الدكتور صفوت حاتم يكتب : الإحتلال عارياً من الشرعية الأخلاقية !

د . صفوت حاتم
كثيرا ما ألححت في مقالات ودراسات سابقة على مفهوم ” الشرعية الأخلاقية ” في صراعنا مع العدو الصهيوني ..
ومن المعلوم أن العدو كان قد شيد خلال ثلاثة أرباع القرن بناءً من الأكاذيب تقوم على بضعة أفكار بسيطة ..لكنها تشكل جوهر وبذرة الدعاية والبروباجندا الصهيونية .. منها على سبيل المثال وليس الحصر :
1- أن دولة إسرائيل هي دولة صغيرة متقدمة علميا وحضارياً وإنسانيا تقع وسط هيولي عربي شاسع من التخلف والتوحش العربي .. وهي بهذا تنتمي للغرب أكثر مما تنتمي للشرق المتخلف .
2- أن دولة الإحتلال دولة ديموقراطية وحيدة في المنطقة وسط هيولي عربي من الإستبداد الشرقي من أنظمة يحكمها مستبدون وديكتاتوريات ملكية وجمهورية تسحق مواطنيها وتستعبدهم .. وأنها بنظامها السياسي الديموقراطي تستقطب الدعم والتأييد الغربي لنموذجها السياسي التحديثي ..وتحشد وراءها تعاطف الشعوب الغربية .
3- أن دولة الإحتلال تمتلك افضل منظومة عسكرية في المنطقة وأن يدها يمكن أن تذهب إلى أي مكان في المنطقة الممتدة من باكستان حتى تركيا .. ومن إيران حتى المغرب العربي وشواطيء الأطلنطي والصحراء الأفريقية .. فضلا عن إدعائها بأنها تملك خبرات استثنائية في موضوع مكافحة الإرهاب الفردي ومنظمات الإرهاب من خلال مؤسسات استخباراتية عديدة منتشرة في كل العالم وتسيطر حتى على مؤسسات استخباراتية داخل النظام الإقليمي العربي.. بل ادعائها أنها تملك مفاتيح تصلها بحكام ووزراء عرب وأنها تملك القدرة على تحريك هؤلاء من خلال خيوط تملكها وحدها .
4- وهكذا تقدم نفسها كأرقى نظام مؤسساتي في العالم لمكافحة الإرهاب .. بل تعرض للعالم في هذا المجال من خلال خبراء عسكريين وأمنيين في مكافحة عمليات الإرهاب بالعنف والقسوة المطلقة من خلال هدم منازل الشباب المقاومين على رؤوس أهلهم واعتقال ذويهم كالأمهات والزوجات والأشقاء لفترات طويلة .. الخ .. الخ .
5- كل هذه الوسائل اللاأخلاقية والمنتهكة لكل القوانين والأعراف الدولية تغلفها بغلاف براق من حق الدفاع عن النفس وحماية السكان المدنيين من وحشية ” الإرهابيين والمخربين” ..دون أدنى تمييز بين أطفال وبالغين .. نساء أو رجال ..المهم أن يشعر الفلسطينيون بالرعب والخوف والتوجس افرادا وجماعات .. من يد الإحتلال الدائمة والباطشة كأسلوب وقائي من أي اعتداءات عليها .
وبغض النظر عن نسبة الكفاءة التي حققتها دولة الإحتلال في المجالات السابقة , فإن ما حدث في السابع من أكتوبر 2023 أدى إلى انهيار كل تلك المنظومة الدعائية التي شيدها الإحتلال على مدار ثلاثة ارباع القرن ..
فقد رأت شعوب العالم .. وشاهدت بالصوت والصورة مالم تكن تتصوره من وحشية وهمجية وقسوة للدولة التي تدعي التحضر والديموقراطية والمظلومية الدائمة .. ورأت شعوب العالم ماذا تعني كلمات مثل : احتلال .. إبادة عرقية .. تمييز عنصري وأبرتهايد ..نفاق دولي .. لا مبالاة بالقوانين .. لا مبالاة بالإنسانية ..الخ ..
كل ما كانت تشاهده البشرية من افلام السينما عن النازية والفاشية , صارت تراه واقعياً لحظة بلحظة .. وهو فوق الخيال والتصور !!
وهكذا فقدت دولة الإحتلال منظومة كاملة من البروباجندا والأكاذيب المدروسة والممنهجة التي تحميها من غضب الشعوب .
لكن هل يمكن أن نراهن على ذلك طويلاً في صراعنا مع العدو ؟
بالقطع لأ ..
فالشعوب سرعان ما تنسى الصور المؤلمة والمعذبة للضمير .. وتحاول أن تنساها بسرعة تخففاً من ألمها ..
وواجبنا الأول الأن أن لا نجعل الشعوب الحيّة تنسى جرائم العدو .. وواجبنا أن نجعل ضمير الشعوب حيا ومثقلا بعقدة الذنب تجاه الشعب الفلسطيني كما جعلوا هم ضمير الشعوب الغربية مثقلا بعقدة الذنب تجاه الهولوكست ومحارق الغاز التي روج لها العدو على مدار أكثر من ثلاثة أرباع القرن ..
لكن هل هذا هو واجبنا الوحيد ؟
بالقطع لأ ..
وللحديث بقية !
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.