن صلابة حلمى بكر وحدته تخفى خلفها قلب رقيق طيب مفعم

بحب الحياة ، وأعتبرت أن تلك التصرفات هى الأشواك التى ينثرها الفنان حوله حتى لا يتعدى أحد حدوده معه ،

فى أحد الأيام مر بوعكة صحية ورغم ذلك أصر أن يأتى إلى الأستوديو لتسجيل الحلقة ويومها قررت أن أترك مكتبى

وأنزل أتابعه فى الأستوديو للعمل على راحته ، وتقديراً لموقفه ،

نزلت معه لتوصيله إلى سيارته ، وتعرفت على السيدة زوجته ، كانت حريصة على القيام بدورها على الأهتمام به ،

لكن فرق السن بينهما كان ملفت للنظر ، وأعتبرته بينى وبين نفسى أن المبدع ضرورى له أن يملك نافذة يطل منها

على الحياة ، وليس أجمل من أمرأة جميلة تكون زوجة على سنة الله ورسوله ،

حلمى بكر أحب الحياة متى أستطاع إليها سبيلا ، ثم أدارت له محبوبته ظهرها فى أيامه الأخيرة .

رحم الله حلمى بكر وأسكنه فسيح جناته .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.