إبراهيم نصريكتب: .. بما كسبت أيدى الناس

الكاتب الصحفى إبراهيم نصر
الكاتب الصحفى إبراهيم نصر

ونحن فى أجواء انعقاد القمة العالمية للمناخ “COP ٢٧” بشرم الشيخ، ينبغى ألا يفوتنا التذكير بقول الحق سبحانه وتعالى: “ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” [الروم: 41]،

فما تغير المناخ وما تبعه من فساد فى الأرض إلا بما كسبت أيدى الناس: فساد معايش الناس ونقصها،

وحلول الآفات بها، وفي أنفسهم من الأمراض والأوبئة وغير ذلك، بسبب ما قدمت أيديهم من الأعمال الفاسدة

المفسدة. “لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا” أي: ليعلموا أنه المجازي على الأعمال فعجل لهم نموذجا

من جزاء أعمالهم في الدنيا “لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ” عن أعمالهم التي كانت سببا فيما لحق بهم من العقوبات الإلهية التي يرسل بها المولى – عز وجل – على من يستحقها من أهل الأرض بسبب معاصيهم وظلمهم، وذلك حيثما كان مقامهم سواء كانوا في المدن أو الأرياف، وسواء كانوا قرب البحر أم في أعماق الصحراء.

فمن الصفات التي يتصف بها رب العزة ـ سبحانه -: الحكمة والعدل، فهو الحكيم الذي يضع كل شيء في موضعه، فلا ترى في صنعه اختلالا، ولا في حكمه تناقضا. وهو العدل الذي لا يظلم العباد، قال عز وجل: (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [ق: 29]، ومن مقتضى حكمته وعدله: أن قال: (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون) [الأنعام: 131].

من ظلم الناس: الغش في المكيال والميزان

ومن الفساد الذي يعاقب به المولى – عز وجل -: القحط، وقلة الأمطار، والأمراض، والأوجاع، والرياح والأعاصير المدمرة لكل شيء بإذن ربها،

والزلازل والخسف، والإغراق والطوفان، وإرسال الجراد، وإنزال أمطار الحجارة، وإذهاب الأمن، وزرع الخوف، وتسليط الظالمين على الظالمين،

قال تعالى: “فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ

وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ” [العنكبوت: 40].

ومن ظلم الناس: الغش في المكيال والميزان، وقد جاء في الحديث: “ولم ينقصوا المكيال والميزان إلا أخذوا بالسنين وشدة المؤنة

– أي الغلاء – وجور السلطان عليهم”. ومن ظلم الناس: منعهم الزكاة، ومنعهم أداء حقوق المؤمنين، وفي الحديث:

“ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء ولولا البهائم لم يمطروا”. ومن ظلم الناس: نقضهم للعهد مع الله – عز وجل -،

وجاء في الحديث: “ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط عليهم عدوا من غيرهم فأخذ بعض ما في أيديهم”. ومن ظلم الناس:

ظهور العري والزنا والفواحش، وقد جاء في الحديث: “ولم تظهر الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع

التي لم تكن مضت في أسلافهم الذين مضوا”.

لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا

ثم بين عز وجل حكمته في ذلك، فقال: (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا)، وهذا من رحمة الله ـ تعالى ـ بنا، إذ لو عاملنا بعدله لأهلكنا

كما أهلك الأمم، أو لسلط علينا عذابا لا ينقطع، ولكنه البر الرحيم إذا عذب الناس إنما يعذبهم ببعض ما عملوا لا كله، فما أكثر معاصينا،

وفي المقابل ما أكثر نعم الله – تعالى – علينا، وإذا عاقبنا فإنما يعاقبنا بسلب بعض النعم التي أنعم بها علينا: (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)

وهذا من رحمة الله ـ تعالى – أيضا، فكثير من الفساد وكثير من المصائب والعقوبات إنما هي بمثابة الموعظة والتذكير للناس

حتى يتوبوا وحتى يرجعوا.

لعلنا ننتبه، ولا نكون كاليهود الذين وصفهم الله ـ تعالى ـ بأنهم “يخربون بيوتهم بأيديهم..”.

اللهم احفظ مصر وشعبها، واجعلها فى أمانك وفى ضمانك، وسلمها من كيد الكائدين، ودعاوى المبطلين من أهل الشر المجرمين المأجورين،

اللهم آمين.

Ibrahim.nssr@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.